تحن بزوراء المحنين عجول تبتغي البو رائم الفرزدق

تَحِنُّ بِزَوْرَاء المحَنِينَ عَجُولٍ تَبْتَغي البَوَّ رَائِمِ

وَيا لَيْتَ زوْرَاءَ المَدِينَةِ أصْبَحَتْ

بأحفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَوَاظِمِ

وَكَمْ نَامَ عَني بالمَدِينَةِ لمْ يُبَلْ

إليّ اطّلاعَ النّفْسِ دونَ الحَيازِمِ

إذا جَشأتْ نَفْسِي أقولُ لهَا ارْجعي

وَرَاءَكَ وَاستَحْيي بَياضَ اللَّهَازِمِ

فإنّ الّتي ضَرّتْكَ لَوْ ذُقْتَ طَعمَها

عَلَيْكَ من الأعْبَاءِ يَوْمَ التّخاصُمِ

ولَسْتَ بمأخوُذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ،

إذا لمْ تَعَمّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ

وَلمّا أبَوْا إلاّ الرّحِيلَ، وَأعْلَقُوا

عَرًى في بُرًى مَخْشوشَةٍ بالخَزَائِمِ

وَرَاحُوا بجُثْماني، وَأمْسَكَ قَلْبَهُ

حُشَاشَتُهُ بَينَ المُصَلّى وَوَاقِمِ

أقُولُ لمَغْلُوبٍ أمَاتَ عِظَامَهُ

تَعاقُبُ أدْرَاجِ النّجُومِ العَوَائِمِ

إذا نَحْنُ نَادَيْنَا أبى أنْ يُجِيبَنا،

وَإنْ نَحْنُ فَدّيناهُ، غَيرَ الغَماغِمِ

سيُدْنيكَ منْ خَيرِ البَرِيّةِ، فاعتَدل،

تَنَاقُلُ نَصّ اليَعْمَلاتِ الرّوَاسِمِ

إلى المُؤمِنِ الفَكّاكِ كُلّ مُقَيَّدٍ

يَدَاهُ وَمُلْقي الثّقْلِ عَن كلّ غارِمِ

بِكَفّينِ بَيْضَاوَيْنِ في رَاحَتَيْهِمَا

حَيَا كُلّ شَيْءٍ بالغُيُوثِ السّوَاجِمِ

بخَيْرِ يَدَيْ مَنْ كانَ بَعْدَ مُحَمّدٍ

وَجَارَيْهِ، وَالمَظْلُومِ لله صَائِمِتَحِنُّ بِزَوْرَاء المَدِينَةِ نَاقَتي،

حَنِينَ عَجُولٍ تَبْتَغي البَوَّ رَائِمِ

وَيا لَيْتَ زوْرَاءَ المَدِينَةِ أصْبَحَتْ

بأحفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَوَاظِمِ

وَكَمْ نَامَ عَني بالمَدِينَةِ لمْ يُبَلْ

إليّ اطّلاعَ النّفْسِ دونَ الحَيازِمِ

إذا جَشأتْ نَفْسِي أقولُ لهَا ارْجعي

وَرَاءَكَ وَاستَحْيي بَياضَ اللَّهَازِمِ

فإنّ الّتي ضَرّتْكَ لَوْ ذُقْتَ طَعمَها

عَلَيْكَ من الأعْبَاءِ يَوْمَ التّخاصُمِ

ولَسْتَ بمأخوُذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ،

إذا لمْ تَعَمّدْ عَاقِدَاتِ العَزَائِمِ

وَلمّا أبَوْا إلاّ الرّحِيلَ، وَأعْلَقُوا

عَرًى في بُرًى مَخْشوشَةٍ بالخَزَائِمِ

وَرَاحُوا بجُثْماني، وَأمْسَكَ قَلْبَهُ

