لَبِئْسَتْ هَدَايَا القَافِلينَ أتَيْتُمُ |
بهَا أهلَكُمْ يا شرّ جَيْشَينِ عُنصُرَا |
رَجَعتُمْ عَلَيهمْ بالهَوَانِ فأصْبَحوا |
على ظهرِ عُرْيانِ السّلائقِ أدْبَرَا |
وَقد كانَ شِيمَ السّيفُ بعد استِلالِهِ |
عَلَيهِمْ وَناءَ الغَيثُ فيهمْ فأمطَرَا |
رَدَدْتُمْ عَلَينا الخيلَ وَالتُّرْكُ عندكُم |
تَحَدّى طِعاناً بِالأسِنّةِ أحْمَرَا |
إلى مَحِكٍ في الحَرْبِ يأبَى إذا التقتْ |
أسِنّتُها بالمَوْتِ، حَتى يُخَيَّرَا |
إذا عَجَمْتْهُ الحَرْبُ يَوْماً أمَرَّهَا |
على قُتُرٍ مِنها عَنِ اللّينِ أعْسَرَا |
ولَمّا رَأى الله الّذي قَدْ صَنَعْتُمُ، |
وَأنّ ابنَ سَيْبُخْتَ اعتَدى وَتجبّرَا |
وَقارَعْتُمُ في الحَقّ مَن كانَ أهْلُهُ |
بِبَاطِلِ سَيْبُختَ الضّلالِ وَذَكّرَا |
رَمَاكُمْ بِمَيْمُونِ النّقِيبَةِ حازِمٍ |
إذا لمْ يُقَمْ بِالحَقّ لله نَكّرَا |
أبيَّ المُنى لمْ تَنْتَقِضْ مِرّةٌ بِهِ، |
ولَكِنْ إذا مَا أوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرَا |
أخَا غَمَرَاتٍ يَجْعَلُ الله كَعْبَهُ، |
هُوَ الظَّفِرُ الأعْلى إذا البأسُ أصْحرَا |
مُعَانٌ عَلى حَقٍ، وَطَالِبُ بَيْعَةٍ |
لأفْضَلِ أحْيَاءِ العَشِيرَةِ مَعْشَرَا |
لآلِ أبي العاصي تُرَاثُ مَشُورَةٍ، |
لِسُلْطانهِمْ في الحَقّ ألاّ يُغَيَّرَا |
عَجِبتُ لنَوْكَى من نِزَارٍ وَحَيْنِهمْ |
رَبِيعَةَ وَالأحزَابِ مِمّنْ تمَضّرَا |
وَمن حَينِ قَحطاني سجستانَ أصْبحوا |
على سَيّءٍ من دينِهمْ قَدْ تَغَيّرَا |
وَهُمْ مائَتا ألْفٍ وَلا عَقْلَ فيهِمِ |
وَلا رَأيَ من ذي حِيلَةٍ لَوْ تَفَكّرَا |
يَسُوقُونَ حَوّاكاً لِيَسْتَفْتِحُوا بِهِ |
على أوْلِيَاءِ الله، مِمّنْ تَخَيّرَا |
على عُصْبَةٍ عُثمانُ منهُمْ، وَمنهُمُ |
إمَامٌ جَلا عَنّا الظّلامَ فَأسْفَرَا |
خَليفَةُ مَرْوَانَ الذي اختارَهُ لَنَا |
بِعِلْمٍ عَلَيْنا مَنْ أمَاتَ وَأنْشَرَا |
بِهِ عَمَرَ الله المَسَاجِدَ، وَانْتَهَى |
عَنِ النّاسِ شَيْطانُ النّفاقِ فأقصرَا |
وَلوْ زَحَفُوا بابْنَيْ شَمامٍ كِلَيهِما |
وَبالشُّمّ من سَلمَى إلى سَرْوِ حِميَرَا |
على دينهِمْ وَالهِندُ تُزْجَى فُيُولهُمْ |
وَبالرّومِ في أفدانها رُومِ قَيصَرَا |
إلى بَيْعَةِ الله الّتي اخْتَارَ عَبْدَهُ |
لهَا ابنَ أبي العاصِي الإمامَ المُؤمَّرَا |
لَفَضّ الذي أعطى النبُوّةَ كَيدَهمْ |
بِأكْيَدَ مِمّا كَايَدُوهُ وَأقْدَرَا |
