إنْ تُذعَرِ الوَحشُ مِنْ رَأسي وَلِمَّتِهِ |
فَقَدْ أصِيدُ بها الغِزْلانَ وَالبَقَرَا |
قُلتُ لمَوْتَى وَخُوصٍ إذْ وَقَعنَ بهمْ |
يَصرِفْنَ جَهداً وَلم تَستَطعمِ الجِرَرَا |
إنّ النّدى وَيدَ العَبّاسِ، فارْتَحِلوا، |
مِثْلُ الفُراتِ إذا ما مَوْجُهُ زَخَرَا |
إنْ تَبْلُغوهُ تَكونُوا مِثلَ مُنتَجِعٍ |
غَيْثاً يَمُجّ ثَآهُ المَاءَ وَالزَّهَرَا |
إلَيكَ أُرْحِلَتِ الأحقابُ وَاختَلَطتْ |
بها الغُروضُ ولاقَى الأعيُنُ السَّهَرَا |
وَما جَلَوْنَ لَنا عَيْناً، فَنُطْمِعَها |
بالنّوْمِ إلاّ مَعَ الإصْباحِ إذْ حَشَرَا |
إذْ وَقَعَتْ كوُقوعِ الطّيرِ وَانّجَدلَتْ |
رُكبانُها حِينَ لاقَى الأزْرُعُ القَصَرَا |
مِثْلَ الجَرَاثِيمِ مَوْتَى حينَ حَلّ بهم |
طول السُّرَى ركبوا أعضادَها إنّ أبا الحَارِثِ العَبّاسَ نَائِلُهُ |
مِثلُ السَّماكِ الذي لا يُخلِفُ المَطرَا |
يَداهُ: هذي حَياً للناسِ يَعْصِمُهُمْ، |
وَيَجْعَلُ الله في الأخرَى لهُ الظَّفَرَا |
يا أكْرَمَ الناسِ إذْ هَزّوا عَوَاليَهُمْ، |
وَأطْيَبَ النّاسِ عِندَ الخُبرِ مُعتَصَرَا |
إني سَمِعْتُ بجَيْشٍ أنْتَ قَائِدُهُ، |
وَوَقْعَةٍ رَفَعَتْ أيّامُهَا مُضَرَا |
لمّا التَقَى الناسُ يَوْمَ البأسِ كنتَ لهمْ |
ضَوْءاً وَمِرْدى حروبٍ يَهدِمُ الحجرَا |
وَأنْتَ وَالناسُ يَوْمَ البأسِ قد علموا |
كالنّارِ حِينَ أطارَ الجاحِمُ الشّرَرَا |
وَلَوْ لَقِيتَ الّذي تُكْنى بكُنْيَتِهِ، |
فاسطاعَ مِنكَ، أبا الأشبالِ، لا نجَحَرَا |
يا ابنَ الخَلائِفِ! إنّ الخيل قد علمتْ |
إذا أثَارَتْ على أبْطالِهَا القَتَرَا |
أنّكَ أوّلُهُمْ طَعْناً، وَأعْطَفُهُمْ |
وَرَاءَ مُرْهَقِ أُخْرَاهُمْ إذا جأرَا |
وَصَابِرٍ بِكَ لَوْلا ما رَأى صَنَعَتْ |
يَداكَ بِالخَيْلِ وَالأبْطالِ ما صَبَرَا |
إنّ الوَلِيدَ أبَا العَبّاسِ أوْرَثَهُ |
مِنَ المَكارِمِ مِنها الرُّجّحُ الكُبَرَا |
وَجَفْنَةً مِثلَ حَوْضِ البِئرِ مُترَعَةً |
تطْرُدُ عَمّنْ أتاهَا الجُوعَ وَالخَصَرَا |
جَوْفاء، شِيزِيّةً، مَلأى، مُكَلَّلةً |
مِنَ السّنامِ تَرَى مِنْ حَوْلها عَكَرَا |
مِنَ الرِّجالِ وَأيْفاعٍ قَدِ احتُمِلُوا |
مُؤزَّرِينَ، وَمِثلَ البَهْمِ ما اتّزَرَا |
كِلاهُما مُشْبَعً، رَيّانُ وَارِدُهُ، |
الأيِّبُونَ إلَيْهَا وَالّذِي بَكَرَا |
إنّ النّدى صَاحِبَ العبّاسِ حَالَفَهُ |
وَالجودَ هُمْ إخوَةٌ قد أغرَقوا البَشَرَا |
حَثْياً بِأيْدِيهِمِ المَعْرُوفَ نَائِلُهُ، |
تَفْتُرُ عَنْهُ الصَّبَا وَالجُودُ ما فَتَرَا |
إنّا أتَيْنَاكَ إذْ حَلّتْ بِسَاحَتِنَا |
مِنَ السّنينَ عَضُوضٌ تَفْلِقُ الحجرَا |
مُنتَجعيكَ انْتِجاع الغيْثِ إذْ وَقَعَتْ |
أشْرَاطُهُ بحَياً يُحْيي بِهِ الشَّجرَا |
إنّا وَإيّاكَ كالدَّلْوِ التي وَقَعَتْ |
عَلى يَدَيْ مائِحٍ بالحَمدِ ما شَعَرَا |
مِنْ مَاتِحٍ لمْ يَجِدْ دَلْواً فُيورِدَها |
عَلَيهِ إلاّ مِنَ الحَمدِ الذي ظَهَرَا |
يا ابنَ الوَليدِ ألَيسَ النّاسُ قد عَلموا |
أنّكَ وَالسّيْفَ إسْلامٌ لمَنْ كَفَرَا |
مِنْ نَازِعٍ طاعَةً حَتى تَكُونَ لَهُ |
بَعْدَ العَمَى مِنْ فُؤادٍ ناكِثٍ بصرَا |
لأمْدَحَنّكَ مَدْحاً لا يُوَازِنُهُ |
مَدْحٌ إذا أنشَدَ الرّاوِي به هَدَرَا |
وَالقَوْمُ لَوْ بادَرُوكَ المَجْدَ لاعترَفوا |
عَلَيْهمُ في يَدَيكَ الشّمسَ وَالقَمَرَا |
ما اقتَسَمَ الناسُ مِنْ مِيرَاثِ مُقتَسَمٍ |
عِندَ التُّرَاثِ إذا في قَبْرِهِ انْحَدَرَا |
مِثْلَ تُرَاثِ أبي العَبّاسِ أوْرَثَهُ |
مِنَ الطِّعانِ وَبَينَ الأعيُنِ الغُرَرَا |
وَالعَبْطُ للنِّيبِ حَتى لا تَهُبّ لهَا |
رِيحٌ، وَيَقْتُلُ بِالمَأدُومَةِ القِرَرَا |
يا ابنَ السّوَابقِ إنْ مدّوا إلى حَسَبٍ |
وَالأعْظَمِينَ إذا ما خاطَرُوا خَطَرَا |
وَالغابِقِينَ مِنَ المَحْضَينِ جارَتَهُمْ |
والزّائِديها إلى اسْتِحْيائِهَا خَفَرَا |
وَلَيْسَ مُتْبِعَ مَعْرُوفٍ تَنُولُ بِهِ |
يَداهُ مَنّاً، إذا أعطى، وَلا كَدَرَا |