زَارَتْ سُكَيْنَةُ أطْلاحاً أناخَ بهِمْ |
شَفَاعةُ النّوْمِ للعَيْنَينِ وَالسّهَرُ |
كَأنّمَا مُوّتوا بالأمسِ إذْ وَقَعُوا، |
وَقَدْ بَدَتْ جُدَدٌ ألوَانُهَا شُهُرُ |
وَقد يَهيجُ على الشّوْقِ، الّذي بَعَثَتْ |
أقْرَانُهُ، لائِحَاتُ البَرْقِ وَالذِّكَرُ |
وَسَاقَنا مِنْ قَساً يُزْجي رَكائِبَنَا |
إلَيكَ مُنتَجِعُ الحاجاتِ وَالقَدَرُ |
وَجَائِحاتٌ ثَلاثٌ مَا تَرَكْنَ لَنَا |
مالاً بهِ بَعْدَهُنّ الغَيْثُ يُنْتَظَرُ |
ثِنتانِ لمْ تَتْرُكَا لَحماً، وَحاطِمَةٌ |
بالعظمِ حَمرَاءُ حتى اجتيحت الغُرَرُ |
فَقُلْتُ: كيفَ بأهلي حينَ عَضّ بهِمْ |
عَامٌ لَهُ كُلُّ مَالٍ مُعَنِق جَزَرُ |
عَامٌ أتَى قَبْلَهُ عَامَانِ مَا تَرَكَا |
مَالاً وَلا بَلّ عُوداً فِيهِما مَطَرُ |
تَقُولُ لَمّا رَأتْني، وَهْيَ طَيّبَةٌ |
على الفِرَاشِ وَمِنِا الدّلُّ والخَفَرُ |
كَأنّني طَالِبٌ قَوْماً بِجَائحَةٍ، |
كَضَرْبَةِ الفَتْكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ: |
أصْدِرْ هُمومَكَ لا يقْتُلْكَ وَارِدُهَا، |
فكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْماً لَهَا صَدَرُ |
لَمّا تَفَرّقَ بي هَمّي جَمَعْتُ لَهُ |
صَرِيمَةً لمْ يَكُنْ في عَزْمها خَوَرُ |
فَقُلْتُ: ما هُوَ إلاّ الشّأمُ تَرْكَبُهُ، |
كَأنّمَا المَوْتُ في أجْنَادِهِ البَغَرُ |
أو أنْ تَزُورَ تَمِيماً في مَنَازِلِهَا، |
بِمَرْوَ، وَهيَ مَخوفٌ، دُونَها الغَرَرُ |
أوْ تَعطِفَ العِيسَ صُعراً في أزِمّتِها |
إلى ابنِ لَيلى إذا ابزَوْزى بكَ السّفرُ |
فَعُجْتُهَا قِبَلَ الأخْيَارِ مَنْزِلَةً، |
وَالطّيّبي كُلِّ مَا التاثَتْ بهِ الأُزُرُ |
قَرّبْتُ مُحلِفَةً أقْحَاد أسْنُمِهَا، |
وَهُنّ مِنْ نَعَمِ ابْنَيْ دَاعِرٍ سِرَرُ |
مِثْلُ النّعَائِمِ يُزْجِينَا تَنَقُّلَهَا |
إلى ابنِ لَيلى بِنَا، التّهْجيرُ وَالبُكَرُ |
خَوصاً حَرَاجيجَ ما تَدري أما نَقِبَتْ |
أشكَي إلَيها إذا رَاحَتْ أمِ الدَّبَرُ |
إذا تَرَوّحَ عَنها البَرْدُ حُلّ بِهَا |
حَيْثُ التَقَى بَأعالي الأسهُبِ العَكَرُ |
بحَيثُ ماتَ هَجيرُ الحَمضِ وَاختلطتْ |
لَصَافِ حَوْلَ صَدى حَسَانَ وَالحفرُ |
إذا رَجا الرّكْبُ تَعرِيساً ذكرْتُ لَهُمْ |
غَيْثاً يَكونُ على الأيْدي له دِرَرُ |
