سَمَوْنَا لنَجْرَانِ اليَمَاني وَأهْلِهِ، |
وَنَجْرَانُ أرْضٌ لم تُدَيَّثْ مَقاوِلُهْ |
بمُخْتَلِفِ الأصْوَاتِ تَسْمَعُ وَسطَهُ |
كَرِزّ القَطَا لا يَفقَهُ الصّوْتَ قَائِلُهُ |
لَنا أمرُهُ لا تُعرَفُ البُلْقُ وَسْطَهُ، |
كَثِيرُ الوَغَى مِنْ كُلّ حيٍّ قَبائِلُهْ |
كَأنّ بَنَاتِ الحارِثِيّينَ وَسْطَهُمْ |
ظِبَاءُ صَرِيمٍ لمْ تُفَرَّجْ غَياطِلُهْ |
إذا حَانَ مِنْهُ مَنْزِلٌ أوْقَدَتْ بهِ |
لأخرَاهُ في أعْلى اليَفَاعِ أوَائِلُهْ |
تَظَلّ بِهِ الأرْضُ الفَضَاءُ مُعَضِّلاً، |
وَتَجْهَرُ أسْدَامَ المِيَاهِ قَوَابِلُهْ |
تَرَى عافِيَاتِ الطّيْرِ قَدْ وَثَّقَتْ لها |
بشِبعٍ من السَّخْلِ العِتاقِ مَنازِلُهْ |
إذا فَزَعُوا هَزُّوا لِوَاءَ ابنِ حابِسٍ، |
وَنَادَوْا كَرِيماً خِيمُهُ وَشَمَائِلُهُ |
سَعَى بِترِاتٍ للعَشِيرَةِ أدْرَكَتْ |
حَفيظةَ ذي فضْلٍ على مَن يُفاضِلُهْ |
فأدَرَكَها وَازْدادَ مَجداً وَرِفْعَةً |
وَخَيراً، وَأحظى النّاسِ بالخيرِ فاعِلُهْ |
أرَى أهلَ نَجَرانَ الكَوَاكبَ بالضّحى، |
وَأدْرَكَ فِيهِمْ كُلَّ وِتْرٍ يُحَاوِلُهْ |
وَصَبّحَ أهْل الجَوْفِ وَالجَوْفُ آمِنٌ |
بمِثْلِ الدَّبَا، والدّهْرُ جَمٌّ بَلابِلُهْ |
فَظَلّ على هَمْدانَ يَوْمٌ أتَاهُمُ |
بنَحسِ نُحوسٍ، ظُهرُهُ وَأصَائلُهْ |
وَكِنْدَةُ لمْ يَترُكْ لُهمْ ذا حَفِيظَةٍ، |
وَلا مَعْقِلاً إلاّ أُبِيحَتْ مَعاقِلُهْ |
وَأهْلَ حَبَوْنَا من مُرادٍ تَدارَكَتْ، |
وَجَرْماً بِوَادٍ خالَطَ البَحْرَ ساحِلُهْ |
صَبَحْناهُمُ الجُرْدَ الجِيَادَ، كَأنّها |
قَطاً أفْزَعَتْهُ يَوْمَ طَلٍّ أجَادِلُهْ |
إلا إنّ مِيرَاثَ الكُلَيْبيّ لابْنِهِ |
إذا مَاتَ رِبْقَا ثَلّةٍ وَحَبَائِلُهْ |
فَأقْبِلْ على رِبْقَيْ أبِيكَ فَإنّمَا |
لكُلّ امرِىءٍ مَا أوْرَثَتْهُ أوَائِلُهْ |
تَسَرْبَل ثَوْبَ اللّؤمِ في بَطْنِ أُمّهِ، |
ذِراعَاهُ مِنْ أشْهَادِهِ وَأنَامِلُهْ |
كمَا شَهِدَتْ أيْدي المَجُوسِ عليهمُ |
بأعمالِهمْ، وَالحَقُّ تَبدُو مَحاصِلُهْ |
عَجِبْتُ لِقَوْمٍ يَدّعُونَ إلى أبي، |
وَيَهْجُونَني، والدّهْرُ جَمٌّ مجَاهلُهْ |
فَقُلْتُ لَهُ: رُدّ الحِمَارَ، فَإنّهُ |
أبُوكَ لَئِيمٌ، رَأسُهُ وَجَحَافِلُهْ |
