أتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذاهبِ |
لعمرة وحشاً غير موقف راكب |
ديارَ التي كادتْ ـ ونحنُ على مِنًى ـ |
تَحُلُّ بنا، لولا نَجاءُ الرَّكائبِ |
تبدت لنا كالشمس تحت غمامة |
بَدا حاجبٌ منها وضَنّتْ بحاجبِ |
ولم أرها إلا ثلاثاً على منى |
وعَهْدي بها عَذْراءَ ذاتَ ذَوائبِ |
ومِثْلِكِ قد أصْبَيْتُ ليستْ بكَنّة ٍ |
ولا جارة ٍ ولا حَلِيلة ِ صاحبِ |
دعَوْتُ بني عَوْفٍ لحَقْنِ دمائهمْ |
فلمّا أبَوْا سامحْتُ في حَرْبِ حاطبِ |
وكُنْتُ امْرءاً لا أبْعثُ الحَرْبَ ظالماً |
فلمّا أبَوْا أشْعَلْتُها كُلَّ جانبِ |
أربت بدفع الحرب حتى رأيتها |
عن الدفع لا تزداد غير تقارب |
فإذْ لم يَكُنْ عَنْ غاية ِ الموْتِ مَدْفعٌ |
فأهْلاً بها إذْ لم تَزَلْ في المَرَاحبِ |
فلما رأيت الحرب حرباً تجردت |
لبست مع البردين ثوب المحارب |
مُضَاعَفَة ً يَغْشَى الأناملَ فَضْلُها |
كأنَّ قَتيرَيْها عُيُونُ الجنادبِ |
أتت عصبم الكاهنين ومالك |
وَثَعْلَبَة َ الأثْرِينَ رَهْطِ ابن غالبِ |
رجال متى يدعوا إلى الموت يرقلوا |
إليه كإرْقالِ الجِمَالِ المَصَاعِبِ |
إذا فزعوا مدوا إلى الليل صارخاً |
كَمَوْجِ الأتيّ المُزْبِدِ المُتراكِبِ |
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تَهْوي كأنّها |
تذرع خرصان بأيدي الشواطب |
صَبَحْنا بها الآطامَ حَوْلَ مُزاحِمٍ |
قَوَانِسُ أُولى بَيْضِنا كالكَواكبِ |
لَوَانّكَ تُلْقي حنظلاً فوق بَيْضِنا |
تَدَحْرَجَ عَنْ ذي سامِهِ المُتقارِبِ |
إذا ما فررنا كان أسوا فررانا |
صدود الخدود وازورار المناكب |
صدود الخدود والقنا متشاجر |
ولا تبرح الأقدام عند التضارب |
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها |
خطانا إى أعدائنا فنضاربِ |
أُجالِدُهُمْ يَوْمَ الحَدِيقة ِ حاسِراً |
كأنَّ يدي بالسّيفِ مخراقُ لاعبِ |
وَيَوْمَ بُعاثٍ أسْلَمَتْنا سُيُوفُنا |
إلى نَسَبٍ في جِذْمِ غَسّانَ ثاقِبِ |
يعرَّينْ بيضاً حينَ نلقى عدونَّا |
ويغمدن حمراً ناحلاتِ المضاربِ |
أطاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أميراً نهاهُمُ |
عَنِ السِّلْمِ حتى كان أوَّلَ واجبِ |
أويتُ لعوفٍ إذْ تقولُ نساؤهم |
وَيَرْمِينَ دَفْعاً: لَيْتَنا لم نُحارِبِ |
صَبَحْناهُمُ شَهْباءَ يَبْرُقُ بَيْضُها |
تبينُ خلاخيلَ النسّاء الهواربِ |
أصابت سراة ً مِ الأغرّ سيوفنا |
وغُودِرَ أولادُ الإماءِ الحَواطِبِ |
ومنّا الذي آلى ثلاثين ليلة ً |
عنِ الخمرِ حتى زاركمْ بالكتائبِ |
رضيتُ لهمْ إذْ لا يريمون قعرها |
إلى عازبِ الأموالِ إلا بصاحبِ |
فَلَوْلا ذُرى الآطامِ قد تَعْلَمونَهُ |
وتركُ الفضا، شوركتمُ في الكواعبِ |
فلم تمنعوا منّا مكاناً نريدهُ |
لَكُمْ مُحْرِزاً إلا ظُهُورَ المشارِبِ |
فهلاَّ لَدَى الحَرْبِ العَوَانِ صَبَرْتمُ |
لوقعتنا، والبأسُ صعبُ المراكبِ |
ظَأرْناكُمُ بالبِيضِ حتى لأنْتُمُ |
أذَلُّ مِنَ السُّقْبانِ بَينَ الحلائبِ |
ولمّا هَبَطْنا الحَرْثَ قال أميرُنا: |
حرامٌ علينا الخمرُ ما لم نضاربِ |
فسامحهُ منّا رجالٌ أعزَّة ٌ |
فما بَرِحُوا حتى أُحِلّتْ لِشارِبِ |
فَليْتَ سُوَيْداً راءَ مَن جُرَّ مِنْكُمُ |
ومَن فَرَّ إذْ يحْدُونَهُمْ كالجلائبِ |
فَأُبْنا إلى أبْنائنا ونِسائنا |
وما مَنْ تَرَكْنا في بُعاثٍ بآئبِ |
وغُيّبْتُ عَن يَوْمٍ كَنَتْني عشيرتي |
ويومُ بُعاثٍ كان يَوْمَ التّغالُبِ |