لَوَى ابنُ أبي الرّقْراقِ عَيْنَيْهِ بَعدما |
دَنَا مِنْ أعَالي إيلِيَاءَ وَغَوّرَا |
رَجَا أنْ يَرَى مَا أهْلُهُ يُبْصِروُنَهُ |
سُهَيْلاً، فَقَدْ وَارَاهُ أجْبَالُ أعفَرَا |
فكُنّا نَرَى النّجْمَ اليَمانيَّ عِنْدَنَا |
سُهَيلاً فحالَتْ دُونَهُ أرْضُ حِميرَا |
وَكُنّا بِهِ مُسْتَأنِسِينَ كَأنّهُ |
أخٌ أوْ خَلِيطٌ عَنْ خَليطٍ تَغَيّرَا |
بَكَى أنْ تَغَنّتْ فَوْقَ سَاقٍ حمامةٌ |
شَآمِيّةٌ هَاجَتْ لَهُ فَتَذَكّرَا |
وَأضْحَى الغَواني لا يُرِدْنَ وِصَالَهُ، |
وَبَيْنَا تَرَى ظِلَّ الغِيَايَةِ أدْبَرَا |
مَخابىءَ حُبٍّ مِنْ حُمَيدَةَ لمْ يزَلْ |
بِهِ سَقَمٌ، مِنْ حُبّها، إذْ تَأزّرَا |
فَلَوْ كانَ لي بالشّأمِ مثلُ الذي جَبَتْ |
ثَقِيفٌ بِأمْصَارِ العِرَاقِ، وَأكْثَرَا |
فَقِيلَ: أتِهِ! لمْ آتِهِ، الدّهْرَ، مَا دَعَا |
حَمَامٌ عَلى سَاقٍ هَدِيلاً فقَرْقَرَا |
تَرَكْتُ بَني حَرْبٍ وَكانُوا أئِمَّةً، |
وَمَرْوَانَ لا آتِيهِ، وَالمُتَخَيَّرَا |
أبَاكَ، وَقَدْ كان الوَليدُ أرَادَني |
لِيَفْعَل خَيْراً أوْ لِيُؤمِنَ أوْجَرَا |
فَمَا كُنْتُ عَن نَفسي لأرْحلَ طائعاً |
إلى الشّأمِ حتى كنتَ أنتَ المُؤمَّرَا |
فلَمّا أتَاني أنّهَا ثَبَتَتْ لَهُ |
بِأوْتَادِ قَرْمٍ، مِنْ أُمَيّةَ، أزْهَرَا |
نَهَضْتُ بِأكْنَافِ الجَناحَينِ نَهضَةً |
إلى خَيرِ أهلِ الأرْض فرْعاً وعُنصرَا |
فَحُبُّكَ أغْشَاني بِلاداً بَغِيضَةً |
إليّ، وَرُومِيّاً بِعَمّانَ أقْشَرَا |
فلَوْ كنتُ ذا نَفسَينِ إنْ حَلّ مُقبِلاً |
بإحْداهما مِنْ دونِكَ المَوْتُ أحمَرَا |
حَيِيتُ بأُخْرَى بَعْدَهَا إذْ تجَرّمَتْ |
مَداها عَسَتْ نَفسي بها أنْ تُعَمَّرَا |
إذاً لَتَغَالَتْ بِالفَلاةِ رِكَابُنَا |
إلَيْكَ بنا يَخْدِينَ مَشْياً عَشَنزَرَا |