رَأيْتُ نَوَارَ قَدْ جَعَلَتْ تَجَنّى،
|
وَتُكْثِرُ لي المَلامَةَ وَالعِتَابَا
|
وَأحْدَثُ عَهْدِ وُدّكَ بِالْغَوَاني
|
إذا مَا رَأسُ طَالِبِهِنّ شَابَا
|
فَلا أسْطِيعُ رَدَّ الشّيْبِ عَنّي،
|
وَلا أرْجُو مع الكِبَرِ الشّبَابَا
|
فَلَيْتَ الشّيْبَ يَوْمَ غَدَا عَلَيْنَا
|
إلى يَوْمِ القِيَامَةِ كَانَ غَابَا
|
فَكَانَ أحَبَّ مُنْتَظَرٍ إلَيْنَا،
|
وَأبْغَضَ غَائِبٍ يُرْجَى إيَابَا
|
فَلَمْ أرَ كَالشّبَابِ مَتَاعَ دُنْيَا؛
|
وَلمْ أرَ مِثْلَ كِسْوَتِهِ ثِيَابَا
|
وَلَوْ أنّ الشّبَابَ يُذَابُ يَوْماً
|
بِهِ حَجَرٌ مِنَ الجَبَلَينِ، ذَابَا
|
فَإني يَا نَوارَ أبَى بَلائي
|
وَقَوْمي في المَقَامَةِ أنْ أُعَابَا
|
هُمُ رَفَعُوا يَدَيّ فَلَمْ تَنَلْني
|
مُفَاضَلَةً يَدَانِ، وَلا