ألَسْتُمْ عَائِجِينَ بِنَا لَعَنّا |
نَرَى العَرَصَاتِ أوْ أثَرَ الخِيَامِ |
فَقَالُوا: إنْ فَعَلْتَ، فَأغْنِ عَنّا |
دُمُوعاً غَيْرَ رَاقِيَةِ السّجَامِ |
فكَيْفَ إذا رَأيْتُ دِيَارَ قَوْمي |
وَجِيرَانٍ لَنَا، كَانُوا، كِرَامِ |
أُكَفْكِفُ عَبْرَةَ العَيْنَيْنِ مِنّي، |
وَمَا بَعْدَ المَدَامِعِ مِنْ مَلامِ |
سَيُبْلِغُهُنّ وَحْيَ القَوْلِ عَنّي، |
وَيُدْخِلُ رَأسَهُ تَحَتْ القِرَامِ |
أُسَيّدُ ذُو خُرَيّطَةٍ نَهَاراً |
مِنَ المُتَلَقّطي قَرَدَ القُسَامِ |
فَقُلْنَ لَهُ نَوَاعِدُهُ الثّرَيّا، |
وَذاكَ عَلَيْهِ مُرْتَفِعُ الزّحَامِ |
رَآني الغَانِيَاتُ فَقُلْنَ: هذا |
أبُونَا جَاءَ مِنْ تَحْتِ السِّلامِ |
فَإنْ يَضْحَكْنَ أوْ يَسْخَرْنَ مِني |
فإني كُنْتُ مِرْقَاصَ الخِدَامِ |
وَلَوْ جَدّاتهنّ سَألْنَ عَنّي |
رَجَعْنَ إليّ أضْعَافَ السَّلامِ |
رَأيْنَ شُرُوخَهُنّ مُؤزَّرَاتٍ |
وَشَرْخَ لِدِيّ أسْنَانَ الهِرَامِ |
تَقُولُ بَنيّ: هَلْ يَكُ مِنْ رُجَيْلٍ |
لِقَوْمٍ مِنْكَ غَيرَ ذَوي سَوَامِ |
فَتَنْهَضَ نَهْضَةً، لِبَنِيكَ فِيهَا |
غِنىً لَهُمُ مِنَ المَلِكِ الشّآمي |
فَقُلْتُ لهُمْ: وَكَيفَ وَلَيسَ أمشِي |
على قَدَمَيّ وَيْحَكُمُ مَرَامي |
وَهَلْ لي حِيلَةٌ لَكُمُ بِشَيْءٍ، |
إذا رِجْلايَ أسْلَمَتَا قِيَامي |
رَمَتْني بِالثّمَانِينَ اللّيَالي، |
وَسَهْمُ الدّهْرِ أصْوَبُ سَهِمِ رَامي |
وَغَيّرَ لَوْنَ رَاحِلَتي وعلَوْني |
تَرَدّيَّ الهَوَاجِرَ وَاعْتِمَامي |
وَإقْبَالُ المَطِيّةِ كُلَّ يَوْمٍ، |
مِنَ الجَوْزاءِ، مُلْتَهِبِ الضّرَامِ |
وَإدْلاجي، إذا الظّلْمَاءُ جارَتْ، |
إلى طَرْدِ النّهَارِ، دُجَى الظّلامِ |
أقُولُ لِنَاقَتي، لَمّا تَرَامَتْ |
بِنَا بيدٌ مُسَرْبَلَةُ القَتَامِ: |
أغِيثي، مَنْ وَرَاءَكِ، مِنْ رَبِيعٍ |
أمَامَكِ مُرْسَلٍ بِيَدَيْ هِشَامِ |
يَدَيْ خَيْرِ الّذِينَ بَقُوا وَمَاتُوا، |
إمَاماً وَابْن أمْلاكٍ عِظَامِ |
بِهِ يُحْيِي البِلادَ وَمَنْ عَلَيْهَا |
مِنَ النَّعَمِ البَهَائِمِ وَالأنَامِ |
مِنَ الوَسْمِيّ مُبْتَرِكٌ بُعَاقٌ، |
يَسُوقُ عِشَارَ مُرْتَجِزٍ، رُكَامِ |
فَإنْ تُبْلِغْكِ أرْبَعُكِ اللّوَاتي |
بهِنّ إلَيْكِ أرْجِعْ كُلّ عَامِ |
تَكُوني مِثْل مَيْتَةٍ، فَحَيّتْ |
وَقَدْ بَلِيَتْ بِتَنْضَاحِ الرِّهَامِ |
قَد اسْتَبْطأَتُ نَاجِيَةً ذَمُولاً، |
وَإنّ الهَمّ بي فيهِا لَسَامي |
أقُولُ لها، إذا عَطَفَتْ وَعَضّتْ |
بمُورِكَةِ الوِرَاكِ مَعَ الزّمَامِ: |
إلامَ تَلَفّتِينَ، وَأنْتِ تَحْتي، |
وَخَيْرُ النّاسِ كُلّهِمُ أمَامي |
مَتى تَأتي الرّصَافَةَ تَسْتَرِيحي |
مِنَ التّهْجِيرِ وَالدَّبَرِ الدّوَامي |
وَيُلْقَى الرّحْلُ عَنْكِ وَتَسْتَغِيثي |
بمِلْءِ الأرْضِ والمَلِكِ الهُمَامِ |
كَأنّ أرَاقِماً عَلِقَتْ يَدَاهَا، |
مُعَلَّقَةً إلى عَمَد الرّخَامِ |
تَزِفُّ إذا العُرَى لَقِيَتْ بُرَاهَا |
