طَرَقَتْ نَوَارُ وَدُونَ مَطْرَقِهَا
|
جَذْبُ البُرَى لِنَوَاحلٍ صُعْرِ
|
وَرَوَاحُ مُعْصِفَةٍ وَغَدْوَتُهَا،
|
شَهْراً، تُوَاصِلُهُ إلى شَهْرِ
|
أدْنَى مَنَازِلِهَا لِطَالِبِهَا
|
خِمْسُ المُؤوِّبِ للقَطا الكُدْرِ
|
وَإذا أنَامُ، ألَمّ طَائِفُهَا
|
حَتى يُنَبِّهَ أعْيُنَ السفْرِ
|
إني يُهيّجُني، إذا ذُكِرَتْ
|
رِيحُ الجنُوبِ لهَا عَلى الذِّكْرِ
|
وَكَأنّمَا التَبَسَتْ بِأرْحُلِنَا،
|
بَعْدَ المَنَامِ، ذَكِيةُ التَّجْرِ
|
وَكَأنّ ذُرّعَهَا بِأرْحُلِنَا
|
يُرْقِلْنَ مِثْلَ نَعَائِمٍ زُعْرِ
|
أوْ عَانَةٍ يَبِسَتْ مَرَاتِعُهَا،
|
خَبَطتْ سَفا القُرْيانِ وَالظّهرِ
|
وَكَأنّ حَيّاتٍ مُعَلَّقَةً
|
تَثْني أزِمّتَهَا إلى الصُّفْرِ
|
لِلْعَوْهَجِيّةِ مِنْ نَجَائِبِهَا،
|
وَالدّاعِرِيِّ لأفْحُلٍ صُحْرِ
|
وَإلى سُلَيْمَانَ الّذيِ سَكَنَتْ
|
أرْوى الهِضَابِ بِهِ مِنَ الذُّعْرِ
|
وَتَرَاجَعَ الطُّرَداءُ إذْ وَثِقُوا
|
بِالأمْنِ مِنْ رَتْبِيلَ وَالشِّحْرِ
|
أوْ كُلِّ دايِرَةٍ كَأنّ بِهَا
|
قَاراً، وَلَيسَ سَفينُها يَجرِي
|
أوْ كُلِّ صَادِقَةٍ إذا طُلِبَتْ،
|
مِنْ دُونِهَا الرّيحُ الّتي تُذْرِي
|
تُمسِي الرّيَاحُ بهَا وَقَدْ لَغِبَتْ
|
أوْ كُلِّ صَادِقَةٍ عى الفَتْرِ
|
كُنّا نُنَادي الله نَسْألُهُ
|
في الصّبْحِ وَالأسْحَارِ وَالعَصْرِ
|
أن لا يُمِيتَكَ أوْ تَكُونَ لَنَا
|
أنْتَ الإمَامَ وَوَاليَ الأمْرِ
|
فَأجَابَ دَعْوَتَنَا، وَأنْقَذَنَا
|
بِخِلافَةِ المَهْدِيِّ مِنْ ضُرّ
|
يا ابنَ الخَلائِفِ لمْ نَجِدْ أحَداً
|
يَبْقَى لِحَزّ نَوَائِبِ الدّهْرِ
|
إلاّ الرّوَاسِي، وَهْيَ كَائِنَةٌ
|
كَالعِهْنِ، وَهْيَ سَرِيعَةُ المَرّ
|
فَفَدِ ابتُلِيتَ بِمَا زَعَمْتَ لَنَا
|
إنْ أنْتَ كُنْتَ لَنَا على أمْرِ
|
كَمْ فِيكَ إنْ مَلَكَتْ يداكَ لنا،
|
يَوْماً، نَوَاصِينَا مِنَ النَّذْرِ
|
مِنْ حَجّ حَافِيَةٍ وَصَائِمَةٍ
|
سَنَتَينِ، أُمّ أفَيْرِخٍ زُعْرِ
|
لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيرُ ألْسِنَةٍ،
|
وَأُعَيْظِمٍ وَحَوَاصِلٍ حُمْرِ
|
ويُجَمِّرُونَ بِغَيْرِ أعْطِيةٍ،
|
في البَرّ مَنْ بَعَثُوا وَفي البَحْرِ
