بكَتْ عَينُ مَحزُونِ فطال انسجامُها، |
وَطالَتْ لَيَالي حَادِثٍ لا يَنَامُهَا |
حَوَادِثُ مِنْ رَيْبِ المَنونِ أصَبْنَني |
فَصَارَ على الأخْيَارِ مِنّا سِهَامُهَا |
كَأنّ المَنَايا يَطّلِبْنَ نُفُوسَنَا، |
بذَحْلٍ، إذا ما حُمّ يَوْماً حِمامُهَا |
فإنْ نَبْكِ لا نبكِ المُصِيباتِ، إذْ أتَى |
بها الدّهْرُ، وَالأيّامُ جَمٌّ خِصَامُهَا |
ولَكِنّنَا نَبْكي تَنَهُّكَ خالِدٍ |
مَحارِمَ مِنّا لا يَحِلّ حَرَامُهَا |
فَقُلْ ل بَني مَرْوَانَ: ما بالُ ذِمّةٍ |
وَحُرْمَةِ حِلٍّ لَيسَ يُرْعَى ذِمامُهَا |
ألا في سَبِيلِ الله سَفْكُ دِمَائِنَا، |
بِلا جُرْمَةٍ مِنّا يَبِينُ اجْتِرَامُهَا |
مَدَدْنَا بِثَدْيٍ مَا جُزِينَا بِدَرّهِ، |
وَأيْدٍ بِنَا اسْتَعْلَتْ، وَتَمّ تمَامُهَا |
وَثَارَ بِقَتلِ ابْنِ المهَلُّبِ خَالِدٌ |
وفيناَ بَقِيَّاتُ الهُدى وإمَامُهَا |
أرَى مُضَرَ المِصَرَينِ قد ذَلّ نَصرُها |
وَلكِنّ قَيْساً، لا يُذَلّ شَآمُهَا |
فَمَنْ مُبْلِغٌ بالشّامِ قَيْساً وَخِندِفاً |
أحادِيثَ مَا يُشفَى بِبُرْءٍ سَقامُهَا |
أحادِيثَ منّا نَشْتَكيها إلَيْهِمُ، |
وَمُظْلِمَةً يَغْشَى الوُجُوهَ ظَلامُهَا |
فإنْ مَنْ بِها لمْ يُنْكِرِ الضّيمَ منهُمُ |
فَيَغْصَبَ مِنْها كَهْلُهَا وَغُلامُهَا |
يَعُدْ مِثْلُهَا مِنْ مِثْلِهِمْ فيُنكِّلوا، |
فيَعَلَمَ أهلُ الجَوْرِ كيفَ انتِقامُهَا |
بِغَلْبَاءَ مِنْ جُمْهُورِها مُضَرِيّةٍ، |
تُزَايِلُ فِيها أذْرُعَ القَوْمِ لامُهَا |
وَبِيضٍ علاهُنّ الدِّجَالُ، كأنّهَا |
كَوَاكِبُ يَجْلُوها لسارٍ ظَلامُهَا |
دَمُ ابنِ يَزيِدٍ كان حِلاًّ لخالِدٍ، |
ألَهْفي لنَفْسٍ لَيسَ يُشفى هُيامُهَا |
فَغَيّرْ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فَإنّهَا |
يَمَانِيَةٌ حَمْقَاءُ أنْتَ هِشامُهَا |
أبابنِ يَزِيدٍ وَابنِ زَحْرٍ تَحَلّلَتْ |
دِمَاءُ تَمِيمٍ، وَاستُبِيحَ سَوَامُهَا |
أنُقْتَلُ فِيكُمْ، إذْ قَتَلْنَا عدُوَّكم |
على دينكُمْ، والحَرْبُ بادٍ قَتامُهَا |
وَغَبْرَاءَ عَنكُمْ قَدْ جَلَوْنا كما جَلا |
صَدَى حِلْيَةِ المأثُورِ عَنْهُ تِلامُهَا |
لَقَدْ كانَ فِينَا لَوْ شَكَرْتُمْ بَلاءنا |
وَأيّامَنَا اللاّتي تُعَدّ جِسَامُهَا |
لَنَا فِيكُمُ أيْدٍ وَأسْبَابُ نِعْمَةٍ، |
إذا الفِتَنَةُ العشوَاءُ شُبّ احتِدامُهَا |
زِمامُ التي تَخشَى مَعَدٌّ وغَيْرُهَا، |
إذا مَا أبَى أنْ يَستَقِيمَ هُمَامُهَا |
غَضِبنا لكمْ يا آلَ مَرْوَانَ فاغضَبوا |
عَسَى أنّ أرْوَاحاً يَسُوغُ طَعامُهَا |
ولا تَقطَعُوا الأرْحامَ مِنّا، فإنّهَا |
ذُنُوبٌ مِنَ الأعْمالِ يُخشَى إثامُهَا |
لَقَدْ عَلِمَ الأحياءُ في كُلّ مَوْطِنٍ |
إذا عُدّتِ الأحْيَاءُ أنّا كِرَامُهَا |
وَأنّا، إذا الحْربُ العَوَانُ تضَرّمَتْ، |
نَلِيهَا إذا ما الحَرْبُ شُبّ ضِرَامُهَا |
قِوَامُ عُرَى الإسْلام والأمْرِ كُلِّهِ، |
وَهَلْ طاعَةٌ إلاّ تَميمٌ قِوَامُهَا |
وَلَكِنْ فَدَتْ نَفِسِي تَميماً من التي |
يُخَافُ الرّدَى فيها وَيُرْهَبُ ذامُهَا |
إلى الله تَشْكُو عزَّنا الأرْضُ فَوْقَها، |
وَتَعْلَمُ أنّا ثِقْلُهَا وَغَرَامُهَا |
شَكَتْنَا إلى الله العَزِيزِ، فأسمَعَتْ |
قَرِيباً، وَأعْيَا مَن سِوَاهُ كَلامُهَا |
نَصُولُ بحَوْلِ الله في الأمْرِ كُلِّهِ، |
إذا خِيفَ من مُصْدُوعَةٍ مال التِئامُهَا |
ألَمْ يَكُ في الإسْلامِ مِنّا وَمِنكُمُ |
حَوَاجِزُ أرْكَانٍ عَزِيزٍ مَرَامُهَا |
فَتَرْعَى قُرَيشٌ مِنْ تَمِيمٍ قَرَابَةً، |
وَتَجْزِي أيّاماً كَرِيماً مَقَامُهَا |
وَقَدْ عَلِمَتْ أبْنَاءُ خِنْدِفَ أنّنَا |
ذُرَاهَا، وَأنّا عِزُّهَا وَسَنَامُهَا |
وَأنْتُمُ وُلاةُ الله، ولاّكُمُ الّتي |
بهِ قُوِّمَتْ حتى اسْتَقَامَ نِظامُهَا |
صِلُوا مِنْ تَميمٍ ما تَميمٌ تُجِدُّهُ، |
إذا مَا حِبَالُ الدِّينِ رَثّتْ رِمامُهَا |