ما نَحْنُ إنْ جارَتْ صُدُورُ رِكَابِنَا |
بِأوّل مَنْ غَرّتْ هدايَةُ عاصِمِ |
أرَادَ طَرِيقَ العُنصُلَينِ، فياسَرَتْ |
بهِ العِيسُ في نَائي الصُّوّى مُتَشائِمِ |
وَكَيْفَ يَضِلُّ العَنْبَرِيُّ بِبَلْدَةٍ |
بهَا قُطِعَتْ عَنْهُ سُيُورُ التّمَائِمِ |
وَلَوْ كانَ في غَيرِ الفَلاةِ وَجَدْتُهُ |
خَتُوعاً بِأعْنَاقِ الجِداءِ التّوَائِمِ |
وَكُنْتَ إذا كَلّفْتَ حاضِنَ ثَلّةٍ |
سُرَى اللّيلِ دَنّى عن فُرُوجِ المَحارِمِ |
رَأى اللّيْلَ ذا غَوْلٍ عَلَيْهِ ولَم تكنْ |
تُكَلّفُهُ المِعْزَى عِظَامَ المَجاشِمِ |
أنَخْنَا بِهَجْرٍ بَعْدَمَا وَقَد الحَصَى، |
وَذَابَ لُعابُ الشّمسِ فوْقَ العَمائِمِ |
ونَحْنُ بذي الأرْطَى يَقِيسُ ظِمَاؤنَا |
لَنَا بالحَصَى شِرْباً صَحيحَ المَقَاسِمِ |
فَلَمّا تَصَافَنّا الإداوَةَ أجْهَشَتْ |
إليّ غُصُونُ العَنْبَرِيّ الجُرَاضِمِ |
وَجَاءَ بِجُلْمُودٍ لَهُ مِثْلُ رَأسهِ |
لِيُسْقَى عَلَيْهِ المَاءَ بَينَ الصّرَائِمِ |
فضَاقَ عَنِ الأُثْفِيّةِ القَعبُ إذْ رمى |
بِهَا عَنْبَريٌّ مُفْطِرٌ غَيْرُ صَائِمِ |
وعلَمّا رَأيْتُ العَنْبَرِيّ كَأنّهُ، |
على الكِفلِ، خُرْآنُ الضّباعِ القَشاعمِ |
شَدَتُ له أزْرِي وَخَضْخضْتُ نُطفَةً |
لِصْدْيَانِ يُرْمى رَأسُهُ بِالسّمَائِمِ |
صَدي الجوْفِ يَهوِي مِسمعاهُ قد التظى |
عَلَيهِ لَظى يَوْمٍ من القَيظِ جَاحِمِ |
وَقُلتُ له: ارْفَعْ جِلدَ عَينَيكَ إنّما |
حَياتُكَ في الدّنْيَا وَجِيفُ الرّواسِمِ |
عَشيّةَ خمس القَوْم، إذْ كان منهمُ |
بَقَايَا الأداوِي كالنّفُوسِ الكَرَائِمِ |
فَآثرْتُهُ لَمّا رَأيْتُ الّذي بِهِ |
على القَوْمِ أخشَى لاحقاتِ المَلاوِمِ |
حِفاظاً وَلَوْ أنّ الإداوَة تُشْتَرَى، |
غَلَتْ فَوْقَ أثْمَانٍ عِظامِ المَغارِمِ |
على ساعَةٍ لَوْ كانَ في القَوْمِ حاتمٌ |
على جُودِهِ ضَنّتْ بِهِ نَفسُ حاتمِ |
رَأى صَاحبُ المِعَزى الذي في عُرَاقِها |
رَخِيصاً، ولَوْ أُعطي بها ألفَ رَائِمِ |
مِنَ الأمْعُزِ اللاّتي ورِثْتَ كِلابَهَا |
وَأرْبَاقَهَا، تَيْساً قَصِيرَ القَوَائِمِ |
فَكافَرَني إنْ لمْ أُغِثْهُ، وعلَوْ تَرَى |
مُناخي بهِ المِعزَى غَداةَ النّعائِمِ |
لَكُنّ شُهُوداً أنْ يُكَافِرَ نِعْمَتي |
بِعَطْفِ النَّقا إذْ عاصِمٌ غَيرُ قَائِمِ |
لأيْقَن أني قَدْ نَقَعْتُ فُؤادَهُ، |
