طربتُ إلى ذلفا فالدّمعُ يسفحُ |
وهشَّ لذكْراها الفؤادُ المبرَّحُ |
ومِنْ دونِ ذلْفاء المليحَة ِ فاصْطبرْ |
من الإرضِ أطوادٌ وبيداءُ صحصحُ |
بها حينَ يستنّ السرابُ بمتنها |
لخُوصِ المطيّ إنْ تَذَرَّعْنَ مَسْبحُ |
وقَدْ صاحَ غِرْبانٌ ببَيْنٍ وقد جرَتْ |
ظباءٌ بصرمِ العامرية ِ برحُ |
فما شادنٌ يرعى الحمى ورياضَها |
يرودهُ بمكحولِ نؤومٌ موشح |
بأحْسَنَ مِنها يوْمَ جدَّ رحيلُنا |
مع الجيشِ لا بلْ هي أبضّ وأصبحُ |
وأحسنُ جيداً في السحابِ ومضحكاً |
وأنْجَلُ مِنها مُقْلَتَينِ وأمْلَحُ |
بأطْيَبَ مِنْ أرْدانِ ذَلْفاء بعدَما |
تغورُ الثريا في السماء فتجنحُ |
إذا الليلُ ولى واسبطرتْ نجومه |
وأسْفَرَ مَشْهورٌ مِن الصُّبحِ أفضحُ |
فلا عيبَ فيها غيرَ أنّ حليلها |
إذا القَوْمُ هَشُّوا للمروءة ِ زُمَّحُ |
بطيءٌ إلى الداعي، قليلٌ غناؤهُ |
إذا ما اجتداهُ سائلٌ يَتكَلّحُ |
أذَلْفاءُ كَمْ مِنْ كاشِحٍ لكِ جاءني |
فأحْفَظْتُهُ إذْ جاءني يتَنَصَّحُ |
يقولُ أفقْ عن ذكرِ ذلفاءِ وانسها |
فما لكَ مِنْ حَتْفِ المنيّة ِ مَجْمَحُ |
فقلتُ اجتنبتني لا أبا لكَ واطرحْ |
ففي الأرضِ عني إذا تباعدتَ مطرحٌ |
فكَيفَ تلومُ النّاسُ فيها وقد ثوى |
لها في سوادِ القلبِ حبٌّ مبرحُ |
وحبي جدٌّ ليس فيه مزاحة ٌ |
فيرْتاحُ قَلْبي إذْ يراهُ ويفرَحُ |
وإني لأهوى الموتَ من وجدِ حُبها |
وللموْتُ مِنْ وجْدٍ ألَذُّ وأرْوَحُ |
وكلُّ هوًى قدْ بانَ منّي ولا أرى |
هوى أُمّ عَمْروٍ مِن فؤاديَ يَبرَحُ |
وفتيانِ صِدْقٍ مِن عشيري وجوهُهمْ |
إذا شففتهنَّ الهواجرُ وضحُ |
رفَعْتُ لهُمْ يوماً خِباءً تمُدُّهُ |
أسِنّة ُ أرْماحٍ يُسِفُّ ويَطمَحُ |
فأدنَيْتُ مِنهُمْ سَبْحَلِيّاً كأنّهُ |
قتيلٌ مِن السّودانِ عَبْلٌ مُجَرَّحُ |
فظَلّتْ مُدامٌ مِنْ سُلافة ِ بابلٍ |
تَكُرُّ علَيْهِمْ والشِّواءُ المُلوَّحُ |
فلما تروّوا قلتُ قوموا فأسرجوا |
عناجيجكُم قد حانَ منا التروحُ |
فقاموا إلى جُرْدٍ طوالٍ كأنّها |
مِن الرَّكضِ والإيجافِ في الحرْبِ أقرُحُ |
فشَدُّوا علَيْهِنَّ السّروجَ فأعنقَتْ |
بكل فتى يحمي الذمارَ ويكفحُ |
فقال لهم ذاكمْ سوامٌ ودونهُ |
كتائبُ فيهنَّ الأسنة ُ تلمحُ |
فلما أغرنا أغنمَ الله منهمُ |
وذو العرشِ يعطي من جزيلٍ ويمنحُ |
فلَمْ نَخْتَصِمْ عِنْدَ الغَنيمَة ِ بَيْننا |
ولمْ يكُ فينا باخِلٌ يَتشَحّحُ |
فتلكَ المعالي لا تباعُكَ ثلة َ |
وبُهْماً عِجاماً للمعيشَة ِ تَكْدَحُ |
فقلْ لبني عمَ الذينَ ببابلٍ |
وبالتستري عن أرضكمْ متزحزحُ |
وفي الأرضِ عنْ جوخى ورعية ِ أهلها |
وعَنْ نَخَلاتِ السّيْبِ للحيّ مَفْسَحُ |
وحسبُ الفتى مِن شِقوَة ِ العَيشِ قطعة ٌ |
يُحاجي بها طَوْراً يُجَحِّحُ |