جر المخزيات على كليب الفرزدق

جَرّ المُخْزِياتِ عَلى كُلَيْبٍ

جَرِيرٌ ثمّ مَا مَنَعَ الذِّمَارَا

وَكَانَ لَهُمْ كَبَكْرِ ثَمودَ لمّا

رَغَا ظُهْراً، فَدَمّرَهمْ دَمَارَا

عَوَى فَأثَارَ أغْلَبَ ضَيْغَمِيّاً،

فَوَيْلَ ابنِ المَرَاغَةِ ما اسْتَثَارَا

مِنَ اللاّئي يَظَلّ الألْفُ مِنْهُ

مُنِيخاً مِنْ مَخَافَتِهِ نَهَارَا

تَظَلّ المُخْدِرَاتُ لَهُ سُجُوداً،

حَمَى الطّرُقَ المَقانِبَ والتِّجارَا

كَأنّ بساعِدَيْهِ سَوَادَ وَرْسٍ،

إذا هُوَ فَوْقَ أيْدي القَوْمِ سارَا

وَإنّ بَني المَرَاغَةِ لَمْ يُصِيبُوا

إذا اخْتارُوا مَشاتَمَتي اخْتِيَارَا

هَجَوْني حَائِنِينَ وَكَانَ شَتْمي

عَلى أكْبَادِهِمْ سَلَعاً وَقَارَا

سَتَعْلَمُ مَنْ تَنَاوَلُهُ المَخَازِي

إذا يَجْرِي وَيَدّرِعُ الغُبَارَا

وَنَامَ ابنُ المَرَاغَةِ عَنْ كُلَيْبٍ

فَجَلّلَهَا المَخَازِي وَالشَّنَارَا

وَإنّ بَني كُلَيْبٍ، إذْ هَجَوْني،

لَكَالجِعْلانِ إذْ يَغْشَينَ نَارَا

وَإنّ مُجَاشِعاً قَدْ حَمّلَتْني

أُمُورَاً لَنْ أُضَيِّعَهَا كِبَارَا

قِرَى الأضْيَافِ، لَيلَةَ كلّ رِيحٍ

وَقَدْماً كُنْتُ للأضْيافِ جَارَا

إذا احْتَرَقَتْ مَآشِرُهَا أشَالَتْ

أكَارِعَ في جَوَاشِنِهَا قِصَارَا

تَلُومُ عَلى هِجَاءِ بَني كُلَيْبٍ،

فَيا لَكَ للمَلامَةِ مِنْ نَوَارَا

فَقُلْتُ لهَا: ألَمّا تَعْرِفِيني،

إذا شَدّتْ مَحَافَلَتي الإزَارَا

فَلَوْ غَيرُ الوِبَارِ بَني كُلَيْبٍ

هَجَوْني ما أرَدْتُ لَهُمْ حِوَارَا

ولَكِنّ اللّئَامَ إذا هَجَوْني

غَضْبتُ فكانَ نُصْرَتي الجِهَارَا

وَقَالَتْ عِنْدَ آخِرِ مَا نَهَتْني:

أتَهْجُو بِالخَضَارِمَةِ الوِبَارَا

أتَهْجُو بِالأقَارِعِ وَابنِ لَيْلى

وَصَعْصَعَةَ الّذِي غَمَرَ البِحَارَا

وَنَاجِيَةَ الّذِي كَانَتْ تَمِيمٌ

تَعِيشُ بِحَزْمِهِ أنّى أشَارَا

بِهِ رَكَز الرِّمَاحَ بَنُو تَمِيمٍ

عَشِيّةَ حَلّتِ الظُّعُنُ النِّسَارَا

وَأنْتَ تَسُوقُ بَهْمَ بَني كُلَيْبٍ

تُطَرْطِبُ قائِماً تُشلي الحُوَارَا

فكَيْفَ ترُدّ نَفْسَكَ يا ابن ليلى

إلى ظِرْبَى تَحَفّرَتِ المَغَارَا

أجِعْلانَ الرَّغَامِ بَني كُلَيْبٍ،

شِرَارَ النّاس أحْسَاباً وَدَارَا

فَرَافِعْهُمْ، فَإنّ أبَاكَ يَنْمَى

إلى العُلْيا إذا احتقروا النقارا

وإنَّ أباكَ أكرمُ منْ كليبٍ

إذا العِيدانُ تُعْتَصَرُ اعْتِصَارَا

إذا جُعَلُ الرَّغَامِ أبُو جَرِيرٍ

تَرَدّدَ دُونَ حُفْرَتِهِ فَحَارَا

مِنَ السُّودِ السّرَاعِفِ ما يُبَالي

ألَيْلاً مَا تَلَطّخَ أمْ نَهَارَا

لَهُ دُهْدِيّةٌ إنْ خَافَ شَيْئاً

مِنَ الجِعْلانِ أحْرَزَها احتِفارَا

وَإنْ نَقِدَتْ يَدَاهُ فَزلّ عَنْهَا

أطافَ بِهِ عَطِيّةُ فَاسْتَدَارَا

رَأيْتُ ابنَ المَرَاغَةِ حِينَ ذَكّى

تَحَوّلَ، غَيرَ لحيَتِهِ، حِمَارَا

هَلمّ نُوَافِ مَكّةَ ثُمّ نَسْألْ

بِنَا وَبِكُمْ قُضَاعَةَ أوْ نِزَارَا

وَرَهطَ ابنِ الحُصَينِ فلا تَدَعْهُمْ

ذَوِي يَمَنٍ وَعَاظِمْني خِطَارَا

هُنَالِكَ لَوْ نَسَبْتَ بَني كُلَيْبٍ

وَجَدْتَهُمُ الأدِقَاءَ الصِّغَارَا

وَمَا غَرّ الوِبَارَ بَني كُلَيْبٍ،

بِغَيْثي حِينَ أنْجَدَ وَاسْتَطَارَا

وَبَاراً بِالفَضَاءِ سَمِعْنَ رَعْداً،

فَحاذَرْنَ الصّوَاعِقَ، حينَ ثارَا

هَرَبْنَ إلى مَدَاخِلِهِنّ مِنْهُ،

وَجَاءَ يُقَلِّعُ الصّخْرَ انْحِدارَا

فَأدْرَكهُنّ مُنْبَعِقٌ ثُعَابٌ،

بحَتْفِ الحَينِ إذْ غَلَبَ الحِذارَا

هَجَوْتُ صِغَارَ يَرْبُوعٍ بُيُوتاً،

وَأعْظَمَهُمْ مِنَ المَخْزَاةِ عَارَا

فإنّكَ وَالرِّهَانَ عَلى كُلَيْبٍ

لَكَالمُجْرِي مَعَ الفَرَسِ الحِمارَا