ذهبتَ من الهِجران في غير مذهب
|
ولم يَكُ حقّاً كلُّ هذا التجنُّبِ
|
لَيالِيَ لا تَبْلى نصيحَة ُ بَينِنا
|
لَيالِي حَلُّوا بالسِّتار فَغُرَّبِ
|
مُبَتّلة كأنَّ أنضاءَ حَليِها
|
على شادِنٍ من صاحَة ٍ مترببِ
|
مَحالٌ كأجوازِ الجَرادِ ولؤلؤٌ
|
من القَلَقِيِّ والكَبيسِ المُلَوَّبِ
|
إِذا ألحَمَ الواشونَ لِلشَّرِّ بَينَنا
|
تَبلَّغَ رَسُّ الحُب غيرُ المُكَذَّبِ
|
ومَا أنت أم ما ذِكرُها رَبَعِيَّة ً
|
تَحُلُّ بإِيرٍ أو بأكنافِ شُربُبِ
|
أطَعتَ الوُشاة َ والمُشاة َ بِصُرمِها
|
فقد أنهَجَت حِبالُها للتّقَضُّبِ
|
وقد وَعَدَتكَ موعِدا لو وَفَت به
|
كمَوعودِ عُرقُوبٍ أخاه بِيَثرِبِ
|
وقالتْ : وإِن يُبخَلْ عليكَ ويُعتَللْ
|
تَشَكَّ وإن يكشف غرانك تدربِ
|
فقلتَ لها: فِيئِي فما تَستَفِزُّني
|
ذواتُ العُيونِ والبَنانِ المخضبِ
|
ففاءت كما فاءت من الأدم مُغزِلٌ
|
بِبِيشَة َ تَرعى في أراكٍ وحُلَّبِ
|
فَعِشنا بِها من الشَّبابِ مُلاوَة ً
|
فأنجَحَ آياتُ الرَّسولِ المُخَبَّبِ
|
فإِنَّكَ لم تَقطَعْ لُبَانَة َ عاشقٍ
|
بمثل بُكورٍ أو رَواحٍ مُؤَوِّبِ
|
بِمُجفَرة ِ الجَنبَينِ حَرفٍ شِملَّة ٍ
|
كَهمَّكَ مِرقالٍ على الأينِ ذِعِلبِ
|
إذا ما ضَربتُ الدَّفَّ أوصُلتُ صَوْلَة ً
|
تَرقَّبُ مني، غير أدنى ترَقُّبِ
|
بعَينٍ كمِرآة ِ الصَّناعِ تُديرُها
|
لِمَحجَرِها منَ النَّصيف المنقَّب
|
كأنَّ بِحاذَيها إذا ما تَشذَّرت
|
عَثاكيل عِذقٍ من سُمَيحة َ مُرطِبِ
|
تَذُبُّ به طَوراً وطوراً تُمِرُّة ُ
|
كذَبِّ البَشير بالرِّداءِ المُهدَّبِ
|
وقد أغتَدي والطَّيرُ في وُكُناتِها
|
وماءُ النَّدى يجري على كلِّ مِذنَبِ
|
بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأوابِدِ لاحَهُ
|
طِرادُ الهَوادي كلَّ شأوٍ مُغرِّبِ
|
بغَوجٍ لَبانُهُ يُتَمُّ بَريمُهُ
|
على نَفْثِ راقٍ خَشيَة َ العينِ مُجلِبِ
|
كُمَيتٍ كلَونِ الأُرجُوان نشرتَه
|
لِبَيع الرِّداءِ في الصُّوان المُكعَّبِ
|
مُمَرٍّ كَعَقدِ الأندَريّ يَزينُهُ
|
مع العتقِ خَلقٌ مُفعَمٌ غَيرُ جَأنَبِ
|
لهُ حُرَّتانِ تَعرِفُ العِتقَ فيهما
|
كَسامِعَتيْ مَذعورة ٍ وَسطَ رَبربِ
|
وجَوفٌ هَواء تحت مَتْنٍ كأنَّه
|
من الهضبة ِ الخَلقاءِ زُحلوقُ مَلعبِ
|
قطاة ٌ ككُردوسِ المحالة أشرفت
|
إلى سَندٍ مِثلِ الغَبيطِ المُذَاَّبِ
|
وغُلبٌ كأعناق الضِّباع مَضيغُها
|
سِلامُ الشَّظى يَغشى بها كل مركب
|
وسُمْرٌ يُفَلِّقن الظِّراب كأنَّها
|
حِجارة ُ غَيلٍ وارِساتٌ بطُحلُبِ
|
إذا ما اقتَضَينا لم نُخاتِلْ بِجُنَّة ٍ
|
ولكنْ نُنادي من بعيدٍ: ألا اركبِ!
|
أخا ثِقة ٍ لا يلعَنُ الحيُّ شخصَهُ
|
صَبوراً على العِلاَّتِ غَيرِ مُسبَّبِ
|
إِذا أنفَدُوا زادا فإنَّ عِنانَهُ
|
وأكرُعَهُ مستعمَلاً خَيرُ مكسبِ
|
رأينا شِياها يَرتَعِينَ خَميلَة ً
|
كَمَشْيِ العذارى في المُلاءِ المُهدَّبِ
|
فَبينا تَمارِينا وعَقدُ عِذاره
|
خَرجنَ عَلينا كالجُمانِ المُثقَّبِ
|
فَأتبعَ آثار الشِّياهِ بصادِقٍ
|
حثيثٍ كَغيثِ الرائحِ المُتَحلِّبِ
|
ترى الفأر عن مسترغب القدرِ لائحاً
|
على جَددِ الصَّحراءِ من شدٍّ مُلهبِ
|
خَفى الفأرَ مِن أنفاقهِ فكأنَّما
|
تَخلَّله شُؤبوبُ غيثٍ مُنقِّبِ
|
فظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غَماغِمٌ
|
يُداعِسُهُنَّ بالنَّضِيِّ المُعلَّبِ
|
فَهاوٍ على حُرِّ الجَبينِ ومُتَّقِ
|
بِمِدراتِه كأنَّها ذَلْقُ مِشعَبِ
|
وعادى عِداءً بين ثَورٍ ونَعجة ٍ
|
وتَيسٍ شَبوبٍ كالهَشيمة قرهَبِ
|
فقُلنا: ألا قد كان صيدٌ لِقانصٍ
|
فَخَبُّوا علينا فضلَ بُردٍ مُطنَّبِ
|
فظلَّ الكفُّ يختَلِفن بحانذٍ
|
إلى جؤجُؤٍ مِثلِ المَداك المُخَضَّبِ
|
كأنَّ عُيوب الوحش حولِ خبائنا
|
وأرحُلِنا الجَزعُ الَّذي لَم يُثقَّبِ
|
ورُحنا كأنَّا جُواثى عَشِيَّة ً
|
نُعالي النِّعاج بَينَ عِدلٍ ومُحقَبِ
|
وراحَ كشاة ِ الرَّبل ينفُض رأسَه
|
أذاة ً بهِ من صائكٍ مُتَحلِّبِ
|
وراحَ يُباري في الجِنابِ قَلُوصَنا
|
عزيزاً علينا كالحُبابِ المُسيَّبِ
|