يا عَجَبا للعَذَارَى يَوْمَ مَعْقُلَةٍ، |
عَيّرْنَني تحتَ ظلّ السِّدرَةِ الكِبَرَا |
فَظَلّ دَمْعيَ مِمّا بَانَ لي سَرِباً |
عَلى الشّبابِ إذا كَفْكَفتُه انحَدَرَا |
فإنْ تكنْ لِمّتي أمسَتْ قدِ انطَلَقَتْ |
فَقَدْ أصِيدُ بهَا الغِزْلانَ وَالبَقَرَا |
هَلْ يُشتَمَنّ كَبِيرُ السنّ أنْ ذرَفتْ |
عَيْنَاهُ أمْ هُوَ مَعذورٌ إنِ اعتَذرَا |
يا بِشْرُ إنّكَ سَيْفُ الله صِيلَ بِهِ |
عَلى العَدُوّ وَغَيْثٌ يُنْبِتُ الشّجَرَا |
مَنْ مِثْلُ بِشْرٍ لحَرْبٍ غَيْرِ خامدةٍ |
إذا تَسَرْبَل بِالمَاذِيّ وَاتّزَرَا |
العَاصِبِ الحَرْبَ حَتى تَسْتَقيدَ لَهُ |
بِالمَشْرَفِيّةِ، وَالعَافي إذا قَدَرَا |
سَيْفٌ يَصُولُ أمِيرُ المُؤمِنين بِهِ |
وَقَدْ أعَزّ بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ نَصَرَا |
كمُخدِرٍ من لُيُوثِ الغِيلِ ذي لِبَدٍ |
ضِرْغامَةٍ يَحطِمُ الهاماتِ وَالقَصَرَا |
تَرَى الأسُودَ لَهُ خُرْساً ضَرَاغِمُها |
يَسْجُدْنَ مِنْ فَرَقٍ مِنهُ إذا زَأرَا |
مُسْتَأنِسٍ بِلِقاءِ النّاسِ مُغْتَصِبٍ |
للألفِ يَأخُذُ مِنْهُ المِقْنَبُ الخَمَرَا |
كَأنّمَا يَنْضحُ العَطّارُ كَلْكَلَهُ |
وَساعِدَيْهِ بِوَرْسٍ يَخضِبُ الشَّعَرَا |
وَمَا فَرِحْتُ ببُرْءٍ مِنْ ضَنى مَرَضٍ |
كَفَرْحَةٍ يَوْمَ قالُوا أخبَرَ الخَبَرَا |
ألْفَتْحُ عِكْرِمَةُ البَكْرِيُّ خَبّرَنَا |
أنّ الرّبِيعَ أبَا مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَا |
فَقُلْتُ للنّفْسِ: هَذي مُنيَةٌ صَدقتْ |
وَقَدْ يُوَافِقُ بَعضُ المُنيَةِ القَدَرَا |
كُنّا أُنَاساً بِنَا اللأوَاءُ فَانْفَرَجَتْ |
عَن مثلِ مَرْوَانَ بالمصرَينِ أوْ عمرَا |
مُشَمِّرٌ يَستَضيءُ المُظْلِمُونَ بِهِ، |
يَنْكي العَدُوَّ وَنَستَسقي بهِ المَطرَا |
ما النّيلُ يَضْرِبُ بالعِبْرَينِ دارِئَهُ |
وَلا الفُرَاتُ إذا آذِيُّهُ زَخَرَا |
يَعْلُو أعَاليَ عَانَاتٍ بِمُلْتَطِمٍ، |
يُلْقي على سُورِها الزّيتونَ وَالعُشَرَا |
تَرَى الصَّرارِيَّ وَالأمَواجُ تَلِطمُهُ، |
لَوْ يَسْتَطِيعُ إلى بَرّيةٍ عَبَرَا |
إذا عَلَتْهُ ظِلالُ المَوْجِ وَاعْتَرَكَتْ |
بِوَاسِقَاتٍ تَرَى في مائِها كَدَرَا |
