رَعَتْ نَاقَتي مِنْ أُمّ أعْيَنَ رَعْيَةً |
يُشَلّ بهَا وَضْعاً إلى الحَقَبِ الضَّفْرُ |
يَقُولُونَ، والأمْثَالُ تُضْرَبُ للأسَى: |
أما لكَ عن شَيءٍ فُجِعتَ بهِ صَبرُ |
وَما ذَرَفَتْ عَيناكَ إلاّ لِدِمْنَةٍ |
بِحُزْوَى مَحتْها الرّيحُ بعدكَ وَالقَطْرُ |
أقَامَ بهَا مِنْ أُمّ أعْيَنَ بَعْدَها |
رَمَادٌ وَأحْجَارٌ بِرَابِيَةٍ قَفْرُ |
وُقُوفاً بهَا صَحْبي عَليّ، كَأنّني |
بهَا سَلَمٌ في كَفّ صَاحِبِهِ ثَأرُ |
فَقُلْتُ لَهُمْ: سِيرُوا لِما أنْتُمُ لَهُ، |
فَقَدْ طَالَ أنْ زُرْنَا مَنازِلَها الهجرُ |
أما نَحْنُ رَاؤو أهْلِهَا غَيرَ هَذِهِ، |
يَدَ الدّهْرِ، إلاّ أنْ يُلِمّ بهَا سَفْرُ |
إذا كان رَأسُ المَرْءِ أشْيَبَ هَكَذا |
وَلمْ يَنْهَ عَنْ جَهلٍ فليس لَهُ عُذرُ |
وَمَغْبُوقَةٍ دُونَ العِيَالِ، كَأنّهَا |
جَرَادٌ إذا أجْلى معَ الفَزَعِ الفَجْرُ |
عَوَابِسَ ما تَنفَكّ تحتَ بُطُونِهَا |
سَرَابِيلُ أبْطَالٍ بَنَائِقُها حُمْرُ |
ترَكنَ ابنَ ذي الجَدَّينِ يَنشِجُ مُسنَداً |
وَلَيسَ لَهُ إلاّ ألاءَتَهُ قَبْرُ |
وَهُنّ بشِرْحافٍ تَدارَكْنَ دَالِقاً، |
عُمَارَةَ عَبْسٍ بعدما جَنَحَ العَصْرُ |
وَهُنّ على خَدَّيْ شُتَيرِ بن خَالِدٍ |
أُثِيرَ عَجَاجٌ مِنْ سَنابكِها كُدْرُ |
وَيوْماً على ابن الحَوْنِ جالَتْ جيادُهم |
كما جالَ في الأيدي المُجَرَّمةُ السُّمرُ |
إذا سُوّمَتْ للبَأسِ أغْشَى صُدُورَها |
أُسُودٌ عَليها المَوْتُ عادتُها الهَصْرُ |
غَداةَ أحَلّتْ لابنِ أصْرَمَ طَعْنَةٌ، |
حُصَينٌ، عَبيطاتِ السّدائفِ والخَمرُ |
بها زَايلَ ابنُ الجَونِ مُلكاً وَسَلّبَتْ |
نِسَاءٌ على ابنِ الجَوْنِ جدّعها الدّهرُ |
خَرَجنَ حَرِيرَاتٍ وَأبْدَينَ مِجْلَداً |
وَجالَتْ عَلَيهنّ المُكَتَّبَةُ الصّفْرُ |
إذا حَلّتِ الخَرْمَاءَ عَمرُو بنُ عامِرٍ |
وَسَالَتْ عَليها مِنْ مَناكِبها بَكرُ |
بحَيٍّ جُلالٍ يَدْفَعُ الضَّيْمَ عَنهُمُ |
هَوَادِرُ في الأجَوافِ لَيسَ لها سَبرُ |
رَأيْتُ تَميماً يَجْهَشُونَ إلَيْهِمُ، |
إذا الحَرْبُ هَزّتها كَتَائِبُها الخُضرُ |
وَإنْ هَبَطَتْ أرْطَى لُهابٍ ظَعِينَةٌ |
تميمِيّةٌ حَلّتْ إذا فَزِعَ النَّفْرُ |
وَلَيْسَ رَئِيسٌ زَارَ ضَبّةَ مُخْطِئاً |
يَدَيْهِ اصْفِرَارٌ بالأسِنّةِ أوْ أسْرُ |
يَهُزّونَ أرْمَاحاً طِوَالاً مُتُونُهَا، |
بهِنّ الغِنى يَوْمَ الوَقِيعَةِ وَالفَقْرُ |
وَأوْثَقُ مَالٍ عِنْدَ ضَبّةَ بِالغِنى، |
إذا احْتَرَبَ النّاسُ، الإباحَةُ وَالقسرُ |
وَكَانَتْ إذا لاقَتْ رَئيساً رِمَاحُهُمْ |
عَلَيِهنَّ أنْ يَبعَجْنَ سُرّتَهُ نَذْرُ |
وَزَائِرَةٌ آبَاءَهَا بَعْدَمَا التَقَتْ |
جَوَانحُهَا مَا كانَ سِيقَ لها مَهْرُ |
إذا مَا ابنُها لاقَى أخَاهَا تَعَاوَرَا |
عُيوناً من البَغضَاء أبْصَارُها خُزْرُ |
وَيَمْنَعُها مِنْ أنْ يَقُولَ: سَبِيّةٌ، |
بَنُونَ لهَا مِنْ غَيرِ أُسْرَتِها زُهْرُ |
فَما ضَرّ إهْلاكُ الكَرَائِمِ غَالِباً |
مِنَ المالِ إذْ وَارَى شَمائلَهُ القَبْرُ |
وَلا حاتِماً، أزْمَانَ لَوْ شَاءَ حاتِمٌ |
مِنَ المَالِ وَالأنْعامِ كانَ لَهُ وَفْرُ |
وَما قَبَضَتْ كَفّاً يَدٌ دُونَ مَالِهَا |
لِتَمْنَعَهُ، إلاّ سَيَمْلِكُهُ الدّهْرُ |