سَقَى أرْيِحَاءَ الغَيْثُ وَهي بَغِيضَةٌ |
إليّ وَلَكِنْ بي ليُسقَاهُ هَامُهَا |
مِنَ العَينِ مُنْحَلُّ العَزالي تَسُوقُهُ |
جَنُوبٌ بِأنْضَادٍ يَسُحّ رْكَامُهَا |
إذا أقْلَعَتْ عَنْهَا سَمَاءٌ مُلِحّةٌ |
تَبَعّجَ مِنْ أُخْرَى عَلَيْكَ غَمامُها |
فَبِتُّ بِدَيْرَيْ أرْيْحاءَ بِلَيْلَةٍ |
خُدارِيّةٍ، يُزْدادُ طُولاً تَمَامُهَا |
أُكَابدُ فيهَا نَفْس أقْرَبِ من مشَى |
أبُوهُ لِنَفْسٍ مَاتَ عَني نِيَامُهَا |
وَكَان إذا أرْضٌ رَأتْهُ تَزَيّلَتْ |
لِرُؤيَتِهِ صَحْرَاؤهَا وَإكَامُهَا |
تَرَى مَزِقَ السّرْبالِ فوْقَ سَمَيَدعٍ، |
يَدَاهُ لأيْتَامِ الشّتَاءِ طَعَامُهَا |
على مِثْلِ نَصْلِ السّيْفِ مزّق غمدَهُ |
مَضَارِبُ مِنْهُ، لا يُفَلّ حُسَامُهَا |
وَكَانَتْ حَيَاةَ الهَالِكِينَ يَمِينُهُ، |
وَللنِّيبِ والأبْطَالِ فيها سِمَامهَا |
وَكَانَتْ يَدَاهُ المِرْزَمَينِ، وَقِدْرُهُ |
طَوِيلاً بِأفْنَاءِ البُيُوتِ صِيَامُهَا |
تَفَرَّقُ عَنْهَا النّارُ، وَالنّابُ تَرْتمي |
بِأعْصَابِهَا أرْجَاؤهَا وَاهْتِزَامُهَا |
جِمَاعٌ يُؤدّي اللّيْلُ من كُلِّ جَانبٍ |
إلَيها إذا وَارَى الجِبَالَ ظَلامُهَا |
يَتَامَى على آثَارِ سُودٍ، كَأنّهَا |
رِئَالٌ دَعَاهَا للمَبِيتِ نَعَامُهَا |
لمَنْ أخْطَأتْهُ أرْيِحَاءُ لَقَدْ رَمَتْ |
فَتىً كَانَ حَلاّلَ الرّوَابي سِهَامُهَا |
لَئِنْ خَرّمَتْ عَني المَنَايَا مُحَمّداً، |
لَقَدْ كانَ أفنى الأوّلينَ اخْتِرَامُهَا |
فَتىً كَانَ لا يُبْلي الإزَارَ وَسَيْفُهُ |
بهِ للمَوَالي في التّرَابِ انْتِقَامُهَا |
فَتىً لمْ يَكُنْ يُدْعَى فَتىً ليس مثلَهُ |
إذا الرّيحُ ساقَ الشَّوْلَ شلاًّ جَهامُهَا |
فَتىً كَشهَابِ اللّيْلِ يَرْفَعُ نَارَهُ، |
إذا النّارُ أخْبَاها لَسارٍ ضِرَامُهَا |
وَكُنّا نَرَى مِنْ غَالِبٍ في مُحَمّدٍ |
خَلايِقَ يَعْلُو الفَاعِلِينَ جِسَامُهَا |
تَكَرُّمَهُ عَمَا يُعَيَّرُ، وَالقِرَى، |
إذا السّنَةُ الحَمْرَاءُ جَلّحَ عَامُهَا |
وَكَانَ حَيّاً للمُمْحِلِينَ وَعِصْمَةً، |
إذا السّنَةُ الشّهْبَاءُ حَلّ حَرَامُهَا |
وَقدْ كانَ مِتْعابَ المَطيّ على الوَجَا، |
وبَالسّيْفِ زَادُ المُرْمِلِينَ اعتِيامُهَا |
وَمَا مِنْ فَتىً كُنّا نَبِيعُ مُحَمّداً |
بهِ حينَ تَعْتَزّ الأُمُورُ عِظَامُهَا |