بِشَرْبَةِ صَادٍ يَابِسِ الرّأسِ هَائِمِ |
وَكنّا كأصْحابِ ابنِ مامةَ إذْ سَقَى |
أخا النّمِرِ العَطشانَ يوْمَ الضَّجاعِمِ |
إذا قال كَعْبٌ قد رَوِيتَ ابنَ قاسِطٍ، |
يَقُولُ لَهُ زِدْني بِلالَ الحَلاقِمِ |
فَكُنْتُ كَكَعْبٍ غَيرَ أنّ مَنِيّتي |
تَأخَرَ عَنّي يَوْمُهَا بِالأخَارِمِ |
فَرُحْنا وَرِيقُ العَنْبَرِيّ كَأنّهُ |
بِأنْيَابِ ضَبْعَانٍ على الخُرْءِ آزِمِ |
وَكُنتُ أُرَجّي الشكرَ مِنهُ إذا أتى |
ذَوِي الشّأمِ من أهلِ الحُفَيرِ وَرَاسِمِ |
تَمَنّى هِجائي العَنْبَرِيُّ، وَخِلْتُني |
شَدِيداً شَكِيمي عُرْضَةً للمُرَاجِمِ |
ولَوْ كان من أهلِ القُرَى ما أثَابَني |
على الرّمْيِ أقْوَالَ اللّئِيمِ المُخاصِمِ |
إذا اخضَرّ عَيشومُ الجِفارِ وَأُرْسِلَتْ |
عَلَيْهِنّ أنْوَاءُ الرّبِيعِ المَرَازِمِ |
فَأيِّهْ بهِمْ شَهْرَينِ أنَّى دَعَوْتَهُمْ |
أجَابُوا على مَرْقُومَةٍ بالقَوَائِمِ |
طِرَازَ بِلادٍ عَن عُرَيْجِ بنِ جَندبٍ |
وَعن حيّ جُنجودٍ حمارِ القَصَائِمِ |
تَرَى كُلَّ جَعْرٍ عَنْبَرِيّ خبَاؤهُ، |
ثُمَامٌ وَعَيْشُومٌ قِصَارُ الدّعائِمِ |
ألَسْتُمْ بِأصَحابي وَكانَ ابنُ عامرٍ |
ضَلَلْتُمْ بِهِ فَلْجَ المِيَاهِ العيَالِمِ |
غَداةَ بَكَى مَغْرَاءُ لمّا تَسَافَدَتْ |
بمغْرَاءَ بِالحَيْرَانِ أحْلامُ نَائِمِ |
وَلا يُدْلِجُ المَوْلى إذا اللّيلُ أسدَفَتْ |
عَلَيْهِ دُجَى أثْبَاجِهِ المُتَرَاكِمِ |
تُنِيخُ المَوَالي حِينَ تَغْشَى عُيُونُهُمْ |
كَأشْبَاهِ أوْلادِ الغَطاطِ التّوَائِمِ |
وَلَوْ كان صَفْرَاء الثّرِيدِ وَجَدْتَهُمْ |
هُداةً بِأفْوَاهٍ غِلاظِ اللّهَازِمِ |
إذا مَا تَلاقَى ابْنَا مُفَدّاةَ عُفّرَتْ |
أُنُوفُ بَني الجَعْرَاءِ تحتَ المَناسِمِ |
وَمَا كانَتِ الجَعْرَاءُ إلاّ وَلِيدَةً، |
وَرِثْنَا أبَاهَا عن تَمييمِ بنِ دارِمِ |
إذا ما اجتَمَعْنَا حَكّمُوا في رِقابهِمْ |
أللعِتْقِ أدْنَى أمْ هُمُ للمَقاسِمِ |
قُعُودٌ بِأبْوَابِ الزُّرُوبِ، وَلا تَرَى |
لهُمْ شَاهِداً عِنْدَ الأمُورِ العَظائِمِ |
ولَمْ تَعْتِقِ الجَعْرَاءُ مِني وَمَا بهَا |
فِرَاقٌ ولَوْ أغْضَتْ على ألْفِ رَاغمِ |
بِهمْ كَانَ أوَصَاني إبي أنْ أضُمّهُمْ |
إليّ وَأنْهَى عَنْهُمُ كُلَّ ظَالِمِ |
إذا مَا بَنُو الجَعْرَاءِ لَفّوا رُؤوسَهم |