وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً، |
دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني |
فَلَمّا دَنَا قُلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني |
وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ |
فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْني وبَيْنَهُ، |
على ضَوْءِ نَارٍ، مَرّةً، وَدُخَانِ |
فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَكَشّرَ ضَاحِكاً |
وَقَائِمُ سَيْفي مِنْ يَدِي بمَكَانِ |
تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَني لا تَخُونُني، |
نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبانِ |
وَأنتَ امرُؤٌ، يا ذِئبُ، وَالغَدْرُ كُنتُما |
أُخَيّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ |
وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِرَى |
أتَاكَ بِسَهْمٍ أوْ شَبَاةِ سِنَانِ |
وَكُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ، وَإن هُما |
تَعاطَى القَنَا قَوْماهُما، أخَوَانِ |
فَهَلْ يَرْجِعَنّ الله نَفْساً تَشَعّبَتْ |
على أثَرِ الغادِينَ كُلَّ مَكَانِ |
فأصْبَحْتُ لا أدْرِي أأتْبَعُ ظَاعِناً، |
أمِ الشّوْقُ مِني للمُقِيمِ دَعَاني |
وَمَا مِنْهُمَا إلاّ تَوَلّى بِشِقّةٍ، |
مِنَ القَلْبِ، فالعَيْنَانِ تَبتَدِرَانِ |
ولَوْ سُئِلَتْ عَني النَّوَارُ وَقَوْمُهَا، |
إذاً لمْ تُوَارِ النّاجِذَ الشّفَتَانِ |
لَعَمْرِي لَقَدْ رَقّقْتِني قَبلَ رِقّتي، |
وَأشَعَلْتِ فيّ الشّيبَ قَبلَ زَمَاني |
وَأمْضَحتِ عِرْضِي في الحياةِ وَشِنتِهِ، |
وأوْقَدْتِ لي نَاراً بِكُلّ مَكَانِ |
فَلوْلا عَقَابِيلُ الفُؤادِ الّذِي بِهِ، |
لَقَدْ خَرَجَتْ ثِنْتَانِ تَزْدَحِمَانِ |
وَلَكِنْ نَسِيباً لا يَزالُ يَشُلُّني |
إلَيْكَ، كَأني مُغْلَقٌ بِرِهَانِ |
سَوَاءٌ قَرِينُ السَّوْءِ في سَرَعِ البِلى |
عَلى المَرْءِ، وَالعَصْرَانِ يَختَلِفَانِ |
تَمِيمٌ، إذا تَمّتْ عَلَيكَ، رَأيتَها |
كَلَيْلٍ وَبَحْرٍ حِينَ يَلْتَقِيَانِ |
همُ دونَ مَن أخشَى، وَإني لَدُونَهمْ، |
إذا نَبَحَ العَاوِي، يَدِي وَلِسَاني |
فَلا أنَا مُخْتَارُ الحَيَاةِ عَلَيْهِمُ |
وَهُمْ لَنْ يَبيعُوني لفَضْلِ رِهَاني |
مَتى يَقْذِفُوني في فَمِ الشّرّ يكفِهمْ، |
إذا أسْلَمَ الحَامي الذّمَارِ، مَكَاني |
فلا لامرِىءٍ بي حِينَ يُسنِدُ قَوْمَهُ |
إليّ، ولا بالأكْثَرِينَ يَدَانِ |
وَإنّا لَتَرْعَى الوَحْشُ آمِنَةً بِنَا، |
وَيَرْهَبُنا، أنْ نَغضَبَ، الثّقَلانِ |
فَضَلْنَا بِثِنْتَينِ المَعَاشِرَ كُلَّهُمْ: |
بِأعْظَمِ أحْلامٍ لَنَا وَجِفَانِ |
جِبالٌ إذا شَدّوا الحُبَى من وَرَائهم، |
وَجِنٌّ إذا طَارُوا بِكُلّ عِنَانِ |
وَخَرْقٍ كفَرْجِ الغَوْلِ يُخَرَسْ رَكْبُهُ |
مَخَافَةَ أعْدَاءٍ وَهَوْلِ جِنَانِ |
قَطَعْتُ بِخَرْقَاءِ اليَدَيْنِ، كأنّها، |
إذا اضْطَرَبَ النِّسعانِ، شاةُ إرَانِ |
وَماءُ سَدىً من آخرِ اللّيلِ أرْزَمَتْ |
لِعِرْفَانِهِ مِنْ آجِنٍ وَدِفَانِ |
وَدَارِ حِفَاظٍ قَدْ حَلَلْنا، وَغَيرُهَا |
أحَبُّ إلى التِّرْعِيّةِ الشّنآنِ |
نَزَلْنَا بِهَا، والثّغْرُ يُخشَى انْخَرَاقُه، |
بِشُعْثٍ على شُعْثٍ وَكُلِّ حِصَانِ |
نُهِينُ بِهَا النّيبَ السّمَانَ وَضَيْفُنَا |
بهَا مُكْرَمٌ في البَيْتِ غَيرُ مُهَانِ |
فَعَنْ مَنْ نُحامي بَعدَ كلّ مُدجَّجٍ |
كَرِيمٍ وَغَرَّاءِ الجَبِينِ حَصَانِ |
حَرَائِرُ أحْصَنّ البَنِينَ وَأحْصَنَتْ |
حُجُورٌ لهَا أدّتْ لِكُلّ هِجَانِ |
تَصَعّدْنَ في فَرْعَي تَمِيمٍ إلى العُلى |
كَبَيْضِ أداحٍ عَاتِقٍ وَعَوَانِ |
وَمِنّا الّذِي سَلّ السّيُوفَ وَشَامَها |
عَشِيّةَ بَابِ القَصْرِ مِنْ فَرَغَانِ |
عَشِيّةَ لمْ تَمْنَعْ بَنِيهَا قَبِيلَةٌ |
بِعِزٍّ عِرَاقيٍّ وَلا بِيَمَانِ |
عَشِيّةَ مَا وَدّ ابنُ غَرّاءَ أنّهُ |
لَهُ مِنْ سِوَانَا إذْ دَعَا أبَوَانِ |
عَشِيّةَ وَدّ النّاسُ أنّهُمُ لَنَا |
عَبِيدٌ، إذِ الجَمْعَانِ يَضْطَرِبانِ |
عَشِيّةَ لمْ تَسْتُرْ هَوَازِنُ عامِرٍ |
وَلا غَطَفَانٌ عَوْرَةَ ابنِ دُخَانِ |
رَأوْا جَبَلاً دَقَّ الجِبَالَ، إذا التَقتْ |
رُؤوسُ كَبِيرَيْهِنّ يَنْتَطِحَانِ |
رِجَالاً عَنِ الإسْلامِ إذ جاء جالَدوا |
ذَوِي النَّكْثِ حتى أوْدَحوا بهَوَانِ |
وَحتى سَعَى في سُورِ كُلّ مَدِينَةٍ |
مُنَادٍ يُنَادي، فَوْقَهَا، بِأذَانِ |
سَيَجْزِي وَكِيعاً بالجَماعَةِ إذْ دَعَا |
إلَيْهَا بِسَيْفٍ صَارِم وَسِنَانِ |
خَبيرٌ بِأعْمالِ الرّجالِ كما جَزَى |
بِبَدْرٍ وَباليَرْمُوكِ فَيْءَ جَنَان |
لَعَمرِي لنِعَمَ القَوْمُ قَوْمي، إذا دَعا |
أخُوهُمْ على جُلٍّ مِنَ الحَدَثَانِ |
إذا رَفَدُوا لمْ يَبْلُغِ النّاسُ رِفْدَهمْ |
لضَيْفِ عَبيطٍ، أوْ لضَيْفِ طِعَانِ |
فَإنْ تَبْلُهُمْ عَنّي تَجِدْني عَلَيْهِمُ |
كَعِزّةِ أبْنَاءٍ لَهُمْ وَبَنَانِ |