إذا مَا شِتَاءُ المَحْلِ أمسَى قد ارْتدى |
بمِثْلِ سَحِيقِ الأُرْجُوَانِ قتامُهَا |
أقُولُ إذا قَالُوا وَكَمْ منْ قَبِيلَةٍ |
حَوَالَيْكَ لمْ يُترَكْ عَلَيْها سِنَامُهَا |
أبَى ذِكْرَ سَوْرَات إذا حُلّتِ الحُبى، |
وَعندَ القِرَى، وَالأرْضُ بالٍ ثُمامُهَا |
سأبكيكَ ما كانَتْ بنَفْسِي حُشاشَةٌ، |
وَما دَبّ فوْقَ الأرْضِ يَمشِي أنامُهَا |
وَمَا لاحَ نَجْمٌ في السّمَاء، وَما دَعا |
حَمامَةَ أيْك فَوْقَ سَاق حَمامُهَا |
فَهلْ تَرْجِعُ النّفس التي قد تَفرّقَتْ |
حَياةُ صَدىً تَحتَ القُبُورِ عِظامُهَا |
وَليسَ بمَحْبُوسٍ عن النفس مُرْسلٌ |
إلَيها، إذا نَفْسٌ أتَاهَا حِمَامُهَا |
لَعمْرِي لَقَدْ سَلّمتُ لَوْ أنّ جِثَوةً |
عَلى جَدَثٍ رَدّ السّلامَ كَلامُها |
فَهَوّنَ وَجْدي أنْ كلّ أبي امرِىءٍ |
سَيُثكَلُ، أوْ يَلقاهُ مِنها لزَامُهَا |
وَقَدْ خَانَ مَا بَيْني وبَينَ مُحَمّدٍ |
لَيَالٍ وَأيّامٌ تَنَاءَى التِئَامُهَا |
كما خانَ دَلْوَ القَوْمِ إذْ يُستَقى بها |
من المَاءِ من مَتنِ الرِّشاءِ انجذامُهَا |
وَقَدْ تَرَكَ الأيّامُ لي بَعْدَ صَاحِبي |
إذا أظْلَمَتْ عَيْناً طَوِيلاً سِجامُهَا |
كَأنّ دَلُوحاً تَرْتَقَى في صُعُودِها، |
يُصِيبُ مَسِيلَيْ مُقْلَتَيّ سِلامُهَا |
على حُرّ خَدِّي مِنْ يَدَيْ ثَقَفِيّةٍ |
تَنَاثَرَ مِنْ إنْسَانِ عَيْني نِظامُهَا |
على حُرّ خَدِّي مِنْ يَدَيْ ثَقَفِيّةٍ |
تَنَاثَرَ مِنْ إنْسَانِ عَيْني نِظامُهَا |
لَعَمرِي لَقد عَوّرْتُ فَوْقَ مُحَمّدٍ |
قَلِيباً بِهِ عَنّا، طَويلاً مُقَامُهَا |
شَآمِيّةَ غَبْرَاءَ لا غُولَ غَيرُهَا، |
إلَيها مِنَ الدّنيا الغَرُورِ انْصِرَامُهَا |
فَلِلّهِ مَا اسْتَوْدَعْتُمُ قَعْرَ هُوّةٍ، |
وَمِنْ دُونِهِ أرْجَاؤهَا وَهُيَامُهَا |
بِغَوْرِيّةِ الشّأمِ التي قَدْ تَحُلّهَا |
تَنُوخُ، وَلَخْمٌ أهلُها وَجُذامُهَا |
وَقَدْ حَلّ داراً عَنْ بَنِيهِ مُحَمّدٌ |
بَطِيئاً، لمَنْ يَرْجُو اللّقَاءَ، لمَامُهَا |
وَمَا مِنْ فِرَاقٍ غَيرَ حَيْثُ رِكَابُنَا |
على القَبرِ مَحْبُوسٌ عَلَينا قِيامُهَا |
تُنَادِيهِ تَرْجُو أنْ يُجِيبَ وَقَدْ أتى |
من الأرْضِ أنضَادٌ عَلَيهِ سِلامُهَا |
وَقَدْ كَانَ مِمّا في خَليلَيْ مُحَمّدٍ |
شَمَائِلُ لا يُخشَى على الجارِ ذامُها |