|
وَيُكَلِّفُونَ أبَاعِراً ذَهَبَتْ
|
جِيَفاً بَلِينَ، تَقادُمَ العَصْرِ
|
حَتى غَبطْنَا كلَّ مُحْتَمَلٍ
|
يُمْشى بِأعْظُمِهِ إلى القَبْرِ
|
وَتَمَنّتِ الأحْيَاءُ أنّهُمُ
|
تَحْتَ التّرَابِ وَجيءَ بالحَشْرِ
|
وَالرّاقِصَاتِ بِكُلّ مُبْتَهِلٍ،
|
مِنْ فَجِّ كُلّ عَمَايِقٍ غُبْرِ
|
مَا قُلْتُ إلاّ الحَقَّ تَعْرِفُهُ
|
في القَوْلِ مُرْتَجِلاً وَفي الشِّعْرِ
|
مَا أصْبَحَتْ أرْضُ العِراقِ بهَا
|
وَرَقٌ لمُخْتَبِطٍ وَلا قِشْرِ
|
إنْ نَحْنُ لمْ نَمْنَعْ بِطاعَتِنَا
|
وَالحُبِّ للمَهْدِيّ وَالشُّكْرِ
|
فَغَدَتْ عَلَيْنَا في مَنَازِلِنَا
|
رُسُلُ العَذابِ بِرَغْوَةِ البَكْرِ
|
أشْقَى ثَمُودَ حِينَ وَلّهَهُ
|
عَنْ أُمّهِ المَشْؤومُ بِالعَقْرِ
|
لَمّا رَغَا هَمَدُوا، كَأنّهُمُ
|
هَابي رَمَادِ مُؤثَّفِ القِدْرِ
|
أنْتَ الّذِي نَعَتَ الكِتَابُ لَنَا
|
في نَاطِقِ التّوْرَاةِ وَالزُّبْرِ
|
كَمْ كانَ مِنْ قَسٍّ يُخَبّرُنَا
|
بِخِلافَةِ المَهْدِيّ، أوْ حَبْرِ
|
جَعَلَ الإلَهُ لَنَا خِلافَتَهُ
|
بُرْءَ القُرُوحِ وَعِصْمَةَ الجَبْرِ
|
كَمْ حَلّ عَنّا عَدْلُ سُنّتِهِ
|
مِنْ مَغْرَمٍ ثِقْلٍ، وَمِنْ إصْرِ
|
كُنّا كَزرْعٍ مَاتَ، كَانَ لَهُ
|
سَاقٍ، لَهُ حَدَبٌ مِنَ النَّهْرِ
|
عَدَلُوهُ عَنْهُ في مُغَوِّلَةٍ
|
للمَاءِ، بَعْدَ جِنَانِهِ الخُضْرِ
|
أحْيَيْتَهُ بِعُبَابِ مُنْثَلِمٍ،
|
وَعَلاهُ مِنْكَ مُغَرِّقُ الدَّبْرِ
|
أحْيَيْتَ أنْفُسَنَا، وَقَدْ بلَغَتْ
|
مِنّا الفَنَاءَ، وَنَحْنُ في دُبْرِ
|
فَلَقَدْ عَزَزْنَا بَعْدَ ذِلّتِنَا
|
بِك، بَعَدَما نَأبَى عَنِ القَسْرِ
|
أصْبَحْتَ قَدْ بخَعَتْ نَصِيحَتُنا
|
لكَ، والمَقامِ وَأيْمَنِ السِّتْرِ
|
أحْيَيْتَ أنْفُسَنا وَقَد هَلَكَتْ
|
وَجَبَرْتَ مِنّا وَاهِيَ الكَسْرِ
|
بَلْ مَا رَأيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهِ
|
يَوْماً كَيَوْمِ صَوَاحِبِ القَصْرِ
|
يَوْماً سَيُؤمِنُ كُلَّ مُنْدَفِنٍ،
|
أوْ لاحِقٍ بِأئِمّةِ الكُفْرِ
|
فاذْكُرْ أرَامِلَ لا عَطَاءَ لَهَا
|
وَمُسَجَّنِينَ لمَوْضِعِ الأجْرِ
|
لَوْ يُبْتَلُونَ بِغَيْرِ سَجْنِهِمِ
|
صَبَرُوا وَلَوْ حُبِسُوا عَلى الجَمرِ