حُشَاشَتُهُ بَينَ المُصَلّى وَوَاقِمِ

أقُولُ لمَغْلُوبٍ أمَاتَ عِظَامَهُ

تَعاقُبُ أدْرَاجِ النّجُومِ العَوَائِمِ

إذا نَحْنُ نَادَيْنَا أبى أنْ يُجِيبَنا،

وَإنْ نَحْنُ فَدّيناهُ، غَيرَ الغَماغِمِ

سيُدْنيكَ منْ خَيرِ البَرِيّةِ، فاعتَدل،

تَنَاقُلُ نَصّ اليَعْمَلاتِ الرّوَاسِمِ

إلى المُؤمِنِ الفَكّاكِ كُلّ مُقَيَّدٍ

يَدَاهُ وَمُلْقي الثّقْلِ عَن كلّ غارِمِ

بِكَفّينِ بَيْضَاوَيْنِ في رَاحَتَيْهِمَا

حَيَا كُلّ شَيْءٍ بالغُيُوثِ السّوَاجِمِ

بخَيْرِ يَدَيْ مَنْ كانَ بَعْدَ مُحَمّدٍ

وَجَارَيْهِ، وَالمَظْلُومِ لله صَائِمِ

فَلَمّا حَبَا وَادِي القُرَى من وَرَائِنا،

وَأشْرَفْنَ أقْتَارَ الفِجَاجِ القَوَاتِمِ

لَوَى كُلُّ مُشْتَاقٍ مِنَ القَوْمِ رَأسَهُ

بمُغْرَوْرِقَاتٍ كَالشِّنَانِ الهَزَائِمِ

وَأيْقَن أنّا لا نَرُدُّ صُدُورَهَا،

وَلمّا تُوَاجِهْهَا جِبَالُ الجَراجِمِ

أكُنتُمْ ظَنَنتُمْ رِحلَتي تَنثَني بكمْ

وعلَمْ يَنْقُضِ الإدْلاجُ طَيَّ العمائِمِ

لَبِئْسَ إذاً حامي الحَقيقةِ وَالّذِي

يُلاذُ بِه في المُعْضِلاتِ العَظائِمِ

وَمَاءٍ كَأنّ الدِّمْنَ فَوْقَ جَمامِهِ

عبَاءٌ كَسَتْهُ من فُروُجِ المخَارِمِ

رِيَاحٌ على أعْطانِهِ حَيْثُ تَلْتَقي

عَفَا، وَخَلا من عَهْدِهِ المُتَقَادِمِ

وَردْتَ وَأعْجَازُ النّجُومِ كَأنّهَا،

وَقَدْ غَارَ تَالِيهَا، هَجائنُ هاجِمِ

بِغِيدٍ وَأطْلاحٍ كَأنّ عُيُونَهَا

نِطَاقٌ أظَلّتْهَا قِلاتُ الجَمَاجِمِ

كأنّ رِحالَ المَيْسِ ضَمّتْ حِبالُهَا

قَنَاطِرَ طَيِّ الجَنْدَلِ المُتَلاجِمِ

إلَيْكَ، وَليَّ الحَقّ، لاقَى غُرُوضَهَا

وَأحْقَابَهَا إدْراجُهَا بالمَنَاسِمِ

نَوَاهضَ يَحمِلنَ الهُمومَ التي جَفَتْ

بِنَا عن حَشايا المُحصَناتِ الكَرَائِمِ

ليَبلُغن مِلءَ الأرْضِ نُوراً وَرَحَمةً

وعَدْلاً، وَغَيَثَ المُغِبرَاتِ القَوَاتِمِ

جُعَلْتَ لأهْلِ الأرْضِ أمْناً وَرَحمة

وَبُرْءاً لآثَارِ القُرُوحِ الكَوَالِمِ

كمَا بَعَثَ الله النّبيَّ مُحَمّداً،

على فَتْرَةٍ، وَالنّاسُ مِثْلُ البَهائِمِ

وَرِثْتُمْ قَناةَ المُلْكِ، غَيرَ كَلالَةٍ،

عَنِ ابنِ مَنافٍ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ

تَرَى التّاجَ مَعْقوداً عَلَيْهِ كأنّهُمْ

نُجُومٌ حَوَاليْ بَدْرِ مُلْكٍ قُماقِمِ

