ابن جبير

1145م-1217م
محمد بن أحمد بن جبير الكناني المعروف بابن جبير. ولد في بلنسية وتعلم على يد ابيه وغيره من العلماء في عصره ثم استخدمه امير غرناطة أبو سعيد ين عبد المؤمن ملك الموحدين في وظيفة كاتم السر فاستوطن غرناطة. وكان الامير أبا سعيد استدعاه يوما ليكتب عنه كتابا وهو يشرب الخمر، فارغم ابن جبير على شرب سبعة كئوس من الخمر واعطاه سبيعة اقداح دنانير، لذلك صمم ابن جبير على القيام برحلة الحج بتلك الدنانير تكفيرا عن خطيئته واقام في سفره سنتين ودوّن مشاهداته وملاحظاته في يوميات عرفت برحلة ابن جبير، وسميت باسم " تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار " والذى كتبه حوالى سنة 582هـ/ 1186م وتداوله الشرق والغرب حتى قام المؤرخ والمترجم الانجليزى ويليام رايت William Wright بنشره وطبعه في كتاب جمع عدد كبير من الرحلات لرحالة وحجاج عرب واجانب مسلمين ومسيحيين ويهود عرف ياسم " Early travellers in Palestine ".
ترك ابن جبير غرناطة مع صديقه احمد بن حسان يوم الخميس 8 من شوال سنة 578هـ/ 1183م إلى جزيرة الطريف (الطرف الأغر) وعبر البحر من هناك إلى سبته فركب سفينة جنوية ذاهبة إلى الاسكندرية فركبها يوم الخميس 29 شوال ، 24 فيراير ، وسارت السفينة في البحر تتقاذفها الامواج ومرت بمساحة شاطىء الاندلس حتى ثغر دانية ثم جزر ميورقة ومنورقة وسردانية ثم جزيرة صقلية ثم إلى جزيرة اقريطش ( كريت ) ثم وصلت الاسكندرية في يوم 29 ذى القعدة / 26 مارس اى انها اسغرقت في سفرها من جزية الطريف إلى الاسكندرية ثلاثين يوما .


كان أول ما شاهده ابن جبير هو عملية التفتيش في الميناء حيث طلع موظفون على مركب صغيرة في عرض البحر وفتشوا السفينة الجنوية قبل دخولها الميناء وسجلوا اسماء الركاب وهدف الرحلة والسلع والبضائع. ثم طاف بالمدينة وزار اثارها الرومانية والبطلمية وشاهد مساجدها العريقة، وعرض وصفا جميلا للخطيب في صلاة الجمعة كما شاهد دخول اسرى من الفرنج من اسرى الحملة الصليبيية التى قام بها ارناط صاحب الكرك لغزو البحر الاحمر وقد فشلت وتصدى له صلاح الدين الايوبى ثم رحل إلى القاهرة في يوم 8 ذو الحجة / 3 ابريل وزار مسجد الحسين ومسجد الشافعى والقرافة والمدرسة الناصرية والتقى بشيوخ وعلماء وتحدث عن صلاح اليدن وعن بعض الرجال الذين اسسوا الدولة الايوبية ، وشاهد قلعة الجبل ولم يكن اكتمل بنائها بعد كما عاين سور القاهرة والخندف والقناطر التى بناها صلاح الدين ، وزار ايضا اهرام الجيزة الثلاثة ووصفها ، كما وصف مارستان احمد بن طولون ( مستشفى )بيت القاهرة ومصر ( مصر القديمة ) وكان جامع بن طولون قد تحول إلى مأوى للغرباء من اهل المغرب يعقدون فيه الدرس ويسكنون به ثم اكمل سفره إلى الصعيد وشاهد المدن الواقعة على النيل وخاصة مدينة قوص التى كانت مقصد التجار والمسافرين والحجاج من مصر والمغرب واليمن والهند والحبشة ، ثم اتجه إلى عيذاب على البحر الاحمر عبر الصحراء وهو طريق التجارة الدولية في الفلفل والبهار ، ثم اتجه إلى جدة ووصف السفن المخصصة لنقل الحجاج ثم تركها في يوم 11 ربيع الآخر 579هـ/ 2 اغسطس 1183م قاصدا مكة فوصلها بعد ثلاثة ايام وادى مناسك العمرة ، ويتخلل وصفه للمدينة عن اهل الحجاز انهم يهتمون بشدة بموسم الحجاج ، وان اشرف مكة على مذهب الزيدية ثم رحل إلى المدينة واكمل حجته بزيارة المسجد النبوى ثم اتجه في طريق إلى العراق وخراسان وكردستان والشام ووصف عادات وتقاليد السكان في الممالك الصليبية في عكا وصور وغيرها ورأى بنفسه التعاون والتبادل التجارى المشترك بين المسلمين والفرنج ويقال انه سافر ثلاث مرات في حياته إلى الشرق ثم استقر بمصر وتوفي بالاسكندرية في شهر شعبان 614هـ/ 1217م. وهكذا جاءة رحلته بمثابة مدونة وافية لجميع ما شاهده وصفحةواضحة لبعض تاريخ البلاد الاسلامية والمسيحية التى مربها وقاموسا لمصطلح عصره في بناء السفن والملاحة البحرية وثبتا باسماء البارزين من علماء المسلمين وملوكهم في اواخر القرن السادس الهجرى /القرن الحادى عشر الميلادى .



غرناطة
الموحدين
الاسكندرية