يَسِيلُ على شِدْقَيْ جَرِيرٍ لُعَابُهُ، |
كَشَلشالِ وَطْبٍ ما تجِفّ شَلاشِلُهْ |
ليَغْمِزَ عِزّاً عَسا عَظْمُ رَأسِهِ، |
قُراسِيَةً كالفَحَلِ يَصْرِفُ بَازِلُهْ |
بَنَاهُ لَنَا الأعْلى، فَطالَتْ فُرُوعُهُ، |
فأعْيَاكَ واشْتَدّتْ عَليَكَ أسافِلُهْ |
فلا هُوَ مُسْطِيعٌ أبُوكَ ارْتِقَاءَهُ؛ |
ولا أنتَ عمّا قَدْ بَنى الله عادِلُهْ |
فإنْ كُنْتَ تَرْجُو أن تُوَازِنَ دارِماً |
فَرُمْ حَضَناً فانظُرْ متى أنتَ نَاقِلُهْ |
وَأرْسَلَ يَرْجو ابنُ المَرَاغَةِ صُلحَنا، |
فُردّ وَلمْ تَرْجَعْ بنُجْحٍ رَسَائِلُهْ |
وَلاقَى شديدَ الدّرْءِ مُستحصِدَ القوَى |
تَفَرّقُ بالعِصْيَانِ عَنْهُ عَوَاذِلُهْ |
إلى كُلّ حَيٍّ قَدْ خَطَبْنَا بَناتِهِمْ، |
بأرْعَن مثْلِ الطّوْدِ جَمٍّ صَوَاهِلُهْ |
وَأنْتُمْ عَضَارِيطُ الخميسِ عَتادُكم، |
إذا ما غَدا، أرْبَاقُهُ وَحَبَائِلُهْ |
وإنّا لمَنّاعُونَ تحْتَ لِوَائِنَا |
حِمانا إذا ما عاذَ بِالسّيْفِ حامِلُهْ |
وَقالَتْ كُلَيْبٌ قَمِّشُوا لأخيكُمُ، |
فَفِرّوا بِهِ إنّ الفَرَزْدَقَ آكِلُهْ |
فَهَلْ أحَدٌ يا ابنَ المَرَاغَةِ هَارِبٌ |
مِنَ المَوْتِ، إنْ المَوْتَ لا بدّ نائلُهْ |
فإني أنَا المَوْتُ الّذِي هُوَ ذاهِبٌ |
بنَفْسِكَ فانظُرْ كَيْفَ أنتَ مُحاوِلُهْ |
أنا البَدرُ يُعشي طرْفَ عينيك فالتمس |
بكَفّيكَ يا ابنَ الكَلبِ هل أنت نائلُهْ |
أتَحسِبُ قَلبي خارجاً مِنْ حِجابِهِ، |
إذا دُفُّ عَبّادٍ أَرنّتْ جَلاجِلُهْ |
فقُلتُ، ولَمْ أمِلكْ، أمالِ بن مالِكٍ |
لأيّ بَني مَاءِ السّمَاءِ جَعائِلُهْ |
أفي قَمَليٍّ مِنْ كُلَيْبٍ هَجَوْتُهُ، |
أبُو جَهْضَمٍ تَغْلي عَليّ مَرَاجِلُهْ |
أحارِثُ دارِي مَرّتَينِ هَدَمْتَهَا، |
وَكنتَ ابن أُختٍ لا تُخافُ غَوَائِلُهْ |
وأنتَ امرُؤ بَطْحَاءُ مكّةَ لمْ يَزَلْ |
بِها منكُمُ مُعطي الجَزِيلِ وَفَاعِلُهْ |
فقُلْنَا لَهُ: لا تُشْمِتَنّ عَدُوَّنَا، |
ولا تَنسَ من أصْحابِنا مَن نُواصِلُهْ |
فَقَبْلَكَ ما أعْيَيْتُ كاسِرَ عَيْنِهِ |
زِيَاداً، فَلَمْ تَقْدِرْ عَليّ حَبَائِلُهْ |
فأقْسَمْتُ لا آتِيهِ سَبْعِينَ حِجّةً، |
وَلوْ نُشِرَتْ عينُ القُباعِ وَكَاهِلُهْ |
فَما كانَ شَيْءٌ كَانَ مِمّا نُجِنّهُ |
