ألا يا اسْلمي يا هِندُ هِندَ بني بَدْرِ |
وإنْ كان حيّانا عِدًى ، آخِرَ الدَّهْرِ |
وإن كنتِ قدْ أقصدتني إذ رَميتني |
بسَهْمكِ، والرَّمي يُصيبُ، وما يدري |
أسيلَة ُ مجرَى الدَّمعِ، أمّا وشاحُها |
فجارٍ، وأمّا الحِجْلُ منها فما يجري |
تموتُ وتحيا بالضجيعِ وتلتوي |
بمطردِ المتمينِ منتبرِ الخصرِ |
وكُنْتُمْ إذا تنأَون مِنّا، تَعَرَّضَتْ |
خيالاتكمْ أو بتَّ منكمْ على ذكرِ |
شلقدْ حملتْ قيسَ بن عيلانَ حربُنا |
على يابسِ السيساء محدوبِ الظهرِ |
وقَدْ سرّني مِن قَيْسِ عَيْلان، أنّني |
رَأيْتُ بني العَجْلانِ سادوا بني بدْرِ |
وقَدْ غَبَرَ العَجْلانُ حِيناً، إذا بكى |
على الزادِ ألقتهُ الوليدة ُ في الكسرِ |
فيصبحُ كالخفاشِ، يدلكُ عينهُ |
فقُبّحَ مِنْ وَجْهٍ لئيمٍ، ومَنْ حَجْرِ |
وكُنْتُمْ بَني العَجْلانِ ألأممَ عِنْدَنا |
وأحْقَرَ مِن أن تشهدوا عاليَ الأمْرِ |
بني كلّ دسماء الثيابِ، كأنما |
طلاها بنو العَجْلانِ مِن حُمَمِ القِدرِ |
تَرَى كعْبَها قد زالَ مِن طولِ رَعِيها |
وَقاحَ الذُّنابى بالسّويّة ِ والزِّفْرِ |
وإن نزَلَ الأقْوامُ مَنْزِلَ عِفّة ٍ |
نزَلتُمْ بَني العَجْلانِ مَنزِلَة َ الخُسرِ |
وشاركَتِ العجلانُ كعباً، ولمْ تكُنْ |
تشاركُ كعباً في وفاءٍ ولا غدرِ |
ونجى ابن بدرٍ ركضهُ منْ رماحنا |
ونضاحة ُ الأعطافِ ملهبة ُ الحضر |
إذا قُلتُ نالَتهُ العوالي، تقاذفَتْ |
به سوْحقُ الرجلين صايبة ُ الصدْر |
كأنّهما والآلُ يَنجابُ عَنهُما |
إذا انغَمسا فيهِ يَعومانِ في غَمْرِ |
يُسِرُّ إلَيها، والرّماحُ تَنُوشُهُ: |
فدًى لكِ أُمّي، إن دأبتِ إلى العَصرِ |
فطَلَّ يُفَدِّيها، وطَلّتْ كأنّها |
عقابٌ دعاها جنحُ ليلٍ إلى وكرِ |
كأنَّ بِطُبْيَيْها ومَجرى حِزامِها |
أداوى تسحُّ الماءَ منْ حورٍ وفرِ |
ركوبٌ على السواءات قدْ شرمَ آسته |
مزاحمة ُ الأعداء والنخسِ في الدبرِ |
فطاروا شقاقاً لاثنتينِ، فعامرٌ |
تَبيعُ بَنيها بالخِصافِ وبالتَّمْرِ |
وأمّا سُلَيْمٌ، فاستَعاذَتْ حِذارَنا |
بحَرَّتِها السّوْداء والجَبلِ الوَعْرِ |
تَنِقُّ بلا شيءٍ شُيوخُ مُحاربٍ |
وما خلتُها كانتْ تريشُ ولا تبري |
ضَفادعُ في ظَلْماءِ لَيْلٍ تجاوَبَتْ |
فدَلَّ عَلَيْها صَوْتُها حيّة َ البَحْر |
ونحنُ رفَعْنا عَنْ سَلولٍ رِماحَنا |
