لَعَمْرِي لَقَدْ كان ابنُ ثَوْرٍ لنَهشلٍ |
غَرُوراً، كمَا غَرّ السّلِيمَ تَمائِمُهْ |
فَدَلاّهُمُ، حَتى إذا ما تَذَبْذَبُوا |
بمَهْوَاةِ نِيقٍ أسْلَمَتْهُمْ سَلالمُهْ |
فأصْبَحَ مَنْ تَحْمي رُمَيْلَةُ وابنُها |
مُباحاً حِمَاهُ، مُسْتَحَلاًّ محَارِمُهْ |
وَمِثلُكَ قد أبْطَرْتُهُ قَدْرَ ذَرْعِهِ، |
إذا نَظَرَ الأقْوَامُ كَيْفَ أُرَاجِمُهْ |
فَمَنْ يَزْدَجِرْ طَيْرَ اليَمِينِ، فإنّما |
جَرَتْ لابن مَسعُودٍ يَزِيدَ أشائِمُهْ |
تَسَمّعْ وَأنْصِتْ يا يَزِيدُ مَقالَتي، |
وهَلْ أنتَ إنْ أفهَمتُكَ الحقَّ فاهِمُهْ |
أُنَبّئْكَ ما قدْ يَعلَمُ النّاسُ كلُّهمْ، |
وَما جاهلٌ شَيئاً كمَنْ هُوَ عالمُهْ |
ألَمْ تَرَ أنّا نَحْنُ أفْضَلُ مِنْكُمُ |
قَدِيماً، كما خَيرُ الجَناحِ قَوَادِمُهْ |
وَمَا زَالَ بَاني العِزّ مِنّا، وَبَيْتُهُ، |
وَفي النّاسِ باني بَيتٍ عَزٍّ وَهادِمُهْ |
قَديماً ورِثْنَاهُ على عَهْدِ تُبّعٍ |
طِوالاً سَوَارِيه شِداداً دَعَائِمُهْ |
وَكَمْ من أسيرٍ قد فكَكنا وَمن دَمٍ |
حَمَلنا إذا ما ضَجّ بالثّقْلِ غَارِمُهْ |
بَني نَهْشَلٍ لَنْ تُدرِكُوا بسِبابِكُم |
نَوَافَذَ قَوْلي حَيثُ غَبّتْ عَوَارِمُهْ |
مَتى تَكُ ضَيْفَ النّهشَليّ إذا شَتَا، |
تجِدْ ناقصَ المِقَرى خَبيثاً مَطاعمُهْ |
ألَمْ تَعْلَمَا يا ابْنيْ رَقَاشٍ بِأنّني |
إذا اختارَ حَرْبي مثلُكُمْ لا أسالمُهْ |
غَنِمْنَا فُقَيْماً، إذْ فُقَيْمٌ غَنِيمَةٌ، |
ألا كُلّ من عادَى الفُقَيميَّ غانِمُهْ |
فجِئْنا بهِ من أرْضِ بكْرِ بنِ وَائِلٍ، |
نَسُوقُ لصيرَ الأَنْفِ حُرْداً قَوادِمُهْ |
أَنَا الشَّاعِرُ الحَامِي حَقِيقَةَ قَوْمِهِ |
وَمِثْلي كَفَى الشّرَّ الّذي هوَ جارِمُهْ |
وَكُنتُ إذا عادَيتُ قَوْماً حَمَلْتُهُمْ |
على الجَمْرِ حتى يَحسِمَ الداءَ حاسمُهْ |
وَجَيْش رَبَعْنَاهُ، كَأنّ زُهاءَهُ |
شَمارِيخُ طَوْدٍ مُشمخرّ مَخارِمُهْ |
كَثيرِ الحَصَى جمِّ الوَغى بالغِ العِدَى، |
يُصِمّ السّمِيعَ رزُّهُ وَهَمَاهمُهْ |
لُهامٍ تَظَلّ الطّيرُ تأخُذُ وَسْطَهُ، |
تُقادُ إلى أرْضِ العَدُوّ سَوَاهِمُهْ |
مَطَوْنَا بِهِ حَتى كَأنّ جِيادَهُ |
نوىً خَلّقَنْهُ بالضُّرُوسِ عَوَاجمُهْ |
قَبَائِلُهُ شَتى، وَيَجْمَعُ بَيْنَها |
مِنَ الأمْرِ ما تُلْقَى إلَينا خَزَائِمُهْ |
إذا ما غَدا مِنْ مَنْزِلٍ سَهّلَتْ لَهُ |
سَنابِكُهُ صُمَّ الصُّوَى وَمَناسِمُهْ |
إذا وَرَدَ المَاءَ الرّوَاءَ تَظامَأتْ |
أوَائِلُهُ حتى يُمَاحَ عَيَالِمُهْ |
دَهَمنا بهمْ بكراً فأصْبَحَ سَبْيُهُمْ |
تُقَسَّمُ بِالأنْهَابِ فِينَا مَغانِمُهْ |
غَزَوْنَا بِهِ أرْضَ العَدُوّ، وَمَوّلَتْ |
صَعاليكَنَا أنْفالُهُ وَمَقاسِمُهْ |
وَعِندَ رَسُولِ الله، إذْ شَدّ قَبضَهُ، |
وَمُلِّىءَ مِنْ أسْرَى تَمِيمٍ أداهِمُهْ |
فَرَجْنا عَنِ الأسرَى الأداهِمْ بَعدَما |
تخَمّطَ، وَاشتَدّتْ عَلَيهمْ شكايمُهْ |
فَتِلْكَ مَسَاعِينا قَدِيماً وَسَعْيُنَا |
كَرِيمٌ، وَخَيرُ السّعي قِدْماً أكارِمُهْ |
مَساعيَ لمْ يُدْرِكْ فُقَيمٌ خِيَارَها، |
وَلا نَهْشَلٌ أحْجَارُهُ وَنَوايِمُهْ |