من الغِشّ إلاّ قَدْ أبانَتْ شَوَاكِلُهْ |
وَقُلْتُ لهُمْ: صَبراً كُلَيْبُ، فإنّهُ |
مَقَامُ كَظَاظٍ لا تَتِمّ حَوَامِلُهْ |
فإنْ تَهْدِمُوا دارِي، فإنّ أرُومَتي |
لها حَسَبٌ لا ابن المَرَاغَةِ نَائِلُهْ |
أبي حَسبٌ عَوْدٌ رَفِيعٌ وصَخْرَةٌ، |
إذا قُرِعَتْ لمْ تَستَطِعها مَعاوِلُهْ |
تَصَاغَرْتَ يا ابنَ الكَلْبِ لمّا رَأيْتَني |
مَعَ الشّمْسِ في صَعْبٍ عَزيزٍ مَعاقلُهْ |
وَقَدْ مُنِيَتْ مِني كُلَيبٌ بضَيغَمٍ |
ثَقِيلٍ، على الحُبلى جَرِيرٍ، كَلاكِلُهْ |
شَتِيمُ المُحَيّا، لا يُخَاتِلُ قرْنَهُ، |
وَلَكِنّهُ بالصَّحصَحانِ يُنَازِلهُ |
هِزَبْرٌ، هَرِيتُ الشّدْقِ، رِئبالُ غابةٍ، |
إذا سَارَ عَزّتْهُ يَداهُ وَكَاهِلُهْ |
عَزِيزٌ مِنَ اللاّئي يُنَازِلُ قِرْنَهُ، |
وَقَدْ ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ مَنْ يُنَازِلُهْ |
وَإنّ كُلَيْباً، إذْ أتَتْني بِعَبْدِها، |
كمَنّ غَرَّهُ حتى رأى المَوْتَ باطِلُهْ |
رَجَوْا أنْ يَرُدّوا عَنْ جَرِيرٍ بدرْعه |
نَوَافِذَ ما أرْمي، وَما أنَا قَائِلُهْ |
عَجِبْتُ لرَاعي الضّأنِ في حُطَمِيّةٍ، |
وفي الدّرْعِ عَبدٌ قد أُصِيبَتْ مَقاتِلُهْ |
وَهَل تَلبسُ الحُبلى السّلاحَ وَبَطنُها |
إذا انتَطقَتْ عِبْءٌ عَلَيها تُعادِلُهْ |
أفَاخَ وَألقَى الدّرْعَ عَنهُ، وَلمْ أكُنْ |
لأُلْقيَ دِرْعي مِنْ كَمِيٍّ أُقاتِلُهْ |
ألَسْتَ تُرَى يا ابن المَرَاغَةِ صَامِتاً |
لمَا أنْتَ في أضْعافِ بَطْنِكَ حامِلُهْ |
وَقَدْ عَلِمَ الأقوَامُ حَوْلي وَحَوْلكمْ |
بَني الكَلْبِ أني رَأسُ عِزٍّ وَكاهِلُهْ |
ألمْ تَعْلَمُوا أني ابنُ صَاحبِ صَوْأرٍ، |
وَعِنْدِي حُسَاما سَيفِهِ وَحَمَائِلُهْ |
تَرَكْنا جَرِيراً وَهوَ في السّوقِ حابسٌ |
عَطِيّةَ، هَلْ يَلقَى بهِ مَنْ يُبادِلُهْ |
فقَالُوا لَهُ رُدّ الحِمَارَ، فَإنّهُ |
أبُوكَ لَئِيمٌ رَأسُهُ وجَحَافِلُهْ |
وَأنتَ حَريصٌ أنْ يَكونَ مُجاشعٌ |
أباكَ، ولكنّ ابنَهُ عَنكَ شَاغِلُهْ |
وَمَا ألْبَسُوهُ الدّرْعَ حتى تَزَيّلَتْ |
من الخِزْيِ دُونَ الجِلدِ منه مَفاصِلُهْ |
وَهَلْ كانَ إلاّ ثعْلَباً رَاضَ نَفْسَهُ |
بَموْجٍ تَسَامَى، كالجِبالِ، مَجاوِلُهْ |