عَجِبْتُ إلى الجَحّادِ أيَّ إمَارَةٍ

أرَادَ لأنْ يَزْدادَهَا، أوْ درَاهِمِ

وَكَانَ على ما بَينَ عَمّانَ وَاقِفاً

إلى الصّينِ قَدْ ألْقَوْا لَهُ بالخَزَائِمِ

فعلَمّا عَتَا الجحّادُ حِينَ طَغَى بِهِ

غِنىً قال: إني مُرْتَقٍ في السّلالِمِ

فكَانَ كمَا قال ابنُ نُوحٍ سَأرْتقي

إلى جَبَلٍ مِنْ خَشْيَةِ المَاءِ عاصِمِ

رَمَى الله في جُثْمَانِهِ مِثْلَ ما رَمَى

عَنِ القِبْلَةِ البَيْضَاءِ ذاتِ المَحارِمِ

جُنُوداً تَسُوقُ الفِيلَ حَتى أعادَها

هَباءً وَكانوا مُطْرَخِمّي الطَّرَاخِمِ

نُصِرْتَ كَنَصْرِ البيْتِ إذْ ساقَ فيلَه

إلَيهِ عَظِيمُ المُشرِكِينَ الأعاجِمِ

وَمَا نُصِرَ الحجّاجُ إلاّ بَغَيْرِهِ،

على كُلّ يَوْمٍ مُسْتَحِرِّ المَلاحِمِ

بِقَوْمٍ أبُو العاصِي أبُوهُمْ تَوَارَثُوا

خِلافَةَ مَهْدِيٍّ وَخَيْرِ الخَواتِمِ

وَلا رَدَّ مُذْ خَطّ الصّحيفَةَ نَاكِثاً

كَلاماً، ولا بَاتَتْ لَهُ عينُ نَائِمِ

وَلا رَجعُوا حتى رَأوْا في شِمَالِهِ

كِتاباً لمَغْرُورٍ لَدَى النّارِ نَادِمِ

أتَاني وَرَحْلي بِالمَدِينَةِ وَقْعَةٌ

لآلِ تَمِيمٍ أقْعَدَتْ كُلَّ قَائِمِ

كأنّ رُؤوسَ النّاسِ إذْ سَمعوا بهَا

مُدَمَّغَةٌ مِنْ هَازِمَاتٍ أمَائِمِ

فِدىً لِسُيُوفٍ مِنْ تَميمٍ وَفَى بهَا

رِدائي وَجَلّتْ عَن وُجُوهِ الأهاتِمِ

شَفَينَ حَزَازَتِ النّفُوسِ ولَم تَدَعْ

عَلَيْنَا مَقالاً، في وفَاءٍ لِلائِمِ

أبَأنَا بهِمْ قَتّلى، وَمَا في دِمَائِهمْ

وَفَاءٌ، وَهُنّ الشّافِيَاتُ الحَوائِمِ

جَزعى الله قَوْمي إذْ أرَادَ خِفَارَتي

قُتَيْبَةُ سَعْى الأفْضَلينَ الأكَارمِ

هُمُ سَمِعوا يَوْمَ المُحَصَّبِ من منىً

نِدائي، ذا التَفّتْ رِفَاقُ المَوَاسِمِ

هُمُ طَلَبُوهَا بالسّيُوفِ وَبِالقَنَا،

وَجُرْدٍ شَجٍ أفْوَاهُهَا بالشّكَائِمِ

تُقَادُ وَمَا رُدّتْ، إذا مَا تَوَهّسَتْ

إلى البَأسِ بالمُستَبْسِلينَ الضّراغِمِ

كأنّكَ لمْ تَسْمَعْ تَميماً إذا دَعَتْ

تَمِيمٌ وَلمْ تَسْمَعْ بيَوْمِ ابنِ خازِمِ

وَقَبلَكَ عَجلّنا ابنَ عَجلى حِمامَهُ

بأسْيافِنا يَصْدَعْنَ هامَ الجَماجِمِ

وَمَا لَقِيَتْ قَيْسُ بنُ عَيْلانَ وقَعةً

وَلا حَرَّ يَوْمٍ مِثْلِ يَوْمِ الأرَاقِمِ

عَشِيّةَ لاقَى ابنُ الحُبَابِ حِسَابَهُ،