وَكَيْفَ تَرْجونَ تَغميضاً وَأهْلُكُمُ |
بحيثُ تَلْحَسُ عَنْ أوْلادِها البَقَرُ |
مَلْقوْنَ باللَّبَبِ الأقْصَى، مُقابِلُهمْ |
عِطْفاً قَساً، وَبِرَاقٌ سَهلَةٌ عُفَرُ |
وأقرَبُ الرّيفِ منهمْ سَيرُ مُنجَذِبٍ |
بالقَوْمِ سَبْعَ لَيَالٍ رِيفُهُمْ هَجَرُ |
سِيرُوا فإنّ ابنَ لَيلى مِنْ أمامِكُمُ، |
وَبَادِرُوهُ فَإنّ العُرْفَ مُبْتَدَرُ |
وَبَادِرُوا بابنِ لَيلى المَوْتَ، إنّ لَهُ |
كَفّينِ مَا فِيهِمَا بُخْلٌ وَلا حَصَرُ |
ألَيْسَ مَرْوَانُ وَالفارُوقُ قَدْ رَفَعَا |
كَفّيْهِ، وَالعُودُ ماءَ العِرْقِ يَعتصِرُ |
ما اهتَزّ عُودٌ لَهُ عِرْقانِ مِثْلُهُما، |
إذا تَرَوّحَ في جُرْثُومِهِ الشّجَرُ |
ألفَيْتَ قَوْمَكَ لمْ يَترُكْ لأثْلَتِهِمْ |
ظِلٌّ وَعَنْهَا لِحَاءُ السّاقِ يُقتَشَرُ |
فَأعْقَبَ الله ظِلاًّ فَوْقَهُ وَرَقٌ، |
مِنْهَا بِكَفّيْكَ فيه الرّيشُ وَالثّمَرُ |
وَمَا أُعِيدَ لَهُمْ حَتى أتَيْتَهُمُ، |
أزْمانَ مَرْوَانَ إذْ في وَحْشِا غِرَرُ |
فَأصْبَحُوا قَدْ أعَادَ الله نِعمَتَهُمْ |
إذْ هُمْ قُرَيشٌ وَإذْ مَا مثلهمْ بشَرُ |
وَهُمْ إذا حَلَفُوا بالله مُقْسِمُهُمْ |
يَقُولُ: لا وَالذي مِنْ فَضْلهِ عُمَرُ |
على قُرَيشٍ إذا احتَلّتْ وَعَضّ بهَا |
دَهْرٌ، وَأنْيَابُ أيّامٍ لَهَا أثَرُ |
وَمَا أصَابَتْ مِنَ الأيّامِ جَائِحَةٌ |
للأصْلِ إلاّ وَإنْ جَلّتْ سَتُجتَبَرُ |
وَقد حُمِدتَ بأخلاقٍ خُبِرْتَ بِهَا، |
وَإنّمَا، يا ابن لَيلى، يُحمَدُ الخَبَرُ |
سَخاوَةٌ من نَدى مَرْوَانَ أعْرِفُهَا، |
وَالطّعْنُ للخَيْلِ في أكتافها زَوَرُ |
وَنَائِلٌ لابنِ لَيْلى لَوْ تَضَمّنَهُ |
سَيْلُ الفُرَاتِ لأمْسَى وَهوَ مُحتَقَرُ |
وكان آلُ أبي العاصي إذا غَضِبُوا، |
لا يَنْقُضُونَ إذا مَا استُحصِدَ المِرَرُ |
يَأبَى لهُمْ طُولُ أيْديهِمْ وَأنّ لهُمْ |
مَجْدَ الرِّهَانِ إذا ما أُعظِمَ الخَطَرُ |
إنْ عاقَبُوا فالمَنايا مِنْ عُقُوبَتِهِمْ، |
وَإنْ عَفَوْا فَذوْو الأحلامِ إنْ قَدرُوا |
لا يَستَثِيبُونَ نُعماهُمْ إذا سَلَفَتْ، |
وَلَيْسَ في فَضْلِهِمْ مَنٌّ ولا كَدَرُ |
كَمْ فَرّقَ الله مِنْ كَيْدٍ وَجَمّعَهُ |
بِهمْ، وَأطْفَأ مِنْ نَارٍ لهَا شَرَرُ |
وَلَنْ يَزَالَ إمَامٌ مِنهُمُ مَلِكٌ، |
إلَيْهِ يَشُخَصُ فَوْقَ المِنبَرِ البَصَرُ |