|
وَلَقَدْ هَدَى بكَ كُلَّ مُلتَبَسٍ
|
وَشَفَى بعَدْلِكَ كُلَّ ذي غِمْرِ
|
حَتى اسْتَقَامَ لِوَجْهِ سُنّتِهِ،
|
وَدَرَى وَلمْ يَكُ قَبْلَهَا يَدْرِي
|
وأَخَذْتَ عَدْلاً مِنْ أبِيكَ لَنَا
|
وَقَلَعْتَ عَنّا كلَّ ذي كِبْرِ
|
عَاتٍ إذا المَظْلُومُ ذَكّرَهُ،
|
أغْضَى عَلى عِظَمٍ مِنَ الذِّكْرِ
|
إنّا لَنَرْجُو أنْ تُعِيدَ لَنَا
|
سُنَنَ الخَلائِفِ مِنْ بَني فِهْرِ
|
عُثْمَانَ، إذْ ظَلَمُوهُ وَانتَهكوا
|
دَمَهُ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ
|
وَدِعَامَةِ الدّينِ الّتي اعْتَدَلَتْ
|
عُمَراً، وَصَاحِبَهُ أبَا بَكْرِ
|
وَابْنَيْ أبي سُفْيَانَ، إذْ طَلَبَا
|
عُثْمَانَ مَا بَاتَا على وتْرِ
|
وَأبَا أبِيكَ لِكُلّ جَائِحَةٍ
|
مَرْوَانَ سَيْفَ الدّينِ ذا الأُثْرِ
|
وَأبَاكَ، إذْ كَشَفَ الإلَهُ بِهِ
|
عَنّا العَمَى، وَأضَاءَ كَالفَجْرِ
|
وَأخَاكَ، إذْ فَتَحَ الإلَهُ بِهِ،
|
وَأعَزّهُ بِاليُمْنِ وَالنّصْرِ
|
خُلَفَاءَ قَدْ تَرَكُوا فَرَائِضَهُمْ
|
فينَا، وَسُنّةَ طَيّبي الذّكْرِ
|
تَبِعُوا رَسُولَهُمُ بِسُنّتِهِ،
|
حَتى لَقُوهُ، وَهُمْ على قَدْرِ
|
رُفَقَاءَ مُتّكِئِينَ في غُرَفٍ،
|
فَرِحِينَ فَوْقَ أسِرّةٍ خُضْرِ
|
في ظِلّ مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لَهُ
|
حَكَمِ الحُكُومِ وَمالِكِ القَهرِ
|
وَلَقَدْ خَصَمْتُ بِهَا مُخاصِمَكُم
|
وَشَفَيْتُ أنْفُسَكُمْ مِنَ الخُبْرِ
|
مَا قُلْتُ إلاّ الحَقَّ، أُخْبِرُهُ
|
عَنْ أهْلِ بَادِيَةٍ، وَلا مِصْرِ
|
فَاليَوْمَ يَنْفَعُ كُلَّ مُعْتَذِرٍ،
|
عِنْدَ الإمَامِ، صَوادِقُ العُذْرِ
|
أنْتَ الّذي كانَتْ تُوَطّنُنَا،
|
تَرْجُوهُ أنْفُسُنَا على الصّبْرِ
|
مَاتَ المَظَالِمُ حِينَ كُنْتَ لهَا
|
حَكَماً وَجِئْتَ لَنَا على فَقْرِ
|
مِنّا إلَيْكَ كَفَقْرِ مُمْحِلَةٍ،
|
تَرْجُو الرَبيعَ لِرُزَّمٍ عَشْرِ
|
ذَهَبَ الزّمَانُ بِخَيْرِ وَالِدِهَا
|
عَنْها وَمَا لِبَنِيهِ مِنْ دَثْرِ
|
قَدْ خَنّقَتْ تِسْعِينَ أوْ كَرَبَتْ
|
تَدْنُو لآخِرِ أرْذَلِ العُمْرِ
|
تُرِكَتْ تُبكّي في مَنَازلِهِمْ،
|
لَيْسَتْ إلى وَلَدٍ وَلاَ وَفْرِ
|
