أمّا قُرَيشٌ أبَا حَفصٍ فَقدْ رُزِئَتْ |
بالشامِ إذ فارَقَتكَ البأسَ وَالمَطَرَا |
إنّ الأرَامِلَ وَالأيتامَ إذْ هَلَكُوا، |
وَالخَيلَ إذْ هُزِمتْ تَبكي على عُمرَا |
ما مات مثلُ أبي حَفْصٍ لمَلْحَمَةٍ، |
وَلا لطالِبِ مَعرُوفٍ إذا افتَقَرَا |
كَمْ منْ فَوَارِسَ قَد نادوا إذا لحقوا |
بالخيلِ باسمِكَ حتى يُطعَموا الظَّفرَا |
لَقَدْ رُزِئْتُمْ بَني تَيْمٍ وَغَيْرُكُمُ |
عَلى بَوائِبِها الخَيْرَينِ مِنْ مُضَرَا |
وَالأكْرَمَيْنِ إذا عُدّتْ فُروُعُهما، |
والأنْعَشَيْنِ إذا مَوْلاهُمَا عَثَرَا |
فابْكي هُبِلْتِ أبا حَفْص وَصَاحبَهُ |
أبَا مُعَاذ، إذا شُؤبُوبُها اسْتَعَرَا |
حَرْبٌ إذا لَقِحَتْ كانَ التّمامُ لهَا |
مِنهُ، إذا نُتِجَتْهُ، الأبْلَقَ الذّكرَا |
كَمْ من جَبانٍ لَدى الهَيجا دَنَوْتَ به |
إلى القِتَالِ، ولَوْلا أنتَ مَا صَبَرَا |
مِنْهُنّ أيّامُ صِدْقٍ قَدْ بُليتَ بهَا، |
أيّامُ فارِسَ وَالأيّامُ مِنْ هَجَرَا |
يَا أيّها النّاسُ لا تَبكوا على أحَدٍ |
بَعْدَ الّذي بضُمَير وَافَقَ القَدَرَا |
كَانَتْ يَداهُ يَداً، سَيْفاً يُعَاذُ بهِ |
مِنَ العَدوّ وَغَيْثاً يُنبِتُ الشّجَرَا |
تَستَخِبرُ الخَيْلَ في الهَيجا إذا لحِقتْ |
وَالمُعتَرُونَ قُدورَ النّاسِ وَالحَجَرَا |
مَن يَقتلُ الجوعَ بعد ابنِ الشهيدِ وَمن |
بالسّيفِ يَقتلُ كبشَ القوْم إذا عكرَا |
إنّ النّوائِحَ لا يَعْدُونَ في عُمَرٍ |
ما كانَ فيهِ ولا المَوْلى إذا افتَخَرَا |
إذا عَدَدْنَ فَعَالاً أوْ لَهُ حَسَباً، |
أوْ يَوْمَ هَيجَاءَ يُعشِي بأسُهُ البصرَا |
القائِلَ الفاعِلَ الحامي حقيقَتُه، |
وَالوَاهِبَ المائَةَ المِعَكَاءَ وَالغُرَرَا |
لا يُلْقِيَنْ بيَدَيْهِ الدّهَر ذو حَسَبٍ |
يَرْجُو الفِداءَ إذا ما رُمحُهُ انكَسَرَا |