أعَيْنيّ ما بَعْدَ ابنِ مُوسَى ذَخِيرَةٌ، |
فَجُودَا، إذا أنْفَدتْمَا المَاءَ، بالدّمِ |
وَهِيجَا إذا نَامَ الخُلِيُّ وَأسْعِدَا |
عَلَيْهِ بِنُوْحٍ مِنْكُمَا كُلَّ مأتَمِ |
وَما لكُما لا تَبكِيَان، وَقد بَكَتْ |
لَهُ كُلُّ عَينٍ مِنْ فَصِيحٍ وَأعْجَمِ |
فَأيُّ فَتىً بَعْدَ ابنِ مُوسَى نُعِدُّهُ |
لِيَوْمِ لِقَاءٍ، أوْ حَمَالَةِ مَغْرَمِ |
فَتىً، بَينَ صدّيقِ النّبيّ فُرُوعُهُ، |
وَطَلْحَةَ مَحمودِ الخَلائقِ خِضرِمِ |
وَلَوْ شَاءَ إذْ وَلَّى الكَتائبُ حَوْلَهُ، |
تَعالى على بَاقي العُلالَةِ مِرْجَمِ |
وَلَكِنْ رَأى أنّ الحَيَاةَ ذَمِيمَةٌ، |
وَأنّ المَنَايَا تَرْتَقي كُلَّ سُلّمِ |
وَأنّ فِرَارَ المُسْلِمِينَ خَزَايَةٌ، |
وَأُحدُوثَةٌ تَنْمي إلى كُلّ مَوْسِمِ |
وَعِنْدَ ابنِ مُوسَى السّالِميّ، كأنّهُ |
عَتيقٌ بِكَفّيْ قَانِصٍ مُتَقَرِّمِ |
وَلا حِقَةُ الآطَالِ جُرْدٌ مُتُونُهَا، |
تَبُذُّ هَوَادِيهَا يَدَيْ كُلِّ مُلْجِمِ |
عَنَاجيجُ مِنْ آلِ الصّرِيحِ كَأنّمَا |
يَخَلْنَ التِهابَ الشّدّ أسلابَ مَغَنمِ |
فَقالَ لمَنْ يَرْجُو الإيابَ استَغِثْ بها، |
وَكَرَّ كَمخضُوبِ الذّراعينِ ضَيغَمِ |
بِسَيْفِ أبي بَكْرٍ وَطَلْحَةَ يَختَلي |
بهِ حَلَقَ المَاذِيّ عَنْ كلّ مِعصَمِ |
فَقُلْ لِعَتاقِ الخَيْلِ تَمنَعْ ظُهُورَهَا، |
فَقَدْ غِيلَ عَنها مَن يَقولُ لها اقدِمِ |
على غَمَراتِ المَوْتِ تَشكُو عِتاقُها |
إذا ساورَتْ وَقْعَ القَنَا والتّحَمحُمِ |
يَجُودُ بنَفْسٍ لا يُجَادُ بِمثْلَهَا، |
إذا غَيّرَ السِّيمَا بهِ كُلّ مُعْلَمِ |
فَقَدْ نَقَضَ الأيّامُ بَعْدَ مُحَمّدٍ |
على القَوْمِ مِنْ مِرّاتهِمْ كُلَّ مُبرَمِ |