رَأيْتُ سَمَاءَ الله وَالأرْضَ ألْقَتَا |
بِأيْدِيهمَا لابْنِ المُلُوكِ القَماقِمِ |
وَكُنْتَ لَنَا غَيْثَ السّمَاءِ الذي بهِ |
حَيينا، وَأحْيا النّاسَ بَعدَ البَهائِمِ |
وَما لَكَ ألاّ تَملأ الأرْضَ رَحْمَةً، |
وَأنْتَ ابنُ مَرْوَانَ الهُمَامِ وَهاشِمِ |
فَما قُمْتَ حتى هَمّ مَنْ كانَ مُسلماً |
لِيَلْبسَ مُسْوَدّاً ثِيابَ الأعَاجِمِ |
لَقَدْ ضَاقَ ذَرْعي بالحَياةِ وَقَطّعَتْ |
حَوَامِلُهُ عضَّ الحَدِيدِ الأوَازِمِ |
رَأيْتُ بَني مَرَوانَ إذْ شَمّرَتْ بِمْ |
من الحَرْبِ حَدْبَاءُ القَرَا غَيرُ رائِمِ |
لهُمْ حَجَرٌ للدِّينِ يَرْمُونَ مَن رَمُوا |
بهِ، دَمغَتْ أيْدِيهِمْ كُلَّ ظَالِمِ |
هِشَامٌ أمِينُ الله في الأرْضِ والّذِي |
بهِ تَمْنَعُ الأيّامُ ذاتَ المَحارِمِ |
بِهِ عَمَدُ الدّينِ استَقَلّتْ وَأثْبَتَتْ |
على كلّ ذي طَوْدَينِ للدّينِ قائِمِ |
وَسُلّتْ سيوفُ الحرْبِ وانشقَتِ العصَا |
وَهَزّ القَنَا وُرْدُ الأسودِ القَشاعِمِ |
وَقَدْ جَعَلَتْ للدّينِ في المَرْجِ بالقَنا |
لِمَرْوَانَ أيّامٌ عِظَامُ المَلاحِمِ |
وَما النّاسُ لَوْلا آلُ مَرْوَانَ مِنهُمُ |
إمَامُ الهُدَى وَالضّارِبَاتُ الجَماجِمِ |
ومَا بَينَ أيْدِي آلِ مَرْوَانَ بِالقَنَا |
وَبَينَ المَوَالي نَاكِثاً مِنَ تَزَاحُمِ |
رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ جَلَّتْ سُيُوفُهُمْ |
عَشاً كَانَ في الأَبْصَارِ تَحْتَ العَمَائِم |
رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ عَنْهُ تَوَارَثُوا |
رَوَاسِيَ مُلْكٍ رَاسِيَاتِ الدّعَائِمِ |
عَصَا الدّينِ والعُودَينِ وَالخاتمَ الذي |
بهِ الله يُعطي مُلْكَهُ كُلَّ قَائِمِ |
وَكُنتَ لأمْرِ المُسْلِمينَ وَدِينِهُمْ، |
لَدُن حيثُ تمشِي عن حُجورِ الفَواطِمِ |
يَقُولُ ذَوُو العِلْمِ الّذِينَ تَكَلّمُوا |
بهِ عنْ رَسُولِ الله من كُلّ عالمِ |
وعلَوْ أرْسِلَ الرّوحُ الأمينُ إلى امرِىءٍ |
سَوى الأنْبياءِ المُصْطَفَينَ الأكارِمِ |
إذاً لأتَتْ كَفَّيْ هِشامٍ رِسَالَةٌ |
مِنَ الله فيهِا مُنزَلاتُ العَواصِمِ |
ولَوْ كان حَيٌّ خالداً، أوْ مُمَلَّكٌ، |
لَكَانَ هشامَ ابنَ المُلوكِ الخَضَارِمِ |
إلَيْكَ تَعَرّقْنَا الذّرَى بِرِحَالِنَا، |
وَأفْنَتْ مَنَاقِيهَا بُطُونُ المَنَاسِمِ |
فأصْبَحنَ كالهِنديّ شَقّ جُفُونَهُ |
دَوَالِقُ أعْنَاقِ السّيُوفِ الصّوَارِمِ |
وَما تَرَكَ الصّوَّانُ والحَبسُ وَالسُّرَى |
لهَا من نِعالِ الجلدِ غَيرَ الشّرَاذِمِ |
لَهُنّ تَثَنٍّ في الأزِمّةِ والبُرَى، |
إذا وَلَجَ اليَعْفُورُ حامي السّمائِمِ |
تَرى العِيس يكرَهنَ الحصَى أنْ يَطأنَهُ |
إذا الجَمرُ من حامٍ من الشمسِ جاحِمِ |
يُرِدْنَ الّذِي لا تُبْتَغَى من ورَائِهِ، |
ولا دونَهُ الحاجاتُ ذاتُ الصّرَائِمِ |
وَلَيْسَ إلَيْهِ المُنْتَهَى في نَجاحِهَا |
وفي طَرَفَيْهَا للقِلاصِ الرّوَاسِمِ |