عَفا مِمّنْ عَهِدْتَ بهِ حَفيرُ |
فأجْبالُ السَّيالي، فالعَويرُ |
فشاماتٌ فذاتُ الرمثِ قفرٌ |
عفاها، بعدنا قطرٌ ومورُ |
مُلِحُّ القَطْرِ مُنسكِبُ العَزالى |
إذا ما قلتُ أقلعَ يستحيرُ |
كأنَّ المَشْرَفيّة َ في ذُراهُ |
ونيرانُ الحَجيجِ لها سَعيرُ |
بِكُلّ قَرارَة ٍ مِنْها وفَجّ |
أضاة ٌ ماؤها ضَرَرٌ يمورُ |
تنقلتِ الديارُ بها، فحلتْ |
بحَزَّة َ حَيْثُ يَنْتسِعُ البَعيرُ |
وأقفرَتِ الفَراشة ُ والحُبَيّا |
وأقْفَرَ بَعْدَ فاطِمَة َ الشَّقيرُ |
نأينَ بنا، غداة َ دنونَ منهمْ |
وهنَّ إليكَ بالجولانِ، صور |
كرهنَ ذبابَ دومة َ، إذا عفاها |
غَداة َ تُثارُ للموتى القُبورُ |
فليتَ الراسماتِ بلغنَ هنداً |
فتَعْلَمَ ما يُكِنُّ لها الضَّميرُ |
كأنَّ غَمامة ً غَرّاءَ باتَتْ |
تكشفُ عن محاسنها الخدورُ |
وقد بلغَ المطيّ، وهنَّ خوصٌ |
بلاداً ما تحُلُّ بها قَذورُ |
حَلَفْتُ بمَنْ تُساقُ لهُ الهدايا |
ومنْ حلتْ بكعبتهِ النذورُ |
لقَدْ ولدَتْ جَذيمَة ُ مِنْ قُرَيشٍ |
ولكنّي أهابُ، وأرْتجيكُمْ |
وأكرَمَها مَواطِنَ حِين تُبْلى |
ضرائبُها وتختصبُ النحورُ |
وأسرعَها إلى الأعداء سيرأً |
|
به ترمي أعاديها قريشٌ |
إذا ما نابها أمرٌ كبيرُ |
لَهُ يوْمانِ: يوْمُ قِراعِ كَبْشٍ |
ويَوْمٌ يُسْتَظَلُّ بهِ مَطيرُ |
بكفيهِ الأعنة ُ، لا سؤومٌ |
قتالَ الأعجميَ، ولا ضجورُ |
قتَلْتَ الرُّومَ، حتى شَذَّ مِنْها |
عصائبُ، ما تُحَرّزُها القُصورُ |
فلو كان الحروبُ حروبَ عادٍ |
لقامَ على مواطنها صبورُ |
وقد علمتْ أمية ُ أنَّ ضعني |
إلَيْها، والعُداة ُ لها هَريرُ |
وأني ما حييتُ على هواها |
وأنّي بالمَغيبِ لها نَصورُ |
وما يَبْقى على الأيامِ، إلاّ |
بناتُ الدهرِ والكلمُ العقورُ |
فمنْ يكُ قاطعاً قرناً، فإني |
لفَضْلِ بني أبي العاصي شَكُورُ |
علقتُ بجبلكم، فشددتموهُ |
فلا واهٍ قواهُ ولا قصيرُ |
إمامُ النَّاسِ والخُلفَاءُ مِنْهُمْ |
وفِتْيانٌ تسَدُ بها الثُّغورُ |
ومظلمة ٍ تضيقُ بها ذراعي |
ويَتْرُكُني بها الحَدِبُ النَّصُورُ |
كفَوْنيها، ولَمْ يَتواكلوها |
بخُلْقٍ، لا ألفُّ ولا عَثورُ |
ولولا أنتمُ كرهتْ معدّ |
عِضاضي، حينَ لاحَ بي القَتيرُ |
ولكني أهابُ، وأترجيكُم |
ويأتيني عَنِ الأسَدِ الزَّئيرُ |
وأنْتُمْ حينَ حارَبَ كُلَّ أُفْقِ |
وحينَ غلتْ بما فيها القدورُ |
غَشَمْتُمْ بالسّيوفِ الصِّيدَ، حتى |
خَبا مِنها القَباقبُ والهديرُ |
إذا ما حيّة ٌ منكُمْ تَوارى |
تَنَمّرَ حيّة ٌ مِنْكُمْ ذَكيرُ |
وأعطيتمْ على الأعداءِ نصراً |
فأبصرتمْ بهِ والناسُ عورُ |
وكانَتْ ظُلْمَة ً فكشفْتُموها |
وكانَ لها بأيْديكُمْ سُفورُ |
فلَوْ أنَّ الشَهورَ بكينَ يوماً |
إذا لبكتْ لفقدكمُ الشهورُ |
ونعم الحيُّ في اللزباتِ عبسٌ |
إذا ما الطَّلْحُ أرْجَفَهُ الدَّبورُ |
مساميحُ الشّتاء إذا اجْرَهدَّتْ |
وعَزَّتْ عِندَ مَقْسَمِها الجَزورُ |
بنو عبسٍ فوارسُ كلّ يوم |
يكادُ الهم خشيتهُ يطيرُ |
وُفاة ٌ تَنْزِلُ الأضيافُ منهُمْ |
مَنازِلَ ما يحُلُّ بها الضّريرُ |
وهُمْ عَطَفوا على النُّعْمانِ لمّا |
أتاهُ بِتاجِ ذي مُلْكٍ بَشيرُ |
فجازوهُ بنعماهُ عليهمْ |
غداة َ لهُ الخَوَرْنَقُ والسَّديرُ |
كلا أبوَيْكَ مِنْ كَعْبٍ وعبسٍ |
بُحورٌ ما تُوازِنُها بُحورُ |
فمنْ يكُ في أوائلهِ مختاً |
فَإنَّكَ يا وَلِيدُ بِهِمْ فَخُورُ |
وتأوي لابنِ زنباعٍ إذا ما |
تراخى الريفُ كاسَ لهُ عقيرُ |