لنا عدد يربي على عدد الحصى الفرزدق

لَنَا عَدَدٌ يُرْبي على عَدَدِ الحَصَى

وَيُضْعِفُ أضْعَافاً كَثِيراً عَذِيرُهَا

وَمَا حُمّلَتْ أضْغَانُنَا مِنْ قَبِيلَةٍ

فَتَحمِلَ ما يُلقَى عَلَيها ظُهُورُها

إذا ما التَقَى الأحياءُ ثمّ تَفَاخَرُوا،

تَقَاصَرَ عِنْدَ الحَنْظَليّ فُخُورُها

وَإنْ عُدّتِ الأحْسابُ يَوْماً وَجَدتَها

يَصِيرُ إلى حَيّيْ تَميمٍ مَصِيرُها

وَإنْ نَفَرَ الأحْيَاءُ يَوْمَ عَظِيمَةٍ

تَحَاقَرَ في حَيّيْ تَمِيمٍ نُفُورُها

نَمَتْني قُرُومٌ مِنْ تميمٍ، وَخِلْتُهَا

إلَيْهَا تَنَاهَى مَجْدُ أُدٍّ وَخِيرُها

تَميمٌ هُمُ قَوْمي، فَلا تَعْدِلَنّهُمْ

بحَيٍّ إذا اعْتَزّ الأمُورَ كَبِيرُها

هُمُ مَعْقِلُ العِزِّ الّذِي يُتّقَى بِهِ

ضِرَاسُ العِدى وَالحرْبُ تغلي قدورُها

وَلَوْ ضَمِنَتْ حَرْباً لخِنْدِفَ أُسَرةٌ

عَبَأنَا لهَا مِنْ خِندِفٍ مَن يُبيرُها

فما تُقبِلُ الأحياءُ من حبّ خِندِفٍ،

وَلكِنّ أطْرَافَ العَوَالي تَصُورُها

بحَقّي أُضِيمُ العَالَمِينَ بخِنْدِفٍ،

وَقَدْ قَهَرَ الأحْيَاءَ مِنّا قَهُورُها

مُلُوكٌ تَسُوسُ المُسلِمينَ وَغَيرَهُمْ

إذا أنكَرَتْ كَانَتْ شديداً نكِيرُها

وَرِثْنَا كِتَابَ الله والكَعْبَةَ الّتي

بِمَكّةَ، مَحْجوباً عَلَيها سُتورُها

وَأفضَلُ مَن يَمشي على الأرْض حيُّنا

وَمَا ضَمِنَتْ في الذّاهِبينَ قُبُورُها

لَنا دُونَ مَنْ تَحْتَ السّمَاءِ علَيهمُ

مِنَ النّاسِ طُرّاً شَمسُها وَبُدورُها

أخَذْنَا بِآفَاقِ السّمَاءِ عَلَيْهِمُ،

لَنَا بَرُّها مِنْ دُونِهمْ وَبُحورُها

وَلَوْ أنّ أرْض المُسْلِمِينَ يَحُوطُها

سِوَانَا مِنَ الأحياءِ ضَاعتْ ثُغورُها

لَنَا الجِنُّ قَدْ دانَتْ وَكُلُّ قَبيلَةٍ

يَدِينُ مُصَلُّوها لَنَا، وَكَفُورُها

وَفي أسَدٍ عَادِيُّ عِزٍّ، وَفِيهِمُ

رَوَافِدُ مَعْرُوفٍ غَزِيرٍ غَزِيرُها

هُمُ عَمّمُوا حُجْراً وَكِنْدَةَ حوْله

عَمائمَ لا تَخفى مِنَ المَوْتِ نِيرُها

وَنَحنُ ضَرَبْنا النّاس حتى كَأنّهُم

خَرَارِيبُ صَيفٍ صَعَصَعتها صُقورُها

بمُرْهَفَةٍ يُذرِي السّوَاعِدَ وَقْعُهَا،

وَيَفْلِقُ هَامَ الدّارِعينَ ذُكُورُها

وَنَحنُ أزَلْنا أهل نَجرَانَ، بَعدَما

أدارَ على بَكْرٍ رَحَانَا مُدِيرُها

وَنَحنُ رَبِيعُ النّاسِ في كلّ لَزْبَةٍ

مِنَ الدّهْرِ لا يَمشي بمُخٍّ بَعيرُها

إذا أضْحَتِ الآفاقُ من كُلّ جَانِبٍ،

عَلَيْها قَتامُ المَحْل بَادٍ بُسُورُها

وَشُبّ وَقُودُ الشِّعرَيَينِ وَحَارَدَتْ

جِلادُ لِقَاحِ المُمْحلينَ وَخُورُها

وَرَاحَ قَرِيعُ الشّوْلِ مُحدَوْدب القَرَا

سرِيعاً وَرَاحتْ وَهيَ حُدبٌ ظُهورُها

يُبَادِرُهَا كِن الكَنِيفِ إمَامُهَا،

كَما حَثّ رَكْضاً بالسَّرايا مُغِيرُهَا

هنَالِكَ تَقْرِي المُعْتَفِينَ قُدُورُنَا

إذا الشَّوْلُ أعيَا الحالِبينَ دُرُورُها

وَنَعْرِفُ حَقَّ المَشْرَفِيّةِ، كُلّمَا

أطَارَ جُنَاةَ الحَرْبِ يَوْماً مُطِيرُها