أتَصْرِفُ عَنْ لَيْلى بِنا أمْ تَزُورُها، |
وَمَا صُرْمُ لَيلى بَعدَما ماتَ زِيرُهَا |
فإنْ يَكُ وَارَاهُ التّرَابُ، فَرُبّمَا |
تَجَرّعَ مِنّي غُصّةً لا يُحِيرُها |
ألا لِيَلُمْ مَنْ ضَنّ بِالمَالِ نَفْسَهُ، |
إذا ضِبْرِمٌ بَانَتْ بلَيْلٍ خُدُورُها |
ألا رُبّما إنْ حَالَ لُقْمَانُ دُونَها |
تَرَبّعَ بَينَ الأرْوَتَينِ أمِيرُهَا |
مُقَابَلَةَ الثّايَاتِ ثايات ضَابِىءٍ |
مَرَاتِعَ مِنْهَا لا تُعَدّ شُهُورُها |
بِصَحْرَاءَ مِكْمَاءٍ تَرُدّ جُناتُها |
إلَيها الجَنى في ثَوْبِ مَنْ يَستَثِيرُها |
إذا هي حَلّتْ في خُزَاعَةَ وَانْتَوَتْ |
بها نِيّةٌ زَوْرَاءُ عَمّنْ يَزُورُها |
فَرُبّ رَبِيعٍ بِالبَلالِيقِ قَدْ رَعَتْ |
بمُسْتَنّ أغْياثٍ بُعَاقٍ ذُكُورُها |
تَحَدّرَ قَبْلَ النّجْمِ مِمّا أمَامَهُ |
من الدّلوِ وَالأشرَاطِ يجرِي غَديرُها |
وَرَحْلٍ حَمَلنا خَلفَ رَحلٍ وَناقَةٍ |
تَرَكْنَا بعَطْشَى لا يُزَجّى حَسيرُها |
تَرَكْنَا عَلَيها الذّئْبَ يَلْطُمُ عَينَهُ |
نهَاراً، بِزَوْرَاءِ الفلاةِ، نُسُورُها |
وَلمّا بَلَغْنَا الجَهْدَ مِنْ مَاجِداتها، |
وَبَيّنَ مِنْ أنْسَابهِنّ شَجِيرُها |
تَجَرّدَ مِنها كُلُّ صَهْبَاءَ حُرّةٍ |
لِعَوْهَجَ أوْ للدّاعِرِيّ عَصِيرُها |
مَشَى، بَعدَما لا مُخّ فِيهَا بِآدِها |
نَجابَةُ جَدّيْها بهَا،، وَضَرِيرُها |
يَرُدّ على خَيْشومِها مِنْ ضَجَاجِها |
لها بَعدَ جَذْبٍ بالخَشاشِ جَرِيرُها |
وَمَحْذُوّةٍ بَينَ الحِذَاءِ الّذِي لهَا، |
وَبَينَ الحَصَى، نَعْلاً مُرِشّاً بَصِيرُها |
طَوَتْ رِحمَها مِنهُنّ كُلُّ نَجيبَةٍ |
منَ المَاءِ وَالتَفّتْ عَليهِ سُتُورُها |
أتَيْنَاكَ مِنْ أرْضٍ تَمُوتُ رِياحُها |
وَبالصّيْفِ لا يُلفى دَليلٌ يطورُها |
منَ الرّمْلِ رَملِ الحَوْشِ يَهلِكُ دونه |
رَوَاحُ شَمالٍ نَيرَجٍ وَبُكورُها |
قَضَتْ ناقَتي ما كنتُ كَلّفت نحبَهَا |
مِنَ الهَمّ والحاجِ البَعيدِ نَعُورُها |
إذا هيَ أدّتْني إلى حَيْثُ تَلْتَقي |
طَوَالِبُ حَاجاتٍ، بَعِيدٍ مَسِيرُها |
إلى المُصْطَفَى بَعدَ الوَليّ الذي لَهُ |
على النّاسِ نُعمَى يملأُ الأرْضَ نورُها |
وَكمْ من صَعُودٍ دونَها قَدْ مَشيتُها |
وَهابِطَةٍ أُخْرَى يُقَادُ بَعِيرُها |
وَما أمَرَتْني النّفْسُ في رِحْلَةٍ لهَا، |
فَيَأمُرَني إلاّ إلَيْكَ ضَمِيرُها |
وَلمْ تَدْنُ حَتى قُلْتُ للرَّكبِ: إنّكُم |
لآتونَ عَينَ الشّمسِ حيثُ تَغُورُها |
فَلَمّا بَلَغْنَا أرْجَعَ الله رِحْلَتي، |
وَشُقّتْ لَنَا كَفٌّ تَفيضُ بحُورُها |
نَزَلْنَا بِأيّوبٍ، ولمْ نَرَ مِثْلَهُ، |
إذا الأرْضُ بالناسِ اقشعرّتْ ظهورُها |
أشدَّ قُوى حَبْلٍ لمَنْ يَسْتَجِيرُهُ، |
وَأطْوَلَ، إذْ شَرُّ الحِبَالِ قَصِيرُها |
جَعَلْتَ لَنا للعَدْلِ بَعدكَ ضَامِناً، |
إذا أُمّةٌ لمْ يُعْطِ عَدْلاً أمِيرُها |
أقَمتَ بهِ الأعناقَ بَعدَكَ فانتَهَتْ |
إلَيْكَ بِأيْدي المُسلِمِينَ مُشِيرُها |
دَعَوْتَ لَهُمْ أنْ يجعَلَ الله خَيرَهم |
وَأنْتَ بدَعْوَى بالصّوَابِ جَدِيرُها |
أرَادَ بهِ الباغونَ كَيْداً، فكادَهُمْ |
بهِ رَبُّ بَرّاتِ النّفُوسِ خَبِيرُها |
ولَوْ كايَدَ العَهْدَ الّذي في رِقَابِهِمْ |
لَهُ أخْشَبا جَنْبَيْ مِنىً وَثَبِيرُها |
لِيَنْقُضْنَ تَوْكيدَ العُهُودِ التي لَهُ |
لأمسَتْ ذُرَاها وَهيَ دُكٌّ وَعُورُها |
وَقَوْمٍ أحاطَتْ لَوْ تُرِيدُ دِماءهُمْ |
بِأعْنَاقهِمْ أعْمَالُهُمْ لَوْ تُثيرُها |
عَلَيْهِمْ رَأوْا مَا يَتّقُونَ من الذي |
غَلتْ قِدرُهمْ إذ ذابَ عنها صُيورُها |
تجاوَزْتَ عَنهُم فَضْل حلمٍ كما عَفا، |
بمُسكِنَ وَالهنديُّ تَعْلُو ذُكورُها |
أبُوكَ جُنُوداً بَعدَما مَرّ مُصْعَبٌ، |
تَفَلّذَ عَنْهُ، وَهْوَ يَدْعو، كَثيرُها |
فَأنْتَ أحَقُّ النّاسِ بالعَدلِ وَالتُّقى |
وَأنتَ ثَرَى الأرْضِ الحَيا وَطَهورُها |
فَأصْبَحْتُمَا فِينَا كَداودَ وَابنِهِ، |
على سُنّةٍ يُهْدَى بها مَنْ يَسِيرُها |