يصيخ للنبأة أسماعه طفيل الغنوي

يصيخُ للنبأة ِ أسماعهُ

إصاخَة َ النّاشِدِ للمُنْشِدِ

و تمتْ إلى أجوازها وتقلقلتْ

قلائدُ في أعناقها لم تقضبِ

كأنَّ على أعطافهَ ثوبَ مائح

وإن يُلقَ كَلبٌ بين لِحْيَيْه يَذْهَبِ

فلـماً فنى ما في الكَنائِنِ ضَارَبُوا

ووازَنَّ من شَرقِي سَلمَى بِمَنْكِبِ

كأن سَدَى قُطْنِ النَّوادِف خَلفَهـا

إذا اسْتَودَعَتْهُ كُلَّ قَـاعٍ ، ومِذْنَبِ

إذا انْصَرَفَـتْ من عَنَّة ٍ بَعْدَ عَنَّة ٍ

وَ جرسٌ على آثارها كالمؤلبِ

أَنَخْنَا فَسُمْنَاهَا النّطافَ فَشَارِبٌ

قَليلاً وآبٍ صَدَّ عن كُلِّ مَشْرَبِ

إذا هَبَطَـتْ سَهْلاً كأنَّ غُبَـارَه

بجانبه الأقصى دواخنُ تنضبِ

تصانعُ أيديها السريحَ كأنها

كلابُ جميعٍ غرة َ الصيفِ مهربِ

وَفِينا تَرى الطُّوْلَى وكُلَّ سَمَيْدَعِ

يُرَادَى به مَرْقَاة ُ جِذْعِ مُشَذَّبِ

كَأنَّ رِعَالَ الخَيْلِ لـمَّا تَبَدّدَتْ

بَوَادِي جَرَادِ الهَبْوَة المُتَصَوَّبِ

و شدَّ العضاريطُ الرحالَ وأسلمتْ

إلى كُلِّ مِغْوَارِ الضُحَى مُتَلَّببِ

وَهَصْنَ الحَصَى ، حتَّى كأَنَّ رُضَاضَة َ

ذُرَى بَرَدٍ من وَابِلٍ مَتحلِّبُ

إذا انقلبَتْ أدتْ وُجُوْهاً كريمة ً

مُحَّببـة ً ، أدَّيْـنَ كُلَّ مُحَّبـبِ

فلمْ يرها الراوون إلاَّ فجاءة ً

بِوَادٍ تُناصِيـه العِضَاهُ مُصَوَّبِ

يُبَـادِرْنَ بِالفُـرْسَانِ كُلَّ ثَنِيَّـة ِ

جنوحاً كفراط القطا المتسربِ

خدتْ حولَ أطنابِ البيوتِ وسوفتْ

مراداً وإن تقرعْ عصا الحربِ تركبِ

ضوابعُ تنوي بيضة َ الحيَّ بعدما

أذَاعَتْ بِريْعَانِ السَّوَامِ المَعزَّبِ

و عارضتها رهواً على متتابعٍ

شَدِيدِ القُصَيْرَى خَارِجِـيٍّ مًحَنَّبِ

رَأى مُجْتَنُو الكُرَّاثِ من رَمْلِ عَالِجٍ

رِعَالاً مَطَتْ من أَهْلِ سَرْحٍ وتنضُبِ

كأن على أعرافهِ ولجامه

سنا ضرمٍ من عرفجٍ متلهبِ

فألوتْ بغاياهمْ بنا ، وتباشرتْ

إلى عرضِ جيشِ غيرَ أن لم يكتبِ

فقالوا ألا ما هؤلاءِ وقد بَدَتْ

سوابقها في ساطع منتصبِ

فقال بَصيرٌ يَسْتَبينُ رَعالَها :

همُ والإلهِ منْ تخافين فاذهبي

على كلَّ منشقًّ نساها طمرة

و منجردٍ كأنهُ تيسُ حلبِ

يذدنَ ذيادَ الخامساتِ وقد بدا

ثرى الماءِ من أعطافها المتحلبِ

وقِيلَ : اقدَمِي واقدَمْ وأخِّ واخِّرِي

و هلْ وهلاَ واضرخْ وقادعها هبِ

فما بَرِحُوا حتَّى رأوا في دِيَارِهم

لِـواءً كَظِلِّ الطَّائِـرِ المُتَقَلِّبِ

رَمَتْ عن قِسِيِّ الماسخِيِّ رِجَالُنَا

بأجْوَدَ ما يُبْتَاعُ من نَبْل يَثْرِب

كأنَّ عَراقيـبَ القَطَا أُطُـرٌ لها

حَدِيثٌ نواحِها بَوَقْـعٍ وصُلَّبِ