يصيخُ للنبأة ِ أسماعهُ |
إصاخَة َ النّاشِدِ للمُنْشِدِ |
و تمتْ إلى أجوازها وتقلقلتْ |
قلائدُ في أعناقها لم تقضبِ |
كأنَّ على أعطافهَ ثوبَ مائح |
وإن يُلقَ كَلبٌ بين لِحْيَيْه يَذْهَبِ |
فلـماً فنى ما في الكَنائِنِ ضَارَبُوا |
ووازَنَّ من شَرقِي سَلمَى بِمَنْكِبِ |
كأن سَدَى قُطْنِ النَّوادِف خَلفَهـا |
إذا اسْتَودَعَتْهُ كُلَّ قَـاعٍ ، ومِذْنَبِ |
إذا انْصَرَفَـتْ من عَنَّة ٍ بَعْدَ عَنَّة ٍ |
وَ جرسٌ على آثارها كالمؤلبِ |
أَنَخْنَا فَسُمْنَاهَا النّطافَ فَشَارِبٌ |
قَليلاً وآبٍ صَدَّ عن كُلِّ مَشْرَبِ |
إذا هَبَطَـتْ سَهْلاً كأنَّ غُبَـارَه |
بجانبه الأقصى دواخنُ تنضبِ |
تصانعُ أيديها السريحَ كأنها |
كلابُ جميعٍ غرة َ الصيفِ مهربِ |
وَفِينا تَرى الطُّوْلَى وكُلَّ سَمَيْدَعِ |
يُرَادَى به مَرْقَاة ُ جِذْعِ مُشَذَّبِ |
كَأنَّ رِعَالَ الخَيْلِ لـمَّا تَبَدّدَتْ |
بَوَادِي جَرَادِ الهَبْوَة المُتَصَوَّبِ |
و شدَّ العضاريطُ الرحالَ وأسلمتْ |
إلى كُلِّ مِغْوَارِ الضُحَى مُتَلَّببِ |
وَهَصْنَ الحَصَى ، حتَّى كأَنَّ رُضَاضَة َ |
ذُرَى بَرَدٍ من وَابِلٍ مَتحلِّبُ |
إذا انقلبَتْ أدتْ وُجُوْهاً كريمة ً |
مُحَّببـة ً ، أدَّيْـنَ كُلَّ مُحَّبـبِ |
فلمْ يرها الراوون إلاَّ فجاءة ً |
بِوَادٍ تُناصِيـه العِضَاهُ مُصَوَّبِ |
يُبَـادِرْنَ بِالفُـرْسَانِ كُلَّ ثَنِيَّـة ِ |
جنوحاً كفراط القطا المتسربِ |
خدتْ حولَ أطنابِ البيوتِ وسوفتْ |
مراداً وإن تقرعْ عصا الحربِ تركبِ |
ضوابعُ تنوي بيضة َ الحيَّ بعدما |
أذَاعَتْ بِريْعَانِ السَّوَامِ المَعزَّبِ |
و عارضتها رهواً على متتابعٍ |
شَدِيدِ القُصَيْرَى خَارِجِـيٍّ مًحَنَّبِ |
رَأى مُجْتَنُو الكُرَّاثِ من رَمْلِ عَالِجٍ |
رِعَالاً مَطَتْ من أَهْلِ سَرْحٍ وتنضُبِ |
كأن على أعرافهِ ولجامه |
سنا ضرمٍ من عرفجٍ متلهبِ |
فألوتْ بغاياهمْ بنا ، وتباشرتْ |
إلى عرضِ جيشِ غيرَ أن لم يكتبِ |
فقالوا ألا ما هؤلاءِ وقد بَدَتْ |
سوابقها في ساطع منتصبِ |
فقال بَصيرٌ يَسْتَبينُ رَعالَها : |
همُ والإلهِ منْ تخافين فاذهبي |
على كلَّ منشقًّ نساها طمرة |
و منجردٍ كأنهُ تيسُ حلبِ |
يذدنَ ذيادَ الخامساتِ وقد بدا |
ثرى الماءِ من أعطافها المتحلبِ |
وقِيلَ : اقدَمِي واقدَمْ وأخِّ واخِّرِي |
و هلْ وهلاَ واضرخْ وقادعها هبِ |
فما بَرِحُوا حتَّى رأوا في دِيَارِهم |
لِـواءً كَظِلِّ الطَّائِـرِ المُتَقَلِّبِ |
رَمَتْ عن قِسِيِّ الماسخِيِّ رِجَالُنَا |
بأجْوَدَ ما يُبْتَاعُ من نَبْل يَثْرِب |
كأنَّ عَراقيـبَ القَطَا أُطُـرٌ لها |
حَدِيثٌ نواحِها بَوَقْـعٍ وصُلَّبِ |