إذا شِئْتُ هَاجَتْني دِيَارٌ مُحِيلَةٌ |
وَمَرْبِطُ أفْلاءٍ أمَامَ خِيَامِ |
بحَيْثُ تَلاقَى الدّوُّ وَالحَمْضُ هاجَتا |
لِعَيْنيَّ أغْرَاباً ذَوَاتِ سِجَامِ |
فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيرُ أثْلَمَ خاشَعٍ |
وَغَيرُ ثَلاثٍ للرّمَادِ رِئَامِ |
ألَمْ تَرَني عاهَدْتُ رَبّي، وَإنّني |
لَبَيْنَ رِتَاجٍ قَائِمٌ وَمَقَامِ |
على قَسَمٍ لا أشْتمُ الدّهْرَ مُسْلِماً، |
وَلا خارِجاً مِنْ فيّ سوءُ كَلامِ |
ألَمْ تَرَني وَالشِّعْرَ أصْبَحَ بَيْنَنَا |
دُرُوءٌ مِنَ الإسْلامِ ذاتُ حُوَامِ |
بهنّ شَفَى الرّحمنُ صَدرِي، وقَد جلا |
عَشَا بَصَرِي مِنْهُنّ ضَوْءُ ظَلامِ |
فأصْبَحْتُ أسْعَى في فَكَاكِ قِلادَةٍ |
رَهِينَةِ أوْزَارٍ عَلَيّ عِظَامِ |
أُحاذِرُ أنْ أُدْعَى وَحَوْضِي مُحَلِّقٌ، |
إذا كانَ يَوْمُ الوِرْدِ يَوْمَ خِصامِ |
وَلَمْ أنْتَهِ حَتى أحاطَتْ خَطِيئَتي |
ورَائي وَدَقّتْ للدّهُورِ عِظَامي |
لَعَمْرِي لَنِعمَ النِّحيُ كان لقَوْمِهِ |
عَشِيّةَ غَبَّ البَيْعُ نِحْيُ حُمَامِ |
بِتَوْبَةِ عَبْدٍ قَدْ أنَابَ فُؤادُهُ، |
وَمَا كانَ يُعْطي النّاسَ غَيرَ ظِلامِ |
أطَعْتُكَ يا إبلِيسُ سَبْعِينَ حِجّةً، |
فَلَمّا انْتَهَى شَيْبي، وَتمّ تَمامي |
فَرَرْتُ إلى رَبّي، وَأيْقَنْتُ أنّني |
مُلاقٍ لأيّامِ المَنُونِ حِمَامي |
ولمّا دَنَا رَأسُ الّتي كُنْتُ خَائِفاً، |
وَكُنْتُ أرَى فِيهَا لَقَاءَ لِزَامِ |
حَلَفْتُ على نَفْسي لأجْتَهِدَنّهَا |
على حَالِهَا مِنْ صِحّةٍ وَسَقَامِ |
ألا طالَ مَا قَدْ بِتُّ يُوضِعُ نَاقَتي |
أبُو الجنّ إبْلِيسٌ بِغَيرِ خِطَامِ |
يَظلُّ يَمَنّيني على الرّحْلِ وَارِكاً، |
يَكُونُ ورَائي مَرّةً وَأمَامي |
يُبَشِّرُني أنْ لَنْ أمُوتَ، وَأنّهُ |
سَيُخُلِدُني في جَنّةٍ وَسَلامِ |
فَقُلْتُ لَهُ: هَلاّ أُخَيَّكَ أخرَجَتْ |
يَمِينُكَ مِنْ خُضرِ البُحُورِ طَوَامِ |
رَمَيْتَ بِهِ في اليَمّ لَمّا رَأيْتَهُ |
كَفِرْقَةِ طَوْدَيْ يَذْبُلٍ وَشَمَامِ |
فَلَمّا تَلاقَى فَوْقَهُ المَوْجُ طَامِياً، |
نَكَصْتَ، وَلَمْ تَحْتَلْ لَهُ بمَرَامِ |
ألمْ تَأتِ أهلَ الحِجرِ والحِجرُ أهلُهُ |
بأنْعَمِ عَيْشٍ في بُيُوتِ رُخَامِ |
فَقُلْتَ اعْقِرُوا هذي اللَّقوحَ فإنّها |
لكُمْ، أوْ تُنيخُوها، لَقُوحُ غَرَامِ |
فَلَمّا أنَاخُوها تَبَرّأتَ مِنْهُمُ، |
وَكُنْتَ نَكُوصاً عَنْدَ كلّ ذِمامِ |
وَآدَم قَدْ أخرَجْتَهُ، وَهوَ ساكِنٌ |
وَزَوْجَتَهُ، مِنْ خَيرِ دارِ مُقَامِ |
وَأقْسَمْتَ يا إبْلِيسُ أنّكَ ناصِحٌ |
لَهُ وَلَهَا، إقْسَامَ غَير إثَامِ |
فَظَلاّ يُخِيطِانِ الوِرَاقَ عَلَيْهِما |
بأيْدِيهِمَا مِنْ أكْلِ شَرّ طَعامِ |
فكمْ من قُرُونٍ قد أطاعوكَ أصْبَحوا |
أحادِيثَ كَانُوا في ظِلالِ غَمَامِ |
وَمَا أنْتَ يا إبْلِيسُ بالمَرْءِ أبْتَغي |
رِضَاهُ، وَلا يَقْتَادُني بِزِمَامِ |
سأجزِيكَ من سَوْءاتِ ما كنتَ سُقتَني |
إلَيْهِ جُرُوحاً فِيكَ ذاتَ كِلامِ |
تُعَيِّرُها في النّارِ، وَالنّارُ تَلْتَقي |
عَلَيْكَ بِزَقّومٍ لَهَا وَضِرَامِ |
وإنّ ابنَ إبْلِيسٍ وَإبْلِيسُ ألْبَنَا |
لَهُمْ بِعَذَابِ النّاسِ كُلَّ غُلامِ |
هُمَا تَفَلا في فيَّ مِنْ فَمَوَيْهِمَا، |
عَلى النّابِحِ العَاوِي أشَدُّ رِجَامِ |