إذا وَعَدَ الحَجّاجُ أوْ هَمَّ أسقَطَتْ |
مَخافَتُهُ مَا في بُطُونِ الحَوَامِلِ |
لَهُ صَوْلَةٌ مَنْ يُوقَهَا أنْ تُصِيبَهُ، |
يَعِشْ وَهُوَ منها مُستَخَفُّ الخَصائِلِ |
وَلمْ أرَ كالحَجّاجِ عَوْناً على التّقَى، |
وَلا طَالِباً يَوْماً طَرِيدَةَ تَابِلِ |
وَمَا أصْبَحَ الحَجّاجُ يَتْلُو رَعَيّةً |
بِسِيرَةٍ مُخْتَالٍ، وَلا مُتَضَائِلِ |
وكمْ من عَشِي العَيْنَينِ، أعمى فؤادُهُ |
أقَمْتَ وَذِي رَأسٍ عَنِ الحقّ مائلِ |
بسَيْفٍ بهِ لله تَضْربُ مَنْ عَصَى |
على قَصَرِ الأعناقِ فَوْق الكَواهلِ |
شَفَيتَ مِنَ الدّاءِ العِرَاقَ فَلمْ تَدَعْ |
بِهِ رِيبَةً بَعْدَ اصْطِفاقِ الزّلازِلِ |
وَكانُوا كَذِي داءٍ، أصَابَ شِفاءَهُ |
طَبيبٌ بهِ، تحتَ الشّراسيفِ داخِلِ |
كَوَى الدّاءَ بالمِكْوَاةِ حتى جَلا بِها |
عن القَلْبِ عَينيْ كلّ جِنّ وَخابِلِ |
وَكُنّا بأرْضٍ يا ابن يوسُفَ لمْ يكُنْ |
يُبَالي بهَا ما يَرْتَشِي كُلُّ عَامِلِ |
يَرَوْنَ إذا الخَصْمانِ جاءَا إلَيْهِمُ، |
أحَقَّهُمَا بالحَقّ أهْل الجَعائِلِ |
وَما تُبْتَغَى الحاجاتُ عندَكَ بالرُّشَى، |
ولا تُقْتَضى إلاّ بِما في الرّسائلِ |
رَسَائِلِ الأسْمَاءِ مَنْ يدعُه بهَا |
يَجِدْ خَيرَ مَسؤولٍ عَطاءً لِسائِلِ |
وَهُمْ لَيْلَةَ الأهْوَازِ حِينَ تَتابَعُوا |
وَهُمْ بجُنُودٍ مِنْ عَدُوٍّ وَخاذِلِ |
كَفاكَ بحَوْلٍ مِنْ عَزِيزٍ وَقُوّةٍ، |
وَأعطَى رِجالاً حَظَّهُمْ بالشّمائِلِ |
فأصْبَحتَ قد أبْرَأتَ ما في قُلُوبهِمْ |
مِنَ الغِشّ من أفناءِ تلكَ القَبائِلِ |
فَما النّاسُ إلاّ في سَبيلَينِ مِنهُمَا: |
سَبِيلٌ لحَقٍّ أوْ سَبِيلٌ لِبَاطِلِ |
فَجَرّدْ لهُمْ سَيْفَ الجِهادِ، فإنّما |
نُصِرْتَ بتَفْوِيضٍ إلى ذي الفَواضِلِ |
وَلا شَيءَ شَرٌّ مِنْ شَرِيرَةِ خَائِنٍ |
يجِيءُ بِهَا يَوْمَ ابْتِلاءِ المَحَاصِلِ |
هيَ العارُ في الدّنْيَا عَلَيْهِ، وَبَيْتُهُ |
بهَا يَوْمَ يَلْقَى الله شَرُّ المَداحِلِ |
أظُنُّ بَنَاتِ القَوْمِ كلَّ حَبِيّة |
سيَمنعنَ منهُمْ كلَّ وُدّ وَنائِلِ |
فَبَدَّلَهُمْ ما في العِيابِ، إذا انتَهْوا |
إليكُنّ، وَاستبْدَلن عَقْدَ المَحامِلِ |
سُيُوفَ نَعَامٍ غَيرَ أنّ لحَاهُمُ |
على ذَقَنِ الأحناكِ مِثلُ الفَلائِلِ |
عسَى أنْ يذُدن الناس عنكمْ إذا التقتْ |
أسَابيُّ مُجْرٍ للقِتَالِ وَنَازِلِ |
ومَا القَوْمُ إلاّ مَنْ يُطاعِنُ في الوَغى، |
وَيَضرِبُ رأس المُستَميتِ المُنازِلِ |
فِدىً لكَ أُمّي اجَعلْ علَيهمْ علامةً، |
وَحَرِّمْ عَلَيهِمْ صَالحاتِ الحَلائِلِ |
نُزَيِّلُ بَينَ المُؤمِنِينَ وَبَيْنَهُمْ، |
إذا دَخَلُوا الأسْوَاقَ وَسطَ المَحافلِ |
فَلا قَوْمَ شَرٌّ مِنهُمْ، غَيرَ أنّهُمْ |
تَظُنّهُمُ أمْثَال تُرْكٍ وَكَابُلِ |
تَرَى أعْيُنَ الهَلْكَى إلَيْهِ، كأنّها |
عُيُونُ الصّوَارِ حُوَّماً بِالمَنَاهِلِ |
يُرَاقِبْنَ فَيّاضاً، كَأنّ جِفَانَهُ |
جَوَابي زَرُودَ المُترَعاتُ العَدامِلِ |
وَقائِلَةٍ لي: ما فَعَلْتَ، إذا التَقَتْ |
وَرَاءَكَ أبْوَابُ المَنَايَا القَوَاتِلِ؟ |
فَقُلْتُ لها: ما بِاحْتِيَالٍ وَلا يَدٍ |
خَرَجْتُ مِنَ الغُمّى، ولا بالجَعائِلِ |
وَلكِنّ رَبّي رَبُّ يُونُسَ إذْ دَعا |
مِنَ الحُوتِ في موْجٍ من البحرِ سائلِ |
دعَا رَبَّهُ، والله أرْحَمْ مَنْ دَعَا، |
وَأدْناهُ مِنْ داعٍ دَعَا مُتضَائِلِ |
وَمَا بَيّنَ الأيّامَ إلاّ ابنُ لَيْلَةٍ |
رُكُوباً لهَا، وَالدّهرُ جَمُّ التَّلاتِلِ، |
لَهُ لَيْلَةُ البَيضَاءِ، إذْ أنا خَائِفٌ |
لذَنْبي، وَإذْ قَلْبي كَثِيرُ البَلابِلِ |
فَما حَيّةٌ يُرْقَى أشَدَّ شَكِيمَةً، |
ولا مِثْلَ هَذا مِنْ شَفيعٍ مُناضِلِ |
يَجِدُّ إذا الحَجّاجُ لانَ، وَإنْ يَخَفْ |
لَهُ غَضَباً يَضْرِبْ برِفْقِ المُحاولِ |