بسِنْجارَ أنضاءَ السّيوفِ الصّوَارِمِ

نَبَحْتَ لِقَيِسٍ نَبْحَةً لمْ تَدَعْ لهَا

أُنُوفاً، وَمَرّتْ طَيْرُهَا بالأشائِمِ

نَدِمْتَ على العِصْيَانِ لمّا رَأيْتَنا

كَأنّا ذُرَى الأطْوَادِ ذاتِ المَخارِمِ

على طاعَةٍ لَوْ أنّ أجْبَالَ طَيّءٍ

عَمَدْنَ لها وَالهَضْبَ هَضْب التّهائمِ

ليَنْقُلْنَها لمْ يَستَطِعْنَ الّذيِ رَسَا

لهَا عِنْدَ عَالٍ فَوْقَ سَبْعِينَ دائمِ

وَألقَيْتَ مِنْ كَفّيْكَ حَبلَ جَمَاعةٍ

وَطَاعَةَ مَهْدِيٍّ شَدِيدِ النّقَائِمِ

فإنْ تَكُ قَيْسٌ في قُتَيْبَةَ أُغضِبَتْ

فَلا عَطَسَتْ إلاّ بِأجْدَعَ رَاغِمِ

وَمَا كانَ إلاّ بَاهِلِيّاً مُجَدَّعاً،

طَغَى فسَقَيناهُ بكأسِ ابنِ خازِمِ

لَقَدْ شَهِدَتْ قَيْسٌ فما كان نصرُهَا

قُتَيْبَةَ إلاّ عَضَّهَا بِالأباهِمِ

فإنْ تَقْعُدُوا تَقْعُدْ لِئَامٌ أذِلّةٌ،

وَإنْ عدْتُمُ عُدْنَا بَبَيْضٍ صَوَارِمِ

أتَغْضَبُ أنْ أُذْنَا قُتعيْبَةَ حُزّتَا

جِهِاراً وَلمْ تَغْضَبْ ليَوْمِ ابنِ خازِمِ

وَمَا مِنْهُمَا إلاّ بَعَثْنَا بِرَأسِهِ

إلى الشّأمِ فوْقَ الشّاحّاتِ الرّوَاسِمِ

تَذَبْذَبُ في المِخلاةِ تَحَتَ بُطُونِها

محَذَّفَةَ الأذْنَابِ جُلْحَ المَقَادِمِ

سَتَعْلَمُ أيُّ الوَادِيَينِ لَهُ الثَّرَى

قَدِيماً، وَأوْلى بِالبُحُورِ الخَضَارِمِ

أوَادٍ بِهِ صِنُّ الوِبَارِ يُسِيلُهُ،

إذا بَالَ فِيهِ الوَبْرُ فَوْقَ الخَرَاشِمِ

كَوَادٍ بِهِ البَيْتُ العَتِيقُ تَمُدُّهُ

بحُورٌ طَمَتْ من عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ

فَما بَينَ مَنْ لمْ يُعطِ سَمعاً وطاعَةً،

وَبَينَ تَمِيمٍ غَيرُ حَزّ الحَلاقِمِ

وَكَانَ لَهُمْ يَوْمَانِ كَانا عَليَهِمُ

كَأيّامِ عادٍ بالنُّحُوسِ الأشَائِمِ

وَيَوْمٌ لهُمْ مِنّا بحَوْمانَةَ التَقتْ

عَلَيْهِمْ ذُرَى حَوْماتِ بحرٍ قُماقِمِ

تَخَلّى عَنِ الدّنْيَا قُتَيْبَةُ إذْ رَأى

تَمِيماً، عَلَيها البِيضُ تحتَ العَمائِمِ

غَداةَ اضْمحَلّتْ قيسُ عَيلانَ إذ دعا

كمَا يَضْمَحِلُّ الآلُ فَوْقَ المَخارِمِ

لتَمْنَعَهُ قَيْسٌ، وَلا قَيْسَ عِنْدَهُ،

إذا ما دَعَا أوْ يَرْتَقي في السّلالِمِ

تُحَرِّكُ قَيْسٌ في رُؤوسٍ لَئِيمَةٍ

أُنُوفاً، وآذاناً لِئَامَ المَصَالِمِ

ولَمّا رَأيْنَا المُشْرِكِينَ يَقُودُهُمْ

قُتَيْبَةُ زَحْفاً في جُمُوعِ الزَّمازِمِ