بِمُسْتَطِيعِ نَدَى بِشْرٍ عُبَابُهُمَا |
وَلَوْ أعانَهُمَا الزّابُ إذا انْحَدَرَا |
لَهُ يَدٌ يَغْلِبُ المُعْطِينَ نَائِلُهَا، |
إذا تَرَوّحَ للمَعْرُوفِ أوْ بَكَرَا |
تَغْدُو الرّيَاحُ فتُمسي وَهيَ فاتِرَةٌ، |
وَأنْتَ ذُو نَائِلٍ يُمْسِي وَما فَتَرَا |
تَرَى الرّجَالَ لبِشرٍ وَهْيَ خَاشِعَةٌ |
تَخاَشُعَ الطَّيْرِ للْبَازي إِذا انكدَرا. |
مِنْ فَوقِ مُرْتَقِبٍ باتتْ شامِيَةٌ |
تَلُفّهُ، وَسَمَاءٌ تَنْضحُ الدِّرَرَا |
حَتى غَدا لَحِماً من فَوْقِ رَابِيَةٍ، |
في لَيْلَةٍ كَفّتِ الأظفارَ وَالبَصَرَا |
إذا رَأتْهُ عِتَاقُ الطّيْرِ أوْ سَمِعَتْ |
مِنِ هَوِيّاً تَشَظّتْ تَبتغي الوَزَرَا |
أصْبَحَ بَعدَ اختلافِ النّاسِ بَيْنَهُمُ |
بِآلِ مَرْوَانَ دِينُ الله قَدْ ظَهَرَا |
مِنْهُمْ مَساعِرَةُ الشّهباءِ إذ خمدتْ |
وَالمُصْطَلوها إذا مَشْبوبُها استَعَرَا |
خَلِيفَةُ الله مِنْهُمْ في رَعِيّتِهِ، |
يَهْدِي بِهِ الله بَعْدَ الفِتْنَةِ البشرَا |
بهِ جَلا الفِتْنَةَ العَمياءَ فانكَشَفَتْ |
كَما جَلا الصّبحُ عَنهُ اللّيلَ فانسفَرَا |
لَوْ أنّني كنتُ ذا نَفسَينِ إنْ هَلَكَتْ |
إحداهُما كانَتِ الأخرَى لمنْ غَبَرَا |
إذاً لجِئْتُ على ما كانَ من وَجَلٍ، |
وَمَا وَجَدْتُ حِذاراً يغلِبُ القَدَرَا |
كُلُّ امْرِىءٍ آمِنٌ للخَوْفِ أمّنَهُ |
بِشرُ بنُ مَرْوَانَ وَالمَذعورُ من ذَعرَا |
فَرْعٌ تَفَرّعَ في الأعيَاصِ مَنْصِبُهُ، |
وَالعامِرَينِ لَهُ العِرْنينُ من مُضرَا |
مُعْتَصِبٌ بِرِدَاءِ المُلْكِ، يَتْبَعُهُ |
مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرّايَاتِ وَالقَتَرَا |
مِنْ كُلّ سَلْهَبَةٍ تَدْمى دَوَابِرُها |
مِنَ الوَجا وَفُحولٍ تَنفُضُ العُذَرَا |
وَالخَيلُ تُلقي عِتاقَ السَّخلِ مُعجَلةً |
لأياً تُبِينُ بِها التّحْجيلَ وَالغُرَرَا |
حَوّاً تُمَزِّقُ عَنْها الطّيْرُ أرْدِيَةً، |
كغِرْقىء البَيض كَنّتْ تحتَها الشَّعَرَا |
شَقَائِقاً مِنْ جِيَادٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ، |
كما شَقَقتُ من العُرْضِيّةِ الطُّرَرَا |
يُزَيِّنُ الأرْضَ بِشْرٌ أنْ يَسِيرَ بها، |
ولا يَشُدّ إلَيْهِ المُجْرِمُ النّظَرَا |