ضَغَا ضَغَوةً في البَحرِ لمّا تَغَطْمَطَتْ |
عَلَيْهِ أعَالي مَوْجِهِ وَأسَافِلُهْ |
فَأصْبَحَ مَطْرُوحاً ورَاءَ غُثَائِهِ، |
بحَيثُ التَقى من ناجخِ البَحرِ ساحِلُهْ |
وَهَلْ أنْتَ إنْ فاتَتكَ مَسعاةُ دارِمٍ |
وَمَا قَدْ بَنى، آتٍ كُلَيْباً فَقاتِلُهْ |
وَقَالُوا لِعَبّادٍ أغِثْنَا، وَقَدْ رَأوْا |
شَآبِيبَ مَوْتٍ يُقْطِرُ السّمَّ وَابِلُهْ |
وَمَا عِنْدَ عَبّادٍ لهُمْ من كَرِيهَتي |
رَوَاحٌ إذا ما الشرُّ عَضّتْ رَجَائِلُهْ |
فَخَرْتَ بِشَيْخٍ لمْ يَلِدْكَ وَدُونَهُ |
أبٌ لَكَ تُخفي شَخَصَهُ وَتُضَائِلُهْ |
فَلِلّهِ عِرْضِي، إنْ جَعَلْتُ كَرِيمَتي |
إلى صَاحِبِ المِعْزَى المُوَقَّعِ كاهِلُهْ |
جَبَاناً، وَلمْ يَعْقِدْ لِسَيْفٍ حِمالَةً، |
وَلكِنْ عِصَامُ القِرْبَتَينِ حَمائِلُهْ |
يَظَلّ إلَيهِ الجَحشُ يَنهَقُ إن عَلَتْ |
بهِ الرّيحُ مِنْ عِرْفان مَنْ لا يُزَايلُهْ |
لَهُ عانَةٌ أعْفَاؤهَا آلِفَاتُهُ، |
حُمُولَتُهُ مِنْهَا وَمِنْهَا حَلائِلُهْ |
مَوَقَّعَةٌ أكْتَافُهَا، مِنْ رُكُوبِهِ، |
وَتُعْرَفُ بالكَاذاتِ، مِنها مَنَازِلُهْ |
ألا تَدّعي إنْ كانَ قَوْمُكَ لمْ تَجِدْ |
كَرِيماً لَهُمْ، إلاّ لَئيماً أوائِلُهْ |
ألا تَفْتَرِي إذْ لمْ تَجِدْ لكَ مَفخَراً، |
ألا رُبّمَا يَجْرِي مَعَ الحَقّ بَاطِلُهْ |
فَتَحْمَدَ ما فِيهِمْ، وَلوْ كنتَ كاذِباً، |
فيَسْمَعَهُ، يا ابنَ المَرَاغَةِ، جاهلُهْ |
وَلكنْ تَدَعّى مَنْ سَواهُمْ إذا رَمَى |
إلى الغرَضِ الأقصَى البَعِيدِ مُناضِلُهْ |
فتَعْلَمُ أنْ لَوْ كنتَ خَيراً عَلَيِهمُ، |
كَذَبْتَ، وَأخزَاكَ الذي أنتَ قائِلُهْ |
تَعاطَ مكانَ النّجمِ، إنْ كنتَ طالباً |
بَني دارِمٍ، فانْظُرْ مَتى أنتَ نائلُهْ |
فَلَلنّجْمُ أدْنَى مِنْهُمُ أنْ تَنَالَهُ |
عَلَيْكَ فأصْلحْ زَرْبَ ما أنتَ آبِلُهْ |
ألمْ يَكُ مِمّا يُرْعِدُ النّاسَ أنْ ترَى |
كُلَيْباً تَغَنّى بِابْنِ لَيلى، تُنَاضِلُهْ |
أبي مالِكٌ، مَا مِنْ أبٍ تَعرِفُونَهُ |
لكمْ دونَ أعرَاقِ التّرَابِ يُعادِلُهْ |
عَجِبْتُ إلى خَلْقِ الكُلَيْبيّ عُلّقتْ |
يَداهُ، وَلمْ تَشْتَدّ قَبْضاً أنَامِلُهْ |
فَدُونَكَ هَذِي، فَانْتَقِضْها، فإنّها |
شَدِيدُ قوَى أمْرَاسِها وَمَوَاصِلُهْ |