أتَاني بذي بَهْدى أحاديثُ رَاكِبٍ، |
بهَا ضَاقَ مِنها صَدْرُهُ حِينَ خَبّرَا |
وَقَائِعُ للحَجّاجِ تَرْمي نِسَاؤهَا |
بِأوْلادِ ما قَد كانَ مِنهُنّ مُضْمَرَا |
فَقُلتُ فِدىً أُمّي لَهُ حينَ صَاولَتْ |
بهِ الحَرْبُ نَابَيْ رَأسِها حِينَ شمّرَا |
سَقى قائِدَيْها السّمّ حتى تَخاذَلُوا |
عَلَيها وَأرْوَى الزّاعِبيَّ المُؤمَّرَا |
سَقَى ابنَ رِزَامٍ طَعْنَةً فَوّزَتْ بهِ |
وَمَحْرُوشَهُمْ مَأمُومَةً فَتَقَطّرَا |
وأفلت روّاضُ البغالِ ولم تَدَعْ |
لهُ الخيلُ من اخراج زَوْجِيه معشرا |
وَأفْلَتَ دَجّالُ النّفَاقِ، وَمَا نجَا |
عَطِيّةُ إلاّ أنّهُ كَانَ أمْهَرَا |
مِنَ الضّفْدَعِ الجارِي عَلى كلّ لُجّةٍ |
خَفيفاً إذا لاقَى الأوَاذيَّ أبْتَرَا |
ورَاحَ الرِّياحيّانِ إذْ شَرَعَ القَنَا |
مُطَيْرٌ، وَبَرّادٌ، فِرَاراً عَذَوَّرَا |
وَلَوْ لَقِيَا الحَجّاجَ في الخَيْلِ لاقَيا |
حِسابَ يَهودِيّينِ مِنْ أهلِ كَسكَرَا |
وَلَوْ لَقيَ الخَيْلَ ابنُ سَعْدٍ لَقَنّعُوا |
عِمَامَتَهُ المَيْلاءَ عَضْباً مُذَكَّرَا |
ولَوْ قَدّمَ الخيْلَ ابنُ مُوسَى أمامَهُ |
لمَاتَ وَلَكِنّ ابنَ مُوسَى تَأخّرَا |
رَأى طَبَقاً لا يَنْقُضُونَ عُهُودَهُمْ |
لهُمْ قائِد قُدّامَهُمْ غَيرُ أعْوَرَا |
وَهِمْيَانُ لَوْ لمْ يَقطَعِ البَحرَ هارِباً |
أثارَتْ عَجاجاً حَوْلَهُ الخَيلُ عِثْيَرَا |
وَزَهْرَانُ ألْقَى في دُجَيْلٍ بِنَفْسِهِ |
مُنَافِقُهَا إذْ لمْ يَجِدْ مُتَعَبَّرَا |
وَمَا تَرَكَتْ رَأساً لبَكرِ بنِ وَائِلٍ، |
وَلا للُكَيزِيّينَ إلاّ مُكَوَّرَا |
وَأفْلَتَ حَوّاكُ اليَمانِينَ بَعْدَمَا |
رَأى الخيلَ تَرْدي من كُميتٍ وَأشقرَا |
وَدِدْتُ بِحَنّابَاءَ إذْ أنْتَ مُوكِفٌ |
حِمَارَكَ مَحلُوقٌ تَسوقُ بعَفْزَرَا |
تُؤامِرُها في الهِنْدِ أنْ تُلحَقا بِهمْ، |
وَبالصِّينِ صِينِ استانَ أوْ تُرْكِ بَغَبَرَا |
رَأيْتُ ابنَ أيّوبٍ قَدِ استَرْعَفَتْ بهِ |
لكَ الخَيلُ من خَمسِينَ ألفاً وَأكثَرَا |
على صاعِدٍ أوْ مِثْلِهِ من رِبَاطِهِ، |
إذا دارَكَ الرّكْضَ المُغِيرُونَ صَدّرَا |
يُبَادِرُكَ الخَيْلَ الّتي مِنْ أمَامِهِ |
ليَشْفيَ مِنْكَ المُؤمِنِينَ، وَيَثْأرَا |
مَحارِمَ للإسلامِ كنتَ انْتَهَكْتَها، |
وَمَعْصِيَةً كانَتْ مِنَ القَتلِ أكبَرَا |
دَعَوْا وَدَعَا الحَجّاجُ وَالخيلُ بَينَها |
