وكوم تنعم الأضياف عينا الفرزدق

وَكُومٍ تَنْعَمُ الأضْيَافُ عَيْناً،

وَتُصْبِحُ في مَبَارِكِها ثِقالا

حُوَاسَاتِ العِشَاءِ خُبَعْثَنَاتٍ

إذا النّكْبَاءُ رَاوَحَتِ الشَّمَالا

كَأنّ فِصَالَها حَبَشٌ جِعَادٌ،

تُخَالُ على مَبَارِكِهَا جِفَالا

لأكْلَفَ أُمُّهُ دَهْمَاءُ مِنْهَا،

كَأنّ عَلَيْهِ مِنْ جَلَدٍ جِلالا

أرِقْتُ، فَلَمْ أنَمْ لَيْلاً طَوِيلاً،

أُرَاقِبُ هَلْ أرَى النّسْرَينِ زَالا

فأرّقَني نَوَايِبُ مِنْ هُمومٍ

عَلَيّ، وَلَمْ يَكُنْ أمْرِي عِيَالا

وَكَانَ قِرَى الهُمُومِ، إذا اعْتَرَتْني

زَمَاعاً، لا أُرِيدُ بِهِ بدَالا

فَعادَلْتُ المَسَالِكَ نِصْفَ حَوْلٍ،

وَحَوْلاً بَعْدَهُ حَتى أحَالا

فَقَالَ لِيَ الّذِي يَعْنِيهِ شَأني،

نَصِيحَةَ قَوْلِهِ سِرّاً، وَقَالا

عَلَيْكَ بَني أُمَيّةَ، فَاسْتَجِرْهُمْ،

وَخُذْ مِنْهُمْ لِمَا تَخْشَى حِبَالا

فَإن بَني أُمَيّةَ في قُرَيْشٍ،

بَنَوا لِبُيُوتِهِمْ عَمَداً طِوَالا

فَرَوّحْتُ القَلُوصَ إلى سَعِيدٍ،

إذا مَا الشّاةُ في الأرْطَاةِ قَالا

تَخَطّى الحَرّةَ الرّجْلاءَ لَيْلاً،

وَتَقْطَعُ في مَخَارِمِهَا نِعَالا

حَلفَتُ بِمَنْ أتَى كَنَفَيْ حِرَاءٍ،

وَمَنْ وَافَى بِحُجّتِهِ إلالا

إذا رَفَعُوا سَمِعْتَ لَهُمْ عَجِيجاً،

عَجيجَ مُحَلِّىءٍ نَعَماً نِهالا

وَمَنْ سَمَك السّمَاءَ لَهُ فَقامَتْ،

وَسَخّرَ لابنِ داوُدَ الشَّمَالا

وَمَنْ نَجّى مِنَ الغَمَرَاتِ نُوحاً،

وَأرْسَى في مَواضِعِها الجِبَالا

لَئْنْ عافَيْتَني وَنَظَرْتَ حِلْمي

لأعْتَتِنَنْ إنِ الحَدَثَانُ آلا

إلَيْكَ فَرَرْتُ مِنْكَ وَمِنْ زِيَادٍ،

وَلَمْ أحْسِبْ دَمي لَكُمَا حَلالا

وَلَكِنّي هَجَوْتُ، وَقَدْ هَجَتْني

مَعاشِرُ قَدْ رَضَخْتُ لَهمْ سِجَالا

فإنْ يَكُنِ الهِجَاءُ أحَلّ قَتْلي،

فَقَدْ قُلْنَا لِشَاعِرِهِمْ، وَقَالا

وَإنْ تَكُ في الهِجَاءِ تُرِيدُ قَتْلي،

فَلَمْ تُدْرِكْ لِمُنْتَصِرٍ مَقَالا

ترَى الشُّمَّ الجَحاجِحَ مِنْ قُرَيْشٍ

إذا مَا الأمْرُ في الحَدَثَانِ عَالا

بَني عَمّ الرّسُولِ ورَهْطَ عَمْروٍ،

وَعُثْمَانَ الّذِينَ عَلَوْا فَعَالا

قِيَاماً يَنْظُرُون إلى سَعِيدٍ،

كَأنّهُمُ يَرَوْنَ بِهِ هِلالا

ضَرُوبٍ للقَوانِسِ، غَيْرِ هِدٍّ،

إذا خَطَرَتْ مَسَوَّمَةً رِعَالا