ألَمْ تَرَ أنّي، يَوْمَ جَوّ سُوَيْقَةٍ، |
بَكَيْتُ فَنادَتْني هُنَيْدَةُ مَالِيَا |
فَقُلْتُ لهَا: إنّ البُكَاءَ لَرَاحَةٌ، |
بهِ يَشْتَفي مَنْ ظَنّ أنْ لا تَلاقِيَا |
قِفي وَدّعِينَا، يا هُنَيْدُ، فإنّني |
أرَى الحَيَّ قد شاموا العقيقَ اليَمانِيَا |
قَعِيدَكُمَا الله، الّذِي أنْتُمَا لَهُ، |
ألَمْ تَسْمَعَا بالبَيْضَتَينِ المُنَادِيَا |
حَبيباً دَعَا، والرّمْلُ بَيْني وَبَيْنَهُ، |
فَأسْمَعَني، سَقْياً لذلك، داعِيَا |
فكَانَ جَوابي أنْ بَكَيْتُ صَبابَةً، |
وفَدّيْتُ مَنْ لَوْ يَستَطيعُ فَدانِيَا |
إذا اغْرَوْرَقَتْ عيْنَايَ أسْبَلَ منهُما، |
إلى أنْ تغِيبَ الشِّعْريَانِ، بكائِيَا |
لذِكْرَى حَبيبٍ لمْ أزَلْ مذْ هَجَرْتُهُ |
أعُدُّ لَهُ، بعْدَ اللّيَالي، لَيَالِيَا |
أرَاني، إذا فارَقْتُ هِنْداً كَأنّني |
دَوَى سَنَةٍ، ممّا التَقَى في فؤادِيَا |
فَإنْ يَدْعُني باسمي البَعيثُ فلم يجدْ |
لَئيمَاً كَفَى في الحَرْبِ ما كانَ جانيَا |
وَما أنْتَ مِنّا غَيرَ أنّكَ تَدّعي |
إلى آلِ قُرْطٍ بَعْدَما شِبتَ عانِيَا |
تَكُونُ مَعَ الأدْنَى إذا كُنتَ آمِناً، |
وَأُدْعَى، إذا غَمّ الغُثاءُ التَراقِيَا |
عَجِبتُ لِحَينِ ابنِ المَرَاغةِ أنْ رَأى |
لَهُ غَنماً أهْدَى إليّ القَوَافِيَا |
وَهَلْ كانَ فيما قد مَضَى من شَبيبتي |
لَهُ رُخْصَةٌ عندي، فيَرْجو ذكائِيَا |
ألَمْ أكُ قَدْ رَاهَنْتُ حَتى علِمتُمُ |
رهَاني، وَخَلّتْ لي مَعدٌّ عنَانِيَا |
وَما حَمَلَتْ أُمُّ امرىءٍ في ضُلوعِها |
أعَقَّ مِنَ الجَاني عَلَيْها هِجَائِيَا |
وَأنتَ بَوادي الكَلْبِ لا أنتَ ظاعِنٌ |
ولا واجِدٌ، يا ابنَ المَرَاغَةِ، بَانِيَا |
إذا العَنْزُ بالَتْ فِيهِ كَادَتْ تُسِيلُهُ |
عَلَيْكَ وَتَنفي أنْ تَحُلّ الرّوَابِيَا |
عَلَيْكُمْ بتَرْبِيقِ البِهَامِ، فإنّكمْ، |
بأحسابكُمْ، لَنْ تَستَطيعوا رهَانِيَا |
بِأيّ أبٍ يا ابنَ المَرَاغَةِ تَبْتَغي |
رهَاني إلى غَاياتِ عَمّي وَخَالِيَا |
هَلُمّ أباً كَابْنَيْ عِقَالٍ تَعُدّهُ، |
وَوَاِيِهمَا، يا ابن المَرَاغةِ، وَادِيَا |
تَجِدْ فَرْعَهُ عندَ السّماءَ، وَدارِمٌ |
من المَجدِ منهُ أترَعَتْ لي الجَوَابِيَا |
بَنى لي بهِ الشّيخانِ من آلِ دارِمٍ |
بِنَاءً يُرَى عِنْدَ المَجَرّةِ عَالِيَا |