ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي |
بأرضٍ يناصي الحزنَ منها سهولها |
وقد غابتِ الشعرى العبورُ وقاربتْ |
لتَنْزِلَ، والشّعرى بطيءٌ نُزولُها |
ألمّتْ بشُعْثٍ راكبينَ رؤوسَهُمْ |
وأكوارِ عيسٍ قدْ براها رحيلُها |
تبين خليلي ناصحَ الطرفِ، هل ترى |
بعَيْنِكَ ظُعْناً، قدْ أُقلَّتْ حُمولُها |
تحمَّلْن مِن صَحراء فَلْجٍ، ولم يكَدْ |
بصيرٌ بها من ساعة ٍ يستحيلُها |
تمايَلْنَ للأهْواء، حتى كأنّما |
يجورُ بها في السيرِ عمداً دليلُها |
نواعِمِ، لمْ يَلقَينَ في العَيْشِ تَرْحة ً |
ولا عَثْرَة ً مِنْ جَدّ سوء يُزيلُها |
ولو بات يسري الذرُّ فوقَ جلودِها |
لأثَّرَ في أبْشارِهنَّ مُحيلُها |
فلمّا استوى نصْفُ النّهار وأظْهرِتْ |
وقَدْ حانَ مِنْ عُفْرِ الظّباء مَقيلُها |
حثَثْنَ المطايا، فاصْمعَدَّتْ لشأنها |
ومَدَّ أزِمّاتِ الجِمالِ ذَميلُها |
فلما تلاحقْنا، نبذنا تحية ً |
إليهِنَّ، والتَذَّ الحديثَ أصِيلُها |
فكان لدَيْنا السَرَّ بَيْني وبَيْنَها |
ولمعَ غَضيضاتِ العُيونِ رسولُها |
فما خلتها إلا دوالحَ أوقرَتْ |
وكمتْ بحملٍ نخلُها وفسيلُها |
تسلسل فيها جدولٌ من محلمٍ |
إذا زعزتها الريحُ كادتْ تميلها |
يكادُ يحارُ المُجْتَني وَسْطَ أيْكِها |
إذا ما تنادى بالعشي هديلُها |
رَأيْتُ قُرومَ ابني نِزارٍ، كلَيهما |
إذا خطرتْ عندَ الإمام فُحولها |
يَرَوْنَ لهمّامٍ عَلَيْهِمْ فَضيلة ً |
إذا ما قرومُ الناس عدتْ فضولها |
وأكملها عقلاً لدى كل موطنٍ |
إذا وزنتْ، فيما يشكُّ، عقولها |
فتى النّاسِ همّامٌ، وموْضِعُ بَيْتِهِ |
برَابِيَة ٍ، يعْلو الرَّوابيَ طُولها |
فلوْ كانَ همامٌ من الجنّ، أصبحتْ |
سجوداً لهُ جنُّ البلادِ وغولها |
نَمَتْهُ الذُّرى مِنْ مالكٍ، وتعَطّفَتْ |
عليهِ الروابي: فرعها وأصولها |
أجادَتْ بهِ ساداتُها، فترَغّبَتْ |
لأخلاقهِ: أمجادها وحفيلُها |
تذرى جبالاً منهمُ مكفهرة ً |
يكادُ يعسُدَّ الأفْقَ مِنْها حُلولها |
لأخْذِ نَصيبٍ، أوْ لأمْرٍ يَعُولها |
إذا ضُيّعَتْ عُونُ النساء وحُولها |
تعدّ لأيامِ الحفاظِ كأنّها |
قناً، لم يقومْ درأها مستحيلها |
فما تبلتْ تبلاً، فيدركَ عندها |
ولا سقبتها في سواها تُبولها |
سَبوقٌ لغاياتِ الحفاظِ، إذا جرى |
ووهابُ أعناقِ المئينَ حمولها |
ودَفّاعُ ضَيْمٍ، لا يُسامُ دَنِيّة ً |
وقَطّاعُ أقْرانِ الأمورِ، وَصُولها |
وأخّاذُ أقْصى الحقّ، لا مُتَهضَّمٌ |
أخوهُ، ولا هشُّ القناة ِ، رذيلها |
أغرُّ أريبٌ ليس ينقضُ عهدهُ |
|
جوادٌ، إذا ما أمحلَ الناسُ ممرعٌ |
كريمٌ لجوعاتِ النساء قتولها |
إذا نائِباتُ الدَّهْرِ شقّتْ عَلَيْهِمِ |
كفاهُمْ أذاها، فاستخفّ ثقيلُها |
عروفٌ لإضعافِ المرازي مالُهُ |
إذا عَجَّ مَنْحوتُ الصَّفاة ِ، بخيلُها |
وكرارُ خلفَ المرهقينَ جوادَهُ |
حِفاظاً، إذا لمْ يَحْمِ أُنْثى حَليلُها |
ثَنى مُهْرَهُ، والخيْلُ رَهُوٌ كأنّها |
قِداحٌ على كفّيْ مُفيضٍ يُجيلُها |
يُهينُ وراء الحيّ نَفْساً كريمة ً |
لكبة موتٍ ليسَ يودى قتلها |
ويعلمُ أنَّ المرءَ ليسَ بخالدٍ |
وأنَّ مَنايا النّاسِ يَسْعى دليلُها |
فإن عاش همامٌ لنا، فهوَ رحمة ٌ |
مِنَ اللَّهِ، لمْ تُنْفَسْ عَلَينا فُضولها |
وإنْ مات، لمْ تَسْتَبدل الأرْضُ مثلَهُ |
لأخذ نصيبٍن أو لأمرٍ يعولها |
وما بتُّ إلاّ واثِقاً إنْ مَدَحْتُهُ |
بدَوْلَة ِ خيرٍ مِنْ نَداهُ يُديلُها |