ضَرَبْنَا بِسَيْفٍ في يَمِينِكَ لم نَدَعْ

بهِ دُونَ بَابِ الصّين عَيْناً لِظَالِمِ

بِهِ ضَرَبَ الله الّذِينَ تَحَزّبُوا

بِبَدْرٍ على أعْنَاقِهِمْ وَالمعَاصِمِ

فإنّ تَمِيماً لمْ تَكُنْ أمُّهُ ابتَغَتْ

لَهُ صِحّةً في مَهْدِهِ بِالتّمَائِمِ

كَأنّ أكُفّ القَابِلاتِ لأُمّهِ

رَمَينَ بِعادِيّ الأسُودِ الضّرَاغِمِ

تَأزْرَ بَينَ القَابِلاتِ، وَلمْ يَكُنْ

لَهُ تَوْأمٌ إلاّ دَهَاءٌ لِحَازِمِ

وَضَبّةُ أخْوَالي هُمُ الهامَةُ الّتي

بِهَا مُضَرٌ دَمّاغَةٌ لِلْجَمَاجِمِ

إذا هيَ ماسَتْ في الحَديد، وَأعلَمتْ

تَميمٌ، وَجاشَتْ كالبُحورِ الخَضَارِمِ

فَما النّاسُ في جَمعَيْهِمُ غَيرُ حِشَوةٍ

إذا خَمَدَ الأصْوَاتُ غَيرَ الغَماغِمِ

كذبتَ ابن دِمن الأرْضِ وَابنَ مَراغها،

لآلُ تَميمٍ بِالسّيُوفِ الصّوَارِمِ

جَلَوْا حُممَاً فَوْقَ الوُجُوهِ، وَأنزَلوا

بعَيْلانَ أيّاماً عِظَامَ المَلاحِمِ

تُعَيّرُنَا أيّامَ قَيْسٍ. ولَمْ نَدَعْ

لِعَيْلانَ أنْفاً مُسْتَقِيمَ الخَياشِمِ

فَما أنتَ من قَيْسٍ فَتَنَبَحَ دُونَها،

ولا مِنْ تَميمٍ في الرّؤوسِ الأعاظِم

وَإنّكَ إذْ تَهْجُو تَمِيماً وَتَرْتَشِي

تَبابِينَ قَيسٍ أوْ سُحوقَ العَمائِمِ

كَمُهْرِيقِ مَاءٍ بِالفَلاةِ، وَغَرَّهُ

سَرَابٌ أثَارَتْهُ رِيَاحُ السَّمَائِمِ

بَلى وَأبِيكَ الكَلْبِ إني لَعَالِمٌ

بهِمْ فَهُمُ الأدنَوْنَ يَوْمَ التّزَاحُمِ

فَقَرّبْ إلى أشْيَاخِنَا إذْ دَعَوْتَهُمْ

أبَاكَ وَدعْدِعْ بِالجِدَاءِ التّوَائِمِ

فلَوْ كُنتَ منهُمْ لمْ تَعِبْ مِدْحتي لهمْ

وَلكِنْ حِمَارٌ وَشْيُهُ بالقَوَائِمِ

مَنَعْتُ تَمِيماً مِنكَ، إني أنَا ابْنُها

وَرَاجِلُها المَعْرُوفُ عِنْدَ المَوَاسِمِ

أنَا ابنُ تَميمٍ وَالمُحَامي وَراءَهَا،

إذا أسْلَمَ الجَاني ذِمَارَ المَحارِمِ

إذا ما وُجُوهُ النّاسِ سَالَتْ جِبَاهُها

مِنَ العَرَقِ المَعبُوطِ تحتَ العَمائِمِ

أبي مَنْ إذا ما قِيلَ: مَن أنتَ مُعتَزٍ،

إذا قِيلَ مِمّنْ قَوْمُ هَذا المُرَاجِمِ

أدِرْسَانَ قَيْسٍ لا أبَا لَكَ تَشْتَرِي

بأعَرَاضِ قَوْم هُمْ بُنَاةُ المَكارِمِ

وَمَا عَلِمَ الأقْوَامُ مِثْلَ أسِيرِنَا

أسِيراً وَلا إجْدافِنَا بالكَوَاظِمِ

إذا عَجَزَ الأحيَاءُ أنْ يَحْمِلُوا دَماً