مدى النّيلِ في سامي العَجاجةِ أكدَرَا |
إلى باعِثِ المَوْتَى ليُنزِلَ نَصْرَهُ، |
فَأنْزَلَ للحَجّاجِ نَصْراً مُؤزّرَا |
مَلائِكَةً، مَنْ يَجعَلِ الله نَصرَهم |
لَهُ يَكُ أعلى في القِتالِ وَأصْبَرَا |
رَأَوْا جِبْرئيل فيهِمُ، إذْ لَقُوهُمُ، |
وَأمْثَالَهُ مِنْ ذي جَناحَينِ أظْهَرَا |
فَلَمّا رَأى أهْلُ النّفَاقِ سِلاحَهُمْ |
وَسِيمَاهُمُ كَانُوا نَعاماً مُنَفَّرَا |
كَأنّ صَفِيحَ الهِنْدِ فَوْقَ رُؤوسِهم |
مَصَابيحُ لَيْلٍ لا يُبالِينَ مِغْفَرَا |
بِأيْدي رِجَالٍ يَمْنَعُ الله دِينَهُمْ، |
بِأصْدَقَ من أهْلِ العِرَاقِ وَأصْبَرَا |
كَأنّ على دَيْرِ الجَماجِمِ مِنْهُمُ |
حَصَائِدَ أوْ أعْجازَ نَخلٍ تَقَعَّرَا |
تَعَرَّفُ هَمْدَانِيّةٌ سَبَئِيّةٌ، |
وَتُكْرِهُ عَيْنَيْها على ما تَنَكّرَا |
رَأتْهُ مع القَتْلى، وَغَيّرَ بَعْلَها |
عَلَيْهَا تُرَابٌ في دَمٍ قَدْ تَعفّرَا |
أرَاحُوهُ مِنْ رَأسٍ وَعَيْنَينِ كانَتَا |
بَعِيدَينِ طَرْفاً بِالخِيَانَةِ أحْزَرَا |
مِنَ النّاكِثِينَ العَهْدَ مِنْ سَبَئِيّةٍ |
وَإمّا زُبَيْرِيٍّ مِنَ الذّئبِ أغْدَرَا |
وَبالخَنْدَقِ البَصْرِيّ قَتْلى تَخالُها |
عَلى جَانِبِ الفيْضِ الهَديَّ المُنَحَّرَا |
لَقِيتُمْ مَعَ الحَجّاجِ قَوْماً أعِزّةً، |
غِلاظاً على مَن كان في الدِّينِ أجوَرَا |
بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ أيّدَ الله نَصْرَهُ، |
وَسَوّى مِنَ القَتلى الرّكيَّ المُعَوَّرَا |
جُنُوداً دَعَا الحَجّاجُ حِينَ أعَانَهُ |
بِهِمْ، إذْ دَعا ربَّ العِبادِ ليَنْصُرَا |
بشَهْبَاءَ لمْ تُشرَبْ نِفَاقاً قُلُوبُهُمْ، |
شَآمِيَةٍ تَتْلُو الكِتَابَ المُنَشَّرَا |
بسُفْيَانَ وَالمُسْتَبْصِرِينَ كَأنّهم |
جِمَالٌ طَلاها بِالكُحَيْلِ وَقَيَّرَا |
ولَوْ أنّهُمْ إذْ نَافَقُوا كانَ مِنْهُمُ |
يَهُودِيُّهُمْ كَانُوا بِذَلِكَ أعذَرَا |
وَلَكِنّمَا اقتَادُوا بحَوّاكِ قَرِيَةٍ، |
لَئِيمٍ كَهَامٍ، أنْفُهُ قَد تَقَشّرَا |
مُحَرَّقَةٌ للغَزْلِ أظْفَارُ كَفِّهِ |
لِتَدْقِيقِهِ ذَا الطُّرّتَينِ المُحَبَّرَا |
عَشِيّةَ يُلْقُونَ الدّرُوعَ كَأنّهُمْ |
جَرَادٌ أطارَتْهُ الدَّبُورُ، فَطَيَّرَا |
وَهمْ قد يرَوْنَ الموْتَ من بينِ مُقعَصٍ |
وَمن وَائِبٍ في حَوْمَةِ المَوْتِ أكدرَا |
رَأوْا أنّهُ مَنْ فَرّ من زَحْفِ مِثِلهمْ |
يكُنْ حَطَباً للنّارِ فِيمَنْ تَكَبّرَا |