بَعَثَ الإلَهُ لهَا، وَقَدْ هَلَكَتْ،
|
نُورَ البِلادِ وَمَاطِرَ القَطْرِ
|
يَرْجُونَ سَيْبَكَ أنْ يكونَ لهُمْ
|
كالنّيلِ فَاضَ على قُرَى مِصْرِ
|
فَلَئِنْ نَعشْتَهُم لَقَدْ هَلَكُوا،
|
واليُسْرُ يَفْرُجُ لَزْبَةَ العُسْرِ
|
لا جَارَ، إلاّ الله، مِنْ أحَدٍ
|
أوْفَى وَأبْعَدُ مِنْكَ مِنْ غَدْرِ
|
تُعْطي حِبَالاً مَنْ عَقَدْتَ لَهُ
|
لَيْسَتْ بِأرْمَامٍ وَلا بُتْرِ
|
أصْبَحَتَ أعْلى النّاسِ مَنْزِلَةً،
|
وأحَقَّهُمْ بِمَكَارِمِ الفَخْرِ
|
وَوَليَّ أمْرِهِمِ وَأعْدَلَهُمْ،
|
وَنَهَارَهُمْ، وَضِياءَ مَنْ يَسرِي
|
يَا لَيْتَ أنْفُسَنَا تُقَاسِمُهَا
|
أعْمَارُنَا لَكَ وَافيَ الشَّطْرِ
|
لَمْ تَعْدُ مُذْ أدْرَكْتَ أرْبَعَةً
|
إلاّ بِسَابِقِ غَايَةٍ تَجْرِي
|
وَنَمَتْكَ مِنْ غَطَفَانَ مُنْجِبَةٌ
|
شَمْسُ النّهَارِ لكامِلِ البَدْرِ
|
لأبي الوَلِيدَ، فَبَشَّرُوهُ بِهِ،
|
بِالسَّعْدِ وَافَقَ لَيْلَةَ القَدْرِ
|
أنْتَ ابنُ مُعتَرِكِ البِطاحِ وَمِنْ
|
أعْيَاصِهَا في طَيِّبٍ نَضْرِ
|
قَدْ يَعْلَمُ النَّفَرُ الّذِينَ مَشَوْا
|
مُتَعلّقِينَ، وَهُمْ عَلى الجَسْرِ
|
بَذَلُوا نُفُوسَهُمُ مُخَاطَرَةً،
|
وَهُمُ وَرَاءَ خَنَادِقِ الحَفْرِ
|
أنّ الأمَانَ لَهُمْ، إذا خَرَجُوا
|
بَحْرَاكَ، مِنْ فَرَقٍ مِنَ الدّهْرِ
|
لَمّا أتَوْكَ كَأنّمَا عَقَلُوا
|
بِذُرَى مُشَمِّرَةٍ مِنَ الغُبْرِ
|
دُونَ السّمَاءِ ذُرَى مَعَاقِلِهَا،
|
عَنْهَا تَزِلّ قَوَائِمُ العُفْرِ
|
خَرَجُوا وَدُونَهُمُ مُدَجَّجَةٌ،
|
وَمُخَنْدَقٌ مُتَصَوِّبُ القَعْرِ
|
بَلْ ما رَأيْتُ ثَلاثَةً خَرَجُوا
|
من مثلِ مَخرَجِهِمْ على الخَطْرِ
|
أبَني المُهَلَّبِ، قَدْ وَفَى لَكُمُ
|
جَارٌ، أمرَّ لَكُمْ على شَزْرِ
|
حَبْلاً بِهِ رَجَعَتْ نُفوسُكُمُ،
|
وَلَقَدْ بَلَغْنَ تَرَاقيَ النّحْرِ
|
إني أرَى الحَجّاجَ أدْرَكَهُ
|
ما أدْرَكَ الأرْوى على الوَعْرِ
|
وَأخَاهُ وابْنَيْهِ اللّذَينِ هُمَا
|
كَانَا يَدَيْهِ وَخَالِصَ الصّدْر
|
ذَهَبوا، وَمالُهُمُ الّذي جَمَعُوا
|
تَرَكُوهُ مِثْلَ مُنَضَّدِ الصّخرِ
|
دَخَلوا قُبورَهُمُ إذا اضْطَجَعوا
|
فِيهَا، بِأوْعِيَةٍ لَهُمْ صِفْرِ
|