أنَاخَ إلى أجْدَاثِنَا كُلُّ غَارِمِ

تَرَى كُلَّ مَظْلُومٍ إلَيْنَا فِرَارُهُ،

وَيَهْرُبُ مِنّا جَهْدَهُ كُلُّ ظَالِم

أبَتْ عَامِرٌ أنْ يَأخُذُوا بأسِيرِهِمْ

مِئِينَ مِنَ الأسرَى لَهُمْ عندَ دارِمِ

وَقالُوا لَنَا زِيدُوا عَليهِمْ، فإنّهُمْ

لَغاءٌ، وَإنْ كَانُوا ثُغَامَ اللّهازِمِ

رَأوْا حَاجِباً أغْلى فِداءً، وَقَوْمَهُ

أحَقَّ بِأيّامِ العُلى وَالمَكَارِمِ

فلا نَقْتُلُ الأسْرَى ولَكِنْ نَفكُّهُمْ

إذا أثْقَل الأعْنَاقَ حَمْلُ المَغارِمِ

فَهلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَةٌ لَكُمْ

أباً عَنْ كُلَيْبٍ أوْ أباً مِثلَ دارِمِ

كَذاكَ سُيوفُ الهِنْدِ تَنْبو ظُباتُها،

وَيقْطَعْنَ أحْيَاناً مَنَاطَ التّمَائِمِ

وَيَوْمَ جَعَلْنَا الظّلَّ فِيهِ لعَامِرٍ

مُصَمَّمَةً تَفْأى شُؤون الجَمَاجمِ

فمِنهُنّ يَوْمٌ للبَرِيكَيْنَ، إذْ تَرَى

بَنُو عَامِرٍ أنْ غَانِمٌ كُلُّ سَالِمِ

وَمِنْهُنّ إذْ أرْخَى طُفَيْلُ بنُ مالك

على قُرْزُلٍ رِجْليْ رَكُوضِ الهَزَائمِ

وَنَحْنُ ضَرَبْنَا مِنْ شُتَيرِ بن خالدٍ

على حَيثُ تستَسقيهِ أُمُّ الجَماجِمِ

وَيَوْمَ ابنِ ذي سَيدانَ إذْ فَوّزَتْ بهِ

إلى المَوْتِ أعجازُ الرّماحِ الغَوَاشِمِ

وَنَحْنُ ضَرَبْنَا هَامَةَ ابنِ خُوَيْلِدٍ

يَزِيدَ على أُمّ الفِرَاخِ الجَوَاثِمِ

وَنَحنُ قَتَلنا ابنْي هُتَيْمٍ وَأدْرَكَتْ

بُجَيراً بِنا رُكضُ الذّكُورِ الصّلادمِ

وَنَحْنُ قَسَمنا مِنْ قُدامَةَ رَأسَهُ،

بِصَدْعٍ على يَافُوخِهِ مُتَفَاقِمِ

وَعَمْراً أخَا عَوْفٍ تَركْنَا بمُلْتَقىً

مِنَ الخَيْلِ في سَامٍ من النّقعِ قاتِمِ

وَنَحْنُ تَرَكْنَا مِنْ هِلالِ بنِ عامرٍ

ثَمانِينَ كَهْلاً للنّسورِ القَشاعِمِ

بِدَهْنا تَميمٍ حَيْثُ سُدّتْ عَلَيهمُ

بمُعْتَرَكٍ مِنْ رَمْلِهَا المُتَرَاكِمِ

وَنَحْنُ مَنَعْنا مِنْ مَصَادٍ رِماحَنا،

وَكُنّا إذا يَلْقَيْنَ غَيرَ حَوَائِمِ

رُدَيْنيِيّةً صُمَّ الكُعُوبِ، كَأنّهَا

مَصابِيح في تَرْكِيبِهَا المُتلاحِمِ

وَنحْنُ جَدَعْنَا أنْفَ عَيلان بالقَنا

وَبالرّاسِياتِ البِيضِ ذاتِ القَوائِمِ

ولَوْ أنّ قَيساً قيسَ عَيلانَ أصْبَحَتْ

بمُسْتَنّ أبْوَالِ الرُّبَابِ وَدارِمِ

لَكانُوا كَأقْذاءٍ طَفَتْ في غُطامِطٍ

مِنْ البَحْرِ، في آذِيّهَا المُتَلاطِمِ