زَفِيفَ الهَادِجَاتِ مِنَ النَّعَامِ |
ذا رَضْرَاضَةٌ وَطِئَتْ عَلَيْهَا |
خَضَبْنَ بُطُونَ مُثْعَلَةٍ رِثَامِ |
إذا شَرَكُ الطّرِيقِ تَرَسّمَتْهُ |
تَأوّدُ تَحتْهُ حَذَرَ الكِلامِ |
كَأنّ العَنْكَبُوتَ تَبِيتُ تَبْني |
على الخَيْشُومِ مِنْ زَبَدِ اللُّغَامِ |
أخِشّةَ كُلّ جُرْشُعَةٍ وَغَوْجٍ، |
مِنَ النَّعَمِ الّذِي يَحْمي سَنَامي |
كَأنّ العِيسَ حِينَ أُنِخْنَ هَجْراً |
مُفَقّأةٌ نَواظِرُهَا سَوَامي |
تُثِيرُ قَعاقَعَ الأْلْحَى، إذا مَا |
تَلاقَتْ هَاجِدَ العَرَقِ النّيَامِ |
فَمَا بَلَغَتْ بِنَا إلاّ جَرِيضاً، |
بِنِقْيٍ في العِظَامِ وَلا السَّنَامِ |
كَأنّ النّجْمَ وَالجَوْزَاءَ يَسْرِي |
على آثَارِ صَادِرَةٍ أوَامِ |
وَصَادِيَةُ الصّدُورِ نَضَحْتُ لَيْلاً |
لَهُنّ سِجَالَ آجِنَةٍ طَوَامي |
كَأنّ نِصَالَ يَثْرِبَ سَاقَطَتْهَا |
على الأرْجَاءِ مِنْ رِيشِ الحَمَامِ |
عَمَدْتُ إلَيْكَ خَيرَ النّاسَ حَيّاً، |
لَتَنعَشَ، أوْ يكُونَ بكَ اعْتِصَامي |
إلى مَلِكِ المُلُوكِ جَمَعْتُ هَمّي، |
على المُتَرَدَّفَاتِ مِنَ السَّمَامِ |
مِنَ السّنَةِ الّتي لمْ تُبْقِ شَيْئاً |
مِنَ الأنْعَامِ بَالَيِةَ الثُّمَامِ |
وَحَبْلُ الله حَبْلُكَ مَنْ يَنَلْهُ |
فَمَا لِعُرىً إلَيْهِ مِن انْفِصَامِ |
فَإنّي حَامِلٌ رَحْلي، ورَحْلي |
إلَيْكَ على الوُهُونِ مِنَ العِظَامِ |
على سُفُنِ الفَلاةِ مُرَدَّفَاتٍ، |
جُنَاةَ الحَرْبِ بِالذَّكَرِ الحُسَامِ |
يَداكَ يَدٌ، رَبِيعُ النّاسِ فِيهَا، |
وَفي الأخْرى الشّهُورُ مِنَ الحَرَامِ |
فَإنّ النّاسَ لَوْلا أنْتَ كَانُوا |
حَصى خَرَزٍ تَسَاقَطَ مِنْ نِظَامِ |
وَلَيْسَ النّاسُ مُجْتَمِعَينَ إلاّ |
لخِنْدِفِ في المَشُورَةِ وَالخِصَامِ |
وَبَشّرَتِ السّمَاءُ الأرْضَ لَمّا |
تَحدّثْنَا بِإقْبَالِ الإمَامِ |
إلى أهْلِ العِرَاقِ وَإنّمَا هُمْ |
بَقَايَا مِثْلُ أشْلاءٍ وَهَامِ |
أتَانَا زَائِراً كَانَتْ عَلَيْنَا |
زِيَارَتُهُ مِنَ النِّعَمِ العِظَامِ |
أمِيرُ المُؤمِنِينَ بِهِ نُعِشْنَا، |
وَجُذَّ حِبَالُ آصَارِ الإثَامِ |
فَجَاءَ بِسُنّةِ العُمَرَيْنِ، فِيهَا |
شِفَاءٌ للصّدُورِ مِنَ السّقَامِ |
رَآكَ الله أوْلى النّاسِ طُرّاً، |
بأعْوَادِ الخِلافَةِ وَالسّلامِ |
إذا مَا سَارَ في أرْضٍ تَرَاهَا |
مُظَلَّلَةً عَلَيْهِ مِنَ الغَمَامِ |
رَأيْتُكَ قَدْ مَلأتَ الأرْضَ عَدْلاً |
وَضَوْءاً، وَهْيَ مُلْبَسَةُ الظّلامِ |
رَأيْتُ الظّلْمَ لَمّا قُمْتَ جُذّتْ |
عُرَاهُ بِشَفْرَتَيْ ذَكَرٍ هُذَامِ |
تَعَنّ، فَلَسْتَ مُدْرِكَ مَا تَعَنّى |
إلَيْهِ بِسَاعِدَيْ جُعَلِ الرَّغَامِ |
سَتَخْزَى، إنْ لَقِيتَ بِغَوْرِ نَجْدِ |
عَطِيّةَ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالمَقَامِ |
عَطِيّةَ فَارِسَ القَعْسَاءِ يَوْماً، |
وَيَوْماً، وَهْيَ رَاكِدَةُ الصّيَامِ |
إذا الخَطَفَى لَقِيتَ بِهِ مُعَيْداً، |
فَأيُّهُمَا يُضَمِّرُ للضِّمَامِ |