وَمَطْرُوفَةِ العَيْنَينِ قد قُدْتُ الصِّبا، |
تُقادُ إلى أخْرَى لَذِيذٍ شَمِيمُهَا |
وَكَيْفَ بعَيْني وَالتي طُرِفَتْ بهَا |
لهَا حِينَ ألْقَاهَا يَمُوتُ سُجُومُهَا |
وَدَوّيّةٌ نَاءٍ مِنَ الخِمْسِ مَاؤهَا، |
تَقَمَّسُ في طَافي السّرَابِ أرُومُهَا |
وَلَيْلَةِ أسْرَابٍ نُزُولٍ مِنَ القَطَا |
يُثَارُ بِألِحْي المُرْقِلاتِ جُثُومُهَا |
أثرْتُ بِا جُونَ القَطا حِينَ عَسكرَتْ |
على الأرْضِ دَيّورٌ تَداعى خُصُومُهَا |
كأنّ حديثَ الدّارِجاتِ مِنَ القَطَا |
تَراطُنُ أنْبَاطٍ تَلاقَتْ ورُومُهَا |
بمُستَأنِسٍ بالقَفْرِ فَرْدٍ تَقاذَفَتْ |
على الأرْضِ دَيمُوماتُها وَحُزُومُهَا |
كأنّ رِجالَ الدّاعِرِيّةِ تَحْتَهَا، |
قِلاصُ نَعَامٍ يَنْتَحِيهَا ظَليمُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ لِلْمَهَارِي طَوِيلَةٍ، |
وَأيّامُهَا اللاتي طِوَالٌ حُسُومُهَا |
أقَمْتُ بهَا أعْنَاقَ غيدٍ، كَأنّها |
سُكَارَى تُفَدّى تَارَةً، وَتَلُومُهَا |
وَسَوْداءَ مِنْ لَيْلِ التَّمامِ اعتَسَفتُها |
إلى أنْ تَجَلّى عَنْ بَياضٍ هُدومُهَا |
كَأنّ بِها مَوصُولَتَينِ طَعَنْتُهَا |
بِأعْنَاقِ أطْلاحٍ دَوَامٍ كُلُومُهَا |
أقَمْتُ لَهَا أعْناقَ لازِقَةِ الذُّرَى، |
إلى أنْ تَجَلّى بِالبَيَاضِ بَهِيمُهَا |
وَمَا جُشّمَ الأظْهَارَ مِثلُ شِمِلّةٍ، |
وَحَامِلَةٍ للهَمّ مَاضٍ صَرِيمُهَا |
تَخَوّنَهَا تَهْجِيرُ كُلِّ وَدِيقَةٍ، |
إلى أنْ أتَتْ مُخَّ السُّلامَى شُحومُهَا |
وَهاجِرَةٍ كَلّفْتُ نَفْسِي وَنَاقَتي، |
من المُنضِجاتِ اللّحمِ نِيّاً سُمومُها |
فَهُنّ شِفَاءُ الهَمّ، إذْ جاءَ طارِقاً |
لَدَى البَدَوَاتِ المُسْمَهِرِّ عَزِيمُهَا |
وَحَمرَاءُ مِنْ لَيْلِ الشّتاءِ قَتلتُها |
منَ القَرّ، يَأبَى كَلبُها لا يُرِيحُهَا |
يَعَضّ عَلى النّارِ الّذينَ يَلُونَهَا، |
إذا كانَ ثَوْبَ الكلبِ منها جَحيمُهَا |
جَعلتُ لحَافَ القَرّ للمُبتَغي القِرَى، |
بضَرْبَةِ سَاقٍ قَدْ أُفِرَّ صَمِيمُهَا |
أنَخْنَا ثَلاثاً تَحتَ ضَامِنَةِ القِرَى، |
مِنَ الغَلْي يَسْمُو بالمَحالِ هَزِيمُهَا |
فَلَيْتَ أمِيرَ المُؤمِنينَ قدِ انْتَهَتْ |
إلَيهِ مِنَ الصُّهْبِ المَهارِي رَسِيمُهَا |
عَلَيها امرُؤٌ لا يَنقُضُ اللّيلُ عَزْمَهُ، |
وَلا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلاّ حَميمُهَا |
بِذِعْلِبَةٍ مَا مَسّ إلاّ مُنَاخُها |
لِنصْفِ صَلاةٍ، وَهيَ دامٍ رَثيمُهَا |
لهَا الأرْضُ إلاّ أرْبَعٌ ثِفنَاتُهَا، |
إذا اللّيْلَةُ السّوداءُ نَاداهُ بُومُهَا |
وَلا يَقْتُلُ اللّيْلَ المُبَيَّتَ هَمُّهُ |
مِنَ الصّهْبِ بالرُّكْبَانِ إلاّ كُتومُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ قَدْ حَمَلْتُ ثَقِيلَهَا |
عَلى رَحْلِ مِذْعانٍ بَطيءٍ سُؤومُها |
خَبَطْتُ بهَا الظَلماءَ، حتى أضَاءَهَا |
عَمُودُ ضِيَاءٍ بالبَيَاضِ يَضِيمُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ مُرْجَحِنٍّ ظَلامُهَا، |
سَوَاءٌ عَلَيْنَا طَلْقُهَا وَغُيُومُهَا |
كَأنّ بهَا الأيّامَ وَاللّيْلَ وُصِّلا |
وَظَلْمَاءَ مُسْوَدٌّ عَلَيْهَا بَهِيمُهَا |
إذا مَا رَجَوْنَا ضَوْءهَا اعتكَرَتْ لهَا |
شَآمِيّةُ الألْوَانِ ضَوْءٌ بَرِيمُهَا |
فَذلِكَ من لَيلِ الطِّوَالِ إذا التَقَتْ |
عَلَيْنَا بهِ ظَلْمَاؤهُ وَعُتُومُهَا |
إذا قُلْتُ للحُرّاسِ هَلْ لَيْلَتي دنتْ |
من الصّبْحِ أوْ كانَتْ جُنوحاً نجُومُهَا |
يَقُولُونَ: ما يَنْزِلْنَ إلاّ تَنَزُّلاً |
بَطِيئاً، وَمُسْوَدّاً عَلَيْنَا أدِيمُهَا |
فَلَيْتَ مَكَانَ الأرْبَعِينَ الّتي لهَا |
بِسَاقَيّ آثارٌ مُبِينٌ وَشُومُهَا |
أخا نَجْدَةٍ عندي أخُوهُ فجَعتُهُ |
بهِ، وَالمَنَايَا جَانِيَاتٌ حُتُومُهَا |
فَنَازَلَني بِالسَّيْفِ عَنْهُ وَدُونَهُ |
مع السيْفِ حِضْبُ الأرْضِ بادٍ شكيمُها |