حرف الياء لَعَمْرِي لَقَدْ نَبّهْتِ يا هِندُ مَيّتاً |
قَتيلَ كَرىً من حيثُ أصْبحتُ نَائِيَا |
وَلَيْلَةَ بِتْنَا بِالجُبُوبِ تَخَيّلَتْ |
لَنَا، أوْ رَأيْنَاهَا لِمَاماً تَمَارِيَا |
أطَافَتْ بِأطْلاحٍ وَطَلْحٍ، كَأنّما |
لَقُوا في حِياضِ المَوْتِ للقَوْمِ ساقيَا |
فَلَمّا أطافَتْ بالرّحالِ، وَنَبّهَتْ |
بِريحِ الخُزَامَى هاجعَ العَينِ وَانِيَا |
تَخَطّتْ إلَيْنَا سَيرَ شَهْرٍ لِسَاعَةٍ |
مِنَ اللّيْلِ، خاضَتها إلَينا الصّحارِيَا |
أتَتْ بالغَضَا، من عالجٍ، هاجعاً هوَى |
إلى رُكْبَتيْ هَوْجَاء تَغْشَى الفَيافِيَا |
فَباتَتْ بِنَا ضَيْفاً دَخيلاً، ولا أرَى |
سِوَى حُلُمٍ جَاءتْ بهِ الرّيحُ سَارِيَا |
وَكَانَتْ إذا ما الرّيحُ جاءتْ بَبشْرِهَا |
إليّ سَقَتْني ثُمّ عَادَتْ بِدائِيَا |
وَإني وَإيّاهَا كمَنْ لَيْسَ وَاجِداً |
سِوَاها لِمَا قَدْ أنْطَفَتْهُ مُداوِيَا |
وَأصْبَحَ رَأسِي بَعْدَ جَعْدٍ كَأنّهُ |
عَناقِيدُ كَرْمٍ لا يُرِيدُ الغَوالِيَا |
كأني بِه استَبْدَلْتُ بَيْضَةَ دارِعٍ، |
تَرَى بحَفَافَيْ جَانِبَيْهِ العَنَاصِيَا |
وَقَدْ كَانَ أحْيَاناً إذا مَا رَأيْتَهُ |
يَرُوعُ كما رَاعَ الغِنَاءُ العَذارِيَا |
أتَيْنَاكَ زُوّاراً، وَسَمْعاً وَطَاعَةً، |
فَلَبّيْكَ يَا خَيرَ البَرِيّةِ دَاعِيَا |
فَلَوْ أنّني بِالصّينِ ثُمّ دَعَوْتَني |
وَلَوْ لمْ أجِدْ ظَهْراً أتَيْتُكَ سَاعِيَا |
وَما لي لا أسْعَى إلَيْكَ مُشَمِّراً، |
وَأمْشِي على جَهْدٍ، وَأنْتَ رَجائِيَا |
وَكَفّاكَ بَعْدَ الله في رَاحَتَيْهِمَا |
لمَنْ تحتَ هَذي فَوْقَنا الرّزْقُ وافِيَا |
وَأنتَ غِياثُ الأرْضِ وَالنّاسِ كُلِّهم، |
بكَ الله قَدْ أحَيَا الذي كانَ بالِيَا |
وَمَا وَجَدَ الإسْلامُ بَعْدَ مُحَمّدٍ |
وَأصْحَابِهِ للدّينِ، مِثْلَكَ رَاعِيَا |
يَقُودُ أبُو العاصِي وَحَرْبٌ لحَوْضِهِ |
فُرَاتَينِ قَدْ غَمّا البُحُورَ الجَوَارِيَا |
إذا اجْتَمَعَا في حَوْضِهِ فَاضَ مِنهما |
على النّاسِ فَيْضٌ يَعلُوانِ الرّوابِيَا |
فلمْ يُلقَ حَوْضٌ مثلُ حوْضٍ هما له، |
ولا مِثْلُ آذِيٍّ فُرَاتَيْهِ سَاقِيَا |
وَمَا ظَلَمَ المُلْكَ ابنُ عاتِكَةَ الّتي |
