سـيبويـه

تو. 183هـ
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المُلقّب بـ"سيبويه"، مولى بني الحرب بن كعب وقيل آل الربيع بن زياد الحارثي. 

 

هو إمام المتقدمين والمتأخرين في النّحو. 

 

قال الجاحظ: "أردتُ الخروج إلى محمد بن عبد الملك الزّيات وزير المُعتصم، ففكّرت في شيءٍ أهديه إليه فلم أجد شيئا أهديه له مثل هذا الكتاب (كتاب سيبويه)، وقد اشتريته من ميراث الفراء". فلمّا أخبرته، قال: "واللّه ما أهديت لي شيئًا أحبّ إليّ منه". وقيل إنّ الجاحظ لما أخبَر ابن الزيات بما حمله إليه، قال له ابن الزيات: "أَوَ ظننت أنّ خزانتنا خالية من هذا الكتاب؟" فقال الجاحظ: "ما ظننت ذلك، ولكن بخط الفراء ومقابلة الكسائي وتهذيب عمرو بن بحر الجاحظ، يعني نفسه". فقال ابن الزيات: "هذه أجلّ نسخة توجد وأعزها". فأَحضرَها إليه، فسُرّ بها. 

 

أخذ سيبويه النّحو عن الخليل بن أحمد وعن عيسى بن عمر ويونس بن حبيب وغيرهم. وأخذ اللّغة عن الأخفش الأكبر وغيره. 

 

قال ابن النطاح: "كنت عند الخليل ابن أحمد فأقبل سيبويه، فقال الخليل "مرحباً بزائر لا يمل". 

 

قال أبو عمر المخزومي، وكان كثير المجالسة للخليل: "ما سمعتُ الخليل يقولها لأحد إلاّ لسيبويه".

 

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان: ((هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، الملقب سيبويه، مولى بني الحارث بن كعب، وقيل آل الربيع بن زياد الحارثي؛ كان أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو، ولم يوضع فيه مثل كتابه، وذكره الجاحظ يوماً فقال: لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله، وجميع كتب الناس عليه عيال. وقال الجاحظ: أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم ففكرت في شيء أهديه له، فلم أجد شيئاً أشرف من كتاب سيبويه،فلما وصلت إليه قلت له: لم أجد شيئاً أهديه لك مثل هذا الكتاب، وقد اشتريته من ميراث الفراء، فقال: والله ما أهديت لي شيئاً أحب إلي منه. ورأيت في بعض التواريخ أن الجاحظ لما وصل إلى ابن الزيات بكتاب سيبويه أعلمه به قبل إحضاره، فقال له ابن الزيات: أو ظننت أن خزانتنا خالية من هذا الكتاب؟ فقال الجاحظ: ما ظننت ذلك، ولكنها بخط الفراء ومقابلة الكسائي وتهذيب عمرو بن بحر الجاحظ، يعني نفسه، فقال ابن الزيات: هذه أجل نسخة توجد وأعزها، فأحضرها إليه، فسر بها ووقعت منه أجمل موقع.

 

وأخذ سيبويه النحو عن الخليل بن أحمد- المقدم ذكره -وعن عيسى ابن عمر ويونس بن حبيب وغيرهم، وأخذ اللغة عن أبي الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر وغيره.

 

وقال ابن النطاح: كنت عند الخليل بن أحمد فأقبل سيبويه، فقال الخليل: مرحباً بزائر لا يمل، قال أبو عمر المخزومي وكان كثير المجالسة للخليل: ما سمعت الخليل يقولها لأحد إلا لسيبويه.

 

 

وكان قد ورد إلى بغداد من بصرة والكسائي يومئذ يعلم الأمين بن هارون الرّشيد، فجمع بينهما وتناظرا وجرى مجلس يطول شرحه، وزعم الكسائي أن العرب تقول: كنت أظن أن الزنبور أشد لسعاً من النحلة فإذا هو إياها، فقال سيبويه: ليس المثل كذا، بل فإذا هو هي، وتشاجرا طويلاً، واتفقا على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من كلام أهل الحضر، وكان الأمين شديد العناية بالكسائي لكونه معلمه، فاستدعى عربياً وسأله فقال كما قال سيبويه. فقال له: نريد أن تقول كما قال الكسائي، فقال: إن لساني لا يطاوعني على ذلك فإنه ما يسبق إلا إلى الصواب، فقرروا معه أن شخصاً يقول: قال سيبويه كذا وقال الكسائي كذا، فالصواب مع من منهما؟ فيقول العربي: مع الكسائي، فقال: هذا يمكن، ثم عقد لهما المجلس واجتمعا أئمة هذا الشأن وحضر العربي، وقيل له ذلك فقال: الصواب مع الكسائي، وهو كلام العرب، فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي، فخرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه، وقصد بلاد فارس فتوفي في قرية من قرى شيراز يقال لها البيضاء في سنة ثمانين ومائة، وقيل سنة سبع وسبعين، وعمره نيف وأربعون سنة، وقال ابن قانع: بل توفي بالبصرة في سنة إحدى وستين ومائة، وقيل سنة ثمان وثمانين، وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: توفي سنة أربع وتسعين ومائة، وعمره اثنتان وثلاثون سنة، وأنه توفي بمدينة ساوة، وذكر الخطيب في " تاريخ بغداد " عن ابن دريد أنه قال: مات سيبويه بشيراز، وقبره بها، والله أعلم.

 

وقيل أن ولادته كانت بالبيضاء المذكورة، لا وفاته. قال أبو سعيد الطوال: رأيت على قبر سيبويه هذه الأبيات مكتوبة، وهي لسليمان بن يزيد العدوي:

ذهب الأحبة بعـد طـول تـزاور

 

ونأى المزار فأسلموك وأقشـعـوا

تركوك أوحش ما تكون بـقـفـرة

 

لم يؤنسوك، وكربة لم يدفـعـوا؟

قضيا لقضاء وصرت صاحب حفرة

 

عنك الأحبة أعرض وتصـدعـوا

 

 

وقال معاوية بن بكر العليمي، وقد ذكر عنده سيبويه: رأيته وكان حديث السن، وكنت أسمع في ذلك العصر أنه أثبت من حمل عن الخليل بن أحمد، وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حبسة، ونظرت في كتابه فقلمه أبلغ من لسانه. 

 

وقال أبو زيد الأنصاري: كان سيبويه غلاماً يأتي مجلسي وله ذؤابتان، فإذا سمعته يقول: حدثني من أثق بعربيته، فإنما يعنيني.

 

وكان سيبويه كثيراً ما ينشد:

إذا بل من داءٍ به ظـن أنـه

 

نجا، وبه الداء الذي هو قاتله

 

وسيبويه: بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الباء الموحدة والواو وسكون الياء الثانية وبعدها هاء ساكنة، ولا يقال بالتاء البتة، وهو لقب فارسي معناه بالعربية رائحة التفاح؛ هكذا يضبط أهل العربية هذا الاسم ونظائره مثل نفطويه وعمرويه وغيرهما، والعجم يقولون " سيبويه " بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح الياء المثناة بعدها، لأنهم يكرهون أن يقع في آخر الكلمة " ويه " لأنها للندبة. وقال إبراهيم الحربي: سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحتان، وكان في غاية الجمال، رحمه الله تعالى)). 

 

المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان



الجاحظ
الخليل