و لما كنتُ جَارَهُمُ حَبَوْنِي |
وفيكم كان-لو شئتم-حباء |
و لَمَّا أنْ مَدَحْتُ القَوْمَ قُلْتُمْ |
هجوت ولا يحلُّ لك الهجاءُ |
ألم أكُ مسلماً فيكون بيني |
و بينكمُ المودَّة ُ والإخاءُ |
فلَمْ أَشْتُمْ لكُمْ حَسَبَاً ولكن |
حدوت بحيث يستمعُ الحداءُ |
ولا وأبيك ما ظلمت قريعٌ |
ولا برموا بذاك ولا أساءوا |
فيبني مجدهم ويقيم فيها |
و يمشي إن أريد له المشاءُ |
هُمُ المتضمِّنون على المنايا |
بِمَالِ الجار ذلكُمُ الوَفَاءُ |
همُ الآسون أُمَّ الرأس لمّا |
تواكلهم الأطبّة ُ والإساءُ |
و إنّ بَلاءَهُم ما قد عَلِمْتُمْ |
لدى الذّاعي إذا رُفِع اللّواء |
إذا نزل الشّتاء بجار قومٍ |
تجنّب جار بيتهمُ الشّتاءُ |
فَأَبْقُواـ لاَأَبالَكُمُ ـ عَلَيْهم |
فإن ملامة المولى شقاءُ |
وإنّ أباكُمُ الأَدْنَى أَبُوهُمْ |
وإن صدورهُم لكُمُ براءُ |
وإن سعاتُهمْ لكُمُ سُعاة ٌ |
وإنّ نَمَاءَهُمْ لكُمُ نَمَاءُ |
و ثَغْرٍ لا يُقَامُ به كَفَوْكُمْ |
و لم يكُ دونهم لكمُ كفاءُ |
بجمهورٍ يحارُ الطّرف فيه |
يظلُّ معضّلاً منه الفضاءُ |
و لَمَّا أنْ دَعَوْتُ أخي بغيضاً |
أتاني حيثُ أسمعهُ الدّعاء |
و قد قالت أمامة ُ هل تعزّى |
فقلتُ أُمَيْمُ قد غُلِبَ العَزاء |
إذا ما العَيْنُ فَاضَ الدّمعُ منها |
أَقُوْلُ بها قَذًى وهُوَ البُكَاءُ |
لَعَمْرُكَ ما رأيتُ المَرْءَ تَبْقَى |
طَرِيقَتُهُ وإنْ طالَ البَقَاءُ |
على رَيْب المَنُونِ تَدَاوَلَتْهُ |
فَأَفْنَتْهُ وليس لها فَناءُ |
إذا ذهب الشبابُ فبانَ منهُ |
فليس لما مضى منه لقاءُ |
يَصَبُّ إلى الحياة ويَشْتَهِيهَا |
وفي طُولِ الحياة له عَناءُ |
فمنها أنْ يُقَادَ به بَعِيرٌ |
ذلولٌ حين يهترشُ الضراءُ |
و منها أن ينوءَ على يديه |
ويَظْهَرَ في تَرَاقِيهِ انْحِنَاءُ |
و يأخذه الهُداجُ إذا هداهُ |
وليدُ الحيِّ في يده الرّداءُ |
و ينظرُ حوله فيرى بنيه |
حِواءً مِنْ ورَائِهِمُ حِوَاءُ |
و يَحْلِفُ حَلْفَة ً لِبَنِي بَنيه |
لأمسوا مُعطِشين وهم رواءُ |
و يأمرْ بالجمال فلا تعشّى |
إذا أمْسَى وإنْ قَرُبَ العَشَاءُ |
تَقُولُ له الظَّعِينَة ُ أَغْنِ عَنِّي |
بعيرك حين ليس به غناءُ |