لهَا كُلُّ بَدْرٍ قَدْ أضَاءَ اللّيَالِيَا |
أرعى الله بالإسْلامِ والنّصْرِ جاعِلاً |
على كَعبِ مَن ناوَاكَ كَعْبَكَ عَالِيَا |
سَبَقْتُ بِنَفْسِي بِالجَرِيضِ مُخاطراً |
إلَيكَ على نِضْوِي الأسُودَ العَوَادِيَا |
وَكَنتُ أرَى أن قد سَمعتَ وَلَوْ نأتْ |
على أثَرِي إذْ يُجْمِرُونَ بِدائِيَا |
بخَيرِ أبٍ وَاسْمٍ يُنَادَى لِرَوْعَةٍ |
سِوَى الله قَدْ كانتْ تُشيبُ النّوَاصِيَا |
تُرِيدُ أمِيرَ المُؤمِنينَ وَلَيْتَهَا |
أتَتْكَ بِأهْلي، إذْ تُنَادِي، وَمَالِيَا |
بمُدَّرِعِينَ اللّيْلَ مِمّا وَرَاءَهَا، |
بأنْفُسِ قَوْمٍ قَدْ بَلَغنَ التّرَاقِيا |
إلَيْكَ أكَلْنا كُلَّ خُفٍّ وَغَارِبٍ |
وَمُخٍّ، وَجاءَتْ بِالجَرِيضِ مَنَاقِيَا |
إلَيْكَ أكَلْنا كُلَّ خُفٍّ وغارِبٍ |
وَمُخٍّ، وَجاءتْ بالجَرِيضِ مَناقِيَا |
تَرَامَينَ مِنْ يَبْرِينَ أوْ مِنْ وَرَائها |
إلَيْكَ على الشّهرِ الحُسُومِ تَرَامِيَا |
وَمُنْتَكِثٍ عَلّلْتُ مُلْتَاثَهُ بِهِ، |
وَقد كَفّنَ اللّيلُ الخُرُوقَ الخَوَالِيَا |
لألقَاكَ، إني إنْ لَقِيتُكَ سَالِماً، |
فَتِلْكَ الّتي أُنْهَى إلَيْهَا الأمَانِيَا |
لَقَدْ عَلِمَ الفُسّاقُ يَوْمَ لَقيتَهُمْ |
يَزهيدُ وَحَوّاكُ البُرُودِ اليَمَانِيَا |
وَجاءُوا بمثْل الشّاء غُلْفاً قُلوبُهُمْ |
وَقَدْ مَنّيَاهُمْ بالضّلال الأمَانيَا |
ضَرَبْتَ بسَيْفٍ كانَ لاقَى مُحَمّدٌ |
بهِ أهْلَ بَدْرٍ، عَاقِدِينَ النّواصِيَا |
فَلَمّا التَقَتْ أيْدٍ وَأيْدٍ، وَهَزّتَا |
عَوَاليَ لاقَتْ للطّعانِ عَوَالِيَا |
أرَاهُمْ بَنُو مَرْوَانَ يَوْمَ لَقُوهُمُ |
بِبَابِلَ يَوْماً أخْرَجَ النّجْمَ بَادِيَا |
بَكَوْا بِسُيُوفِ الله للدّينِ إذْ رَأوْا |
مَعَ السّودِ والحُمْرَانِ بالعَقْرِ طاغيَا |
أنَاخُوا بِأيْدي طاعَةٍ وَسُيُوفُهُمْ |
على أُمّهَاتِ الهَامِ ضَرْباً شَآمِيَا |
فَما تَرَكَتْ بالمَشْرِعَينِ سُيُوفُكُمْ |
نُكُوباً عنِ الإسْلامِ مِمّنْ وَرَائِيَا |
سعَى الناسُ مُذْ سَبعَونَ عاماً ليَقلعوا |
بآلِ أبي العاصِي الجِبَالَ الرّوَاسِيَا |
فما وَجَدُوا للحَقّ أقْرَبَ مِنْهُمُ، |
وَلا مِثْلَ وَادي آل مَرْوَانَ وَادِيَا |