فَإنّا أُنَاسٌ نَشْتَرِي بدِمَائِنَا

دِيَارَ المَنَايَا رَغْبَةً في المَكَارِمِ

ألَسْنَا أحَقَّ النّاسِ يَوْمَ تَقَايَسُوا

إلى المَجْدِ، بالمُستَاثِراتِ الجَسائِمِ

مُلُوكٌ إذا طَمّتْ عَلَيكَ بحُورُهَا

تَطَحْطَحتَ في آذِيّهَا المُتَصَادِمِ

إذا معا وُزِنّا بِالجِبَالِ رَأيْتَنَا

نَمِيلُ بِأنْضَادِ الجِبَالِ الأضَاخِمِ

تَرَانَا إذا صَعَدْتَ عَيْنَكَ مُشْرِفاً

عَلَيْكَ بِأطْوادٍ طَوالِ المَخارِمِ

وَلوْ سُئلتْ مَن كُفؤنا الشمسُ أوْمأتْ

إلى ابْنيْ مَناف عَبْدِ شَمسٍ وَهاشِمِ

وَكَيْفَ تُلاقي دارِماً حَيْثُ تَلْتَقي

ذُرَاهَا إلى حَيْثُ النّجُومِ التّوَائِمِ

لَقَدْ تَرَكَتْ قَيْساً ظُباتُ سيُوفِنَا

وَأيْدٍ بِأعْجَازِ الرّمَاحِ اللّهاذِمِ

وَقَائِعُ أيّامٍ أرَيْنَ نِسَاءَهُمْ،

نَهَاراً، صَغِيرَاتِ النّجومِ العَوَائِمِ

بذي نَجبٍ يَوْمٌ لقَيْسٍ، شَرِيدُهُ

كَثِيرُ اليَتَامَى في ظِلالِ المَآتِمِ

وَنَحْنُ تَرَكْنَا بالدّفِينَةِ حاضِراً

لآلِ سُلَيْمٍ، هامُهُمْ غَيرُ نَائِمِ

حَلَفْتُ برَبّ الرّاقِصَاتِ إلى منىً،

يَقِينَ نَهَاراً دامِياتِ المَنَاسِمِ

علَيهنّ شُعْثٌ ما اتّقَوْا من وَرِيقَةٍ

إذا ما التَظَتْ شَهباؤها بالعَمائِمِ

لَتَحْتَلِبَنْ قَيْسُ بنُ عَيلانَ لَقحةً

صَرىً ثَرّةً أخلافُها، غَيرَ رَائِمِ

لَعَمْرِي لَئِنْ لامَتْ هَوَازنُ أمرَها،

لَقَدْ أصْبَحَتْ حَلّتْ بدارِ المَلاوِمِ

وَلَوْلا ارْتِفاعي عَنْ سُلَيمٍ سَقَيْتُها

كِئَاسَ سِمامٍ، مُرّةً، وَعَلاقِمِ

فَما أنتُم من قَيسِ عَيلانَ في الذُّرَى،

وَلا منْ أثافيها العِظامِ الجَماجِمِ

إذا حُصّلَتْ قَيسٌ، فأنْتُمْ قَليلُها

وَأبْعَدُها مِنْ صُلْبِ قَيْسٍ لعَالِمِ

وَأنْتُمْ أذَلُّ قَيْسِ عَيْلانَ حُبوَةً،

وأعجَزُها عِندَ الأمُورِ العَوَارِمِ

وَمَا كانَ هذا الناسُ حتى هَداهُمُ

بِنَا الله، إلاّ مِثْلَ شَاءِ البَهَائِمِ

فَمَا مِنْهُمُ إلاّ يُقَادُ بِأنْفِهِ،

إلى مَلِكٍ من خِندِفٍ، بُالخَزَائِمِ

عَجبتُ إلى قَيسٍ وَما قد تكَلّفَتْ

مِنَ الشِّقْوَةِ الحَمقَاءِ ذاتِ النّقائِمِ

يَلُوذُونَ مِني بِالمَرَاغَةِ وَابْنِهَا،

وَمَا مِنْهُمَا مِني لِقَيْسٍ بِعَاصِمِ

فَيَا عَجَبا حَتى كُلَيْب تَسُبّني،

وَكانَتْ كُلَيْبٌ مَدْرَجاً للمَشاتِمِ