وعَمْداً رَغِبْنا عَنْ دماء بني نَصْرِ |
ولو ببني ذبيانَ بلتْ رماحُنا |
لقَرَّتْ بهمْ عَيْني وباءَ بهِمْ وِتْري |
شفى النفسَ قتلى من سليمٍ وعامرٍ |
ولمْ تَشْفِها قَتْلى عَنِيّ ولا جَسْرِ |
ولا جشمٍ شرّ القبائلِ، إنها |
كبيضِ القطا، ليسوا بسودٍ ولا حمرِ |
وما ترَكَتْ أسْيافُنا حينَ جُرّدَتْ |
لأعْدانا قَيْسِ بنِ عَيْلانَ مِنْ عُذْرِ |
وقد عركتْ بابني دخانٍ فأصبحا |
إذا ما احزَألاَّ مِثْلَ باقيَة ِ البَظْرِ |
وأدْرَكَ عِلْمي في سُواءة َ، أنّها |
تقيمُ على الأوتارِ والمشربِ الكدرِ |
وظل يجيشُ الماءُ من متقصدٍ |
على كل حالٍ من مذاهبهِ يجري |
فأقسمُ لو أدركنهُ لقذفنهُ |
إلى صَعْبَة ِ الأرْجاء، مُظْلمَة ِ القَعْرِ |
فوَسّدَ فِيها كفَّهُ، أوْ لحجّلَتْ |
ضِباعُ الصَّحاري حَوْلَهُ، غيرَ ذي قبرِ |
لعَمْري لقَدْ لاقَتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ |
على جانبِ الثرثاء راغية َ البكرِ |
أعِنّي أميرَ المؤمنين بنَائِلٍ |
وحُسْنِ عطاء، ليْس بالرَّيِّثِ النَّزْرِ |
وأنتَ أميرُ المؤمنينَ، وما بنا |
إلى صُلْحِ قَيْسٍ يا بنَ مَرْوان مِن فَقْرِ |
فإنْ تكُ قيسٌ، يا بْنَ مرْوان، بايعَتْ |
فقَدْ وَهِلَتْ قيسٌ إليك، مِن العُذْرِ |
على غير إسلامٍ ولا عنْ بصيرة ٍ |
ولكنّهُمْ سِيقوا إليكَ عَلى صُغْرِ |
ولمّا تَبَيّنّا ضَلالَة َ مُصْعَبٍ |
فتَحْنا لأهْلِ الشّامِ باباً مِنَ النّصْرِ |
فقَدْ أصْبَحَتْ مِنّا هَوازِنُ كُلُّها |
كواهي السُّلامى ، زِيد وقْراً على وَقْرِ |
سَمَوْنا بِعِرْنينِ أشمَّ وعارِضٍ |
لمنعَ ما بين العراقِ إلى البشرِ |
فأصبحَ ما بينَ العراقِ ومنبجِ |
لتَغْلِبَ تَرْدى بالرُّدَيْنِيّة ِ السُّمْرِ |
إلَيْكَ أميرَ المؤمنينَ نَسيرُها |
تخبّ المطايا بالعرانينِ من بكرِ |
برأسِ امرئٍ دلّى سليماً وعامراً |
وأوْرَدَ قَيْساً لُجَّ ذي حَدَبٍ غَمْرِ |
فأسْرَين خَمساً، ثمَّ أصبحنَ، غُدوَة ً |
يُخَبِّرْنَ أخْباراً ألذَّ مِنَ الخَمْرِ |
تَخَلَّ ابنَ صَفارٍ، فلا تذْكُرِ العُلى |
ولا تذكُرَنْ حَيّابِ قوْمكَ في الذِّكْرِ |
فقد نهضت للتغلبين حية ٌ |
كحية ِ موسى يوم أيدَ بالنصرِ |
يُخْبَرْنَنا أنَّ الأراقِمَ فَلَّقُوا |
جماجمَ قيسٍ بينَ رذانَ فالحضرِ |
جماجمَ قومٍ، لمْ يعافوا ظلامة ً |
ولمْ يَعْلَمُوا أيْنَ الوفاءُ مِنَ الغَدْرِ |