لأمْدَحَنّ بَني المُهَلَّبِ مِدْحَةً
|
غَرّاءَ ظَاهِرَةً على الأشْعَارِ
|
مِثْلَ النّجُومِ، أمامَها قَمَرٌ لهَا
|
يجلو الدُّجى وَيُضِيءُ لَيلَ السارِي
|
وَرِثوا الطِّعانَ عن المُهلّبِ وَالقِرَى
|
وَخَلائِقاً كَتَدَفّقِ الأنْهَارِ
|
أمّا البَنُونَ، فإنّهُمْ لمْ يُورَثُوا
|
كَتُرَاثِهِ لِبَنِيهِ يَوْمَ فَخَارِ
|
كلَّ المكارِمِ عَن يَديهِ تَقَسّموا
|
إذْ ماتَ رِزْقُ أرَامِلِ الأمْصَارِ
|
كانَ المُهَلّبُ للعِرَاقِ سَكِينَةً،
|
وَحَيَا الرّبِيعِ وَمَعْقِلَ الفُرَّارِ
|
كَمْ مِنْ غِنىً فَتَحَ الإلَهُ لهم بهِ
|
وَالخَيْلُ مُقْعِيَةٌ على الأقْتَارِ
|
وَالنَّبلُ مُلجَمَةٌ بِكُلّ مُحَدرَجٍ
|
منْ رِجلِ خاصِبَةٍ من الأوْتارِ
|
أمّا يَزِيدُ، فإنّهُ تَأبَى لَهُ
|
نَفْسٌ مُوَطَّنَةٌ على المِقْدَارِ
|
وَرّادَةٌ شُعَبَ المَنِيّةِ بِالقَنَا،
|
فَيُدِرُّ كُلُّ مُعَانَدٍ نَعّارِ
|
شُعَبَ الوَتِينِ بِكُلّ جائِشَةٍ لهَا
|
نَفَثٌ يَجيشُ فَماهُ بالمِسْبارِ
|
وَإذا النفوسُ جشأنَ طامنَ جأشهَا
|
ثِقَةً بِهَا لحِمَايَةِ الأدْبَارِ
|
إني رَأيْتُ يَزيِدَ عِنْدَ شَبَابِهِ
|
لَبِسَ التّقَى، وَمَهَابَةَ الجَبّارِ
|
مَلِكٌ عَلَيْهِ مَهَابَةُ المَلِكِ التقى
|
قَمَرُ التّمامِ بهِ وَشَمْسُ نَهارِ
|
وَإذا الرّجالُ رَأوْا يَزِيدَ رَأيتَهُمْ
|
خُضُعَ الرّقاب نَوَاكِسَ الأبصَارِ
|
لأغَرَّ يَنْجَابُ الظّلامُ لِوَجْهِهِ
|
وَبهِ النّفوسُ يَقَعنَ كلَّ قَرَارِ
|
أيَزِيدُ إنّكَ للمُهَلّبِ أدْرَكَتْ
|
كَفّاك خَيْرَ خَلائِقِ الأخْيَارِ
|
مَا مِنْ يَدَيْ رَجُلٍ أحَقّ بما أتَى
|
من مَكُرماتِ عَظايمِ الأخطارِ
|
مِنَ ساعِدَينِ يَزِيدَ يَقدَحُ زَندَه
|
كَفّاهُما وَأشَدّ عَقْدِ جِوَارِ
|
وَلَوَ أنّهَا وُزِنَتْ شَمَامِ بِحِلْمهِ
|
لأمَالَ كُلَّ مُقِيمَةٍ حَضْجَارِ
|
وَلَقَدْ رَجَعتَ وَإنّ فارِسَ كُلَّها
|
مِنْ كُرْدِها لخوَائِفُ المُرّارِ
|
فَتَرَكْتَ أخْوَفَها وَإنّ طَرِيقَها
|
لَيَجُوزَهُ النّبَطيُّ بِالقِنْطارِ
|
أمّا العرَاقُ فلمْ يكُنْ يُرْجَى بهِ،
|
حَتى رَجَعْتَ، عَوَاقِبُ الأطْهارِ
|
فَجَمَعتَ بَعْدَ تَفَرّقٍ أجنادَهُ
|
وَأقَمْتَ مَيْلَ بِنَائِهِ المُنْهَارِ
|
وَلْيَنزِلَنّ بجِيلِ جَيْلانَ الّذِي
|
تَرَكَ البُحَيْرَةَ، مُحصَدَ الأمْرَارِ
|
جَيشٌ يَسيرُ إلَيهِ مُلتمِسَ القِرَى
|
غَصْباً بِكُلّ مَسَوَّمٍ جَرّارِ
|
لَجِبٍ يَضِيقُ به الفضَاءُ إذا غدَوْا
|
وَأرَى السّمَاءَ بِغَابَةٍ وَغُبَارِ
|
فِيه قَبائِلُ مِنْ ذَوِي يَمَنٍ لَهُ
|
وَقُضَاعَةَ بنِ مَعَدّها وَنِزَارِ
|
وَلَئنْ سَلِمتَ لتَعطِفنّ صُدورَها،
|
للتُّرْكِ، عِطْفَةَ حَازِمٍ مِغْوَارِ
|
حَتى يَرَى رَتْبِيلُ مِنْهَا غَارَةً
|
شَعْوَاءَ غَيْرَ تَرَجّم الأخْبَار
|
وَطِئَتْ جِيادُ يَزِيدَ كُلَّ مَدينَةٍ
|
بَينَ الرُّدُومِ وَبَينَ نَخلِ وَبارِ
|
شُعْثاً مُسَوَّمَةً، عَلى أكْتَافِهَا
|
أُسْدٌ هَوَاصِرُ للكُمَاةِ ضَوَارِ
|
ما زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَداهُ إزَارَهُ
|
فَدَنَا فأدرَكَ خَمسَةَ الأشْبَارِ
|
يُدني خَوَافقَ من خَوَافقَ تَلتَقي
|
في كُلّ مُعتَبَطِ الغُبارِ مُثَارِ
|
وَلَقَدْ بَنى لبَني المُهَلّبِ بَيتَهمْ
|
في المَجدِ أطوَلُ أذرُعٍ وَسَوَارِي
|
بُنِيَتْ دَعَائِمُهُ على جَبَلٍ لهمْ
|
وَعلَتْ فَوَارِعُهُ على الأبْصَارِ
|
تَلقَى فَوَارِسَ للعَتِيكِ كأنّهُمْ
|
أُسْدٌ قَطَعْنَ سَوَابِلَ السُّفّارِ
|
ذَكَرَينِ مُرْتَدِفَينِ كُلّ تَقَلّصٍ
|
ذَكَرٍ شَديدِ إغارَةٍ الإمْرَارِ
|
حَملوا الظُّباتِ على الشؤون وأقسموا
|
لَيُقنِعُنّ عِمَامَةَ الجَبّارِ
|
صَرَعوهُ بيْنَ دكادِكٍ في مَزْحَفٍ
|
للخَيْلِ يُقحِمُهُنّ كلَّ خَبارِ
|
مُتَقَلّدي قَلَعِيّةٍ وَصَوَارِمٍ
|
هندِيّةٍ، وَقَدِيمَةِ الآثَارِ
|
وَعَوَاسِلٍ عَسْلَ الذّئابِ كأنّها
|
أشْطَانُ بَائِنَةٍ مِنَ الآبَارِ
|
يَقصِمنَ إذْ طَعَنوا بها أقَرانَهُمْ
|
حَلَقَ الدّرُوعِ وَهنّ غَيرُ قِصَارِ
|
تَلْقَى قَبَائِلَ أُمِّ كُل قَبِيلَةٍ
|
أُمُّ العَتِيكِ بِنَاتِقٍ مِذْكَارِ
|
ولَدَتْ لأزْهَر كلَّ أصْيَدَ يَبتني
|
بالسّيفِ يَوْمَ تَعانُقٍ وَكِرَارِ
|
يَحمي المكارِمَ بِالسّيوفِ إذا عَلا
|
صَوْتُ الظُّباتِ يُطِرْنَ كُلَّ شرَارِ
|
مِنْ كلّ ذاتِ حَبَائِكٍ وَمُفَاضَةٍ
|
بَيْضَاءَ سَابِغَةٍ على الأظْفَارِ
|
إنّ القُصُورَ بجِيلِ جَيلانَ الّتي
|
أعْيَتْ مَعاقِلُهَا بَني الأحْرَارِ
|
فُتِحَتْ بسَيفِ بَني المُهَلّبِ، إنّها
|
لله عادَتُهُمْ على الكُفّارِ
|
غَلَبوا بأنّهمُ الفَوَارِسُ في الوَغَى
|
والأكْثَرُونَ غَداةَ كُلِّ كِثارِ
|
وَالأحلَمونَ إذا الحُلومُ تهَزْهزَتْ
|
بالقَوْمِ لَيسَ حُلُومُهُمْ بِصغارِ
|
وَالقائِدُونَ إذا الجِيادُ تَرَوّحَتْ
|
وَمَضَينَ بَعد وَجىً على الحِزْوَارِ
|
حتى يَرِعْنَ وَهُنّ حَوْلَ مُعَمَّمٍ
|
بالتّاجِ في حَلَقِ المُلوكِ نُضَارِ
|