المسـعودي

900 - 958م

ولد أبو الحسن علي بن حسين المسعودي في بغداد سنة 287 للهجرة، وتوفي في مصر سنة 346 للهجرة.

 

قضى المسعودي ربع قرن وهو يتنقّل بين الأقطار المختلفة. فزار الأطراف الشرقية من الدولة العباسية، مثل فارس وكرمان وأذربيجان. وتجوّل في مدن الهند، في الشّمال الغربي من البلاد. ووصل جزيرة سيلان (سيريلنكا اليوم) ثم انتقل إلى جزيرة مدغشقر وشرق إفريقيا. هذا فضلاً عن زيارته للمدن الكبيرة في كل من مصر والشام والعراق.

 

شخصية المسعودي شخصية فذّة، فهو مؤرخ رحّالة جغرافي. كان مُلِمًا بجميع فروع المعرفة التي تيسّرت للعرب والمسلمين في أيامه، وكان يقرأ ويتنقّل وهو مفتّح العين والذّهن. فضلاً عن أنه كان نقّادة راغباً دوماً في الحصول على الأخبار الموثوق بها. لذلك، فإنّ الذي خلّفه المسعودي فيه شيء جديد. كان جديدًا في النظرة والأسلوب. وقد فُقِدَت كتب المسعودي الكبيرة، مثل: "أخبار الزّمان"، "الكتاب الأوسط"، كما ضاع الكثير من رسائله وكراساته الصّغيرة نسبيًا والتي يبلغ عددها الثّلاثين. ومع ذلك، فقد حُفِظَ لهُ كتابين هامين، هما: "التنبيه والإشراف" و"مروج الذهب". والقسم الأكبر من "التنبيه والإشراف" يمكن اعتباره مع الموضوعات الجغرافية، إذ إن المؤلف يتحدث فيه عن الأفلاك والنجوم والعناصر وقسمة الأزمنة والفصول وشكل الأرض وعامرها وغامرها والأقاليم السبعة. وبعد ذلك، يخصّ تاريخ العالم من آدم حتى أيام الرّسول عليه الصلاة والسلام.

 

والمسعودي في كتابيه "التنبيه والإشراف" و"مروج الذّهب" اختط نهجاً جديداً في التاريخ والجغرافيا، بما في ذلك الرحلة. فلم يكن يرى الأحداث مهما عظُمت، على أنها مستقلة أو أنها أمور تجري في فراغ، لذلك اهتمّ بحضارات الأقوام السالفة والمعاصرة له، وأصبحت الشعوب بالإضافة إلى الخلفاء والملوك والأسر الحاكمة، محوراً لكتابة التاريخ عنده، وقد تجنب الحوليات.

 

لم يدوّن المسعودي أخبار رحلاته تدويناً زمنياً. فهو لم يرحل من أجل ذلك، وإنما رحل وتنقّل ليفهم العالم وما يدور فيه؛ لذلك كان يفيد من هذه المعرفة من حيث جاءت. وهو يربط في كتاباته التاريخية والجغرافية بين الزمان والمكان والسكان. وهو في ذلك يصدر عن فكرٍ ثاقبٍ ونظرٍ بعيدٍ وتفكيرٍ عميقٍ.

 

والمسعودي المؤرّخ الجغرافي الرحالة العالم عَنِيَ بأمور النفس، وكتب في تدبير العساكر والممالك، وفي أصول الأحكام وأصول الملة وأصول الديانات. وبالرّغم من أنّ أكثر هذا قد فُقِدَ، فإن الكثير من آرائه ورد في "التنبيه والإشراف" و"مروج الذّهب". وقد صنّف العلوم على أنها الارتماطيقي- أي علم العدد، والجومطريقي- أي علم المسافة والهندسة، والأسترونوميا- أيّ علم النجوم، والموسيقى- أي علم تأليف الألحان. وكان للموسيقى في نفسه أثر كبير.



فارس
الشام
الموسيقى