أهاجَ لَكَ الشّوْقَ القَدِيمَ خَيالُهُ |
مَنَازِلُ بَيْنَ المُنْتَضَى وَمُنِيمِ |
وَقَدْ حالَ دُوني السّجنُ حتى نسيتُها |
وَأذْهَلَني عَنْ ذِكْرِ كُلِّ حَمِيمِ |
على أنّني مِنْ ذِكْرِهَا كُلَّ لَيلَةٍ |
كَذِي حُمَةٍ يَعْتَادُ داءَ سَلِيمِ |
إذا قِيلَ قَدْ ذَلّتْ لَهُ عَنْ حَيَاتِهِ |
تُراجِعُ مِنْهُ خَابِلاتِ شَكِيمِ |
إذا ما أتَتْهُ الرّيحُ منْ نَحْوِ أرْضِهَا، |
فَقُلْ في بَعِيدِ العائِداتِ سَقيمِ |
فإنْ تُنكِرِي ما كنتِ قَدْ تَعرِفِينَهُ، |
فَمَا الدّهْرُ مِنْ حالٍ لَنَا بِذَمِيمِ |
لهُ يَوْمُ سَوْءٍ ليْسَ يُخطىءُ حظُّه، |
وَيَوْمُ تَلاقَى شَمْسُهُ بِنَعِيمِ |
وَقَدْ عَلِمَتْ أنّ الرّكابَ قد اشتكتْ |
مَوَاقِعَ عُرْيَانٍ مَكَانَ كُلُومِ |
تُقاتِلُ عَنْهَا الطّيرَ دُونَ ظُهورِهَا |
بأفوَاهِ شُدْقٍ غَيرِ ذاتِ شُحُومِ |
أضَرّبهِنّ البُعْدُ مِنْ كُلّ مَطَلبٍ |
وَحاجاتُ زَجّالٍ ذَوات هُمُومِ |
وَكَمْ طَرّحَتْ رَحْلاً بكلّ مَفازَةٍ |
مِنَ الأرْضِ في دَوّيّةٍ وَحُزُومِ |
كَأحْقَبَ شَحّاج بِغَمْرَة قارِبٍ |
بِلِيتَيْهِ آثَارٌ ذَوَاتُ كُدُومِ |
إذا زَخَرَتْ قَيْسٌ وَخِنْدِفُ وَالتَقى |
صَمِيماهُما، إذْ طَاحَ كلُّ صَميمِ |
وَما أحَدٌ مِنْ غَيرِهمْ بطَرِيقِهِمْ |
مِنَ النّاسِ، إلاّ مِنْهُمُ بمُقِيمِ |
وَكَيْفَ يَسيرُ النّاسُ قَيسٌ وَرَاءَهم |
وَقَدْ سُدّ ما قُدّامَهُمْ بتَمِيمِ |
سَيَلقى الذي يَلقى خُزَيْمَةُ منهُمُ، |
لَهُمْ أمّ بَذّاخِينَ غَيرَ عَقِيمِ |
هُما الأطْيَبانِ الأكْثَرانِ تَلاقَيَا |
إلى حَسَبٍ عِنْدَ السّمَاءِ قَدِيمِ |
فَمَنْ يَرَ غَارَيْنَا، إذا ما تَلاقَيَا، |
يَكُنْ مَنْ يَرَى طَوْدَيْهِما كأمِيمِ |
أبَتْ خِنْدِفٌ إلاّ عُلُوّاً وَقَيْسُها، |
إذا فَخَرَ الأقْوَامُ، غَيرَ نُجُومِ |
وَنَحْنُ فَضَلْنَا النّاسَ في كلّ مَشهدٍ |
لَنَا بحَصىً عالٍ لَهُمْ وَحُلومِ |
فإنْ يَكُ هذا النّاسُ حَلّفَ بَيْنَهُمْ |
عَلَيْنَا لَهُمْ في الحَرْبِ كلُّ غَشومِ |
فَإنّا وَإيّاهُمْ كَعَبْدٍ وَرَبِّهِ، |
إذا فَرّ مِنْهُ رَدّهُ بِرُغُومِ |
وقَدْ عَلِمَ الدّاعي إلى الحَرْبِ أنّني |
بجَمْعِ عِظامِ الحَرْبِ غَيرُ سؤومِ |
إذا مُضَرُ الحَمَرَاءُ يَوْماً تَعَطّفَتْ |
عَليّ وَقَدْ دَقّ اللّجامَ شَكِيمي |
أبَوْا أنْ أسُومَ النّاسَ إلاّ ظُلامَةً، |
وَكُنْتُ ابن ضِرْغامِ العَدُوِّ ظَلُومِ |