أعَيْنَيَّ إلاّ تُسْعَداني ألُمْكُمَا، |
فَما بَعدَ بِشرٍ من عَزَاءٍ وَلا صَبرِ |
وَقَلّ جَدَاءً عَبْرَةٌ تَسْفَحَانِهَا، |
على أنّهَا تَشفي الحرَارَةَ في الصّدرِ |
ولَوْ أنّ قَوْماً قاتَلُوا المَوْتَ قَبْلَنَا |
بشَيْءٍ، لَقَاتَلْنَا المَنِيّةَ عَن بِشْرِ |
وَلَكِنْ فُجِعْنَا، والرّزِيئَةُ مِثْلُهُ، |
بِأبْيَضَ مَيْمُونِ النّقيبَةِ وَالأمْرِ |
عَلى مَلِكٍ كادَ النّجومُ لِفَقْدِهِ |
يَقَعْنَ، وَزَالَ الرّاسِيَاتُ من الصّخرِ |
ألَمْ تَرَ أنّ الأرْضَ هُدّتْ جبالُهَا، |
وَأنّ نجُومَ اللّيلِ بعَدَكَ لا تَسرِي |
وَمَا أحَدٌ ذُو فَاقَةٍ كَانَ مِثْلَنَا |
إلَيْهِ، وَلَكِنْ لا بَقِيّةَ للدّهْرِ |
فإنْ لا تَكُنْ هِنْدٌ بكَتهُ، فقد بكتْ |
عَلَيْهِ الثُّرَيّا في كَوَاكِبِها الزُّهْرِ |
أغَرُّ، أبُو العاصي أبُوهُ، كَأنّمَا |
تَفَرّجَتِ الأثْوَابُ عَنْ قمَرٍ بَدْرِ |
نمَتْهُ الرّوَابي مِنْ قُرَيْشٍ، وَلمْ تكُنْ |
لَهُ ذاتُ قُرْبَى في كُلَيْبٍ وَلا صِهرِ |
سَيَأتي أمِيرَ المُؤمِنِينَ نَعِيُّهُ، |
وَيَنْمي إلى عَبْدِ العَزِيزِ إلى مِصْرِ |
بأنّ أبَا مَرْوَانَ بِشْراً أخَاكُمَا |
ثَوى غَيْرَ مَتْبُوعٍ بَعَجْزٍ وَلا غَدرِ |
وَقَد كانَ حَيّاتُ العِرَاقِ يَخَفْنَهُ، |
وَحَيّاتُ مَا بَينَ اليَمَامَةِ وَالقَهْرِ |
وَقَدْ أُوِثَرتْ أرْضٌ عَلَينا تَضَمّنَتْ |
رَبيعَ اليَتَامَى وَالمُقِيمَ عَلى الثَّغْرِ |
وَكانَتْ يَدا بِشْرٍ يَدٌ تُمطِرُ النّدى |
وَأُخْرَى تُقيمَ الدِّينَ قَسراً على قَسرِ |
أقُولُ لِمَحْبُوكِ السَّرَاةِ، كَأنّهُ |
منَ الخَيْلِ مَجنونُ الإطاقةِ والحُضرِ |
أغَرَّ صَرِيحيٍّ أبُوهُ وَأُمُّهُ، |
طَوِيلٍ أمَرّتْهُ الجِيادُ عَلى شَزْرِ: |
أتَصْهِلُ عِنْدِي بَعْدَ بِشْرٍ وَلم تذُق |
ذُكُورَةَ قَطّاعِ الضّرِيبَةِ ذي أثْرِ |
غَضِبْتُ، وَلمْ أمْلِكْ لِبشْرٍ، بصَارِمٍ |
عَلى فَرَسِي عِنْدَ الجنازَةِ وَالقَبْرِ |
حَلَفْتُ لَهُ لا يَتْبَعُ الخَيْلَ بَعدها |
صَحيحُ الشَّوَى حتى يكوسَ من العَقرِ |
ألَسْتُ شَحيحاً إنْ رَكِبتُكَ بَعدَهُ |
ليَوْمِ رِهَانٍ أوْ غَدَوْتَ مَعي تجرِي |
وَكُنّا بِبِشْرٍ قَدْ أمِنّا عَدُوَّنَا |
من الخَوْفِ، وَاستغنى الفقيرُ عن الفَقرِ |