هتمت قريبة، يا أخا الأنصار، الفرزدق

هُتِمَتْ قَرِيبَةُ، يا أخَا الأنْصَارِ،

فَاغْضَبْ لِعرْسِكَ أنْ تُرَدّ بَعارِ

وَاعْلَمْ بَأنّكَ ما أقَمْتَ على الذي

أصْبَحَتْ فِيهِ، مُنَوَّخٌ بِصَغَارِ

إنّ الحَلِيلَةَ لا يَحِلّ حَرِيمُهَا،

وَحَلِيلُهَا يَرْعَى حِمى الأحْرَارِ

ولَعَمْرُ هَاتِمِ في قَرِيبَةَ ظَالِماً،

مَا خَافَ صَوْلَةَ بعْلِهَا البَرْبَارِ

وَلَوَ أنّهُ خَشِيَ الدَّهَارِس عِنْدَهُ

لَمْ تَرْمِهِ بِهَوَاتِكِ الأسْتَارِ

وَلَوْ أنّهُ في مَازِنٍ لَتَنَكّبَتْ

عَنْهُ الغَشِيمَةُ، آخِرَ الأعْصَارِ

وَلَخَافَ فَرْسَتَهُ، وَهَزّتَنَا بِهِ،

وَشَبَاةَ مِخْلَبِهِ الهِزَبرُ الضّارِي

وَلَبُلّ هَاتِمُ في قَعِيدَةِ بَيْتِهِ

مِنْهُ، بِأرْوَعَ فَاتِكٍ مِغْيَارِ

طَلاّعِ أوْدِيَةٍ يُخَافُ طِلاعُهَا

يَعظِ العَزِيمَةِ، مُحْصَدِ الأمْرَارِ

مُتَفَرِّدٍ في النّائِبَاتِ بِرَأيِهِ،

إنْ خَافَ فَوْتَ شَوَارِدِ الآثَارِ

لا يَتّقي إنْ أمْكَنَتْهُ فُرْصَةٌ

دُوَلَ الزّمَانِ، نَظارِ قالَ: نَظارِ

وَلَما أقَامَ وَعِرْسُهُ مَهْتُومَةٌ،

مُتَضَمِّخاً بِجَدِيّةِ الأوْتَارِ

مُتَبَذِّياً ذَرِبَ اللّسَانِ مُفَوَّهاً،

مُتَمَثِّلاً بِغَوَابِرِ الأشْعَارِ

يُهْدِي الوَعيدَ وَلا يَحوطُ حَرِيمَهُ

كَالكَلْبِ يَنْبَحُ مِنْ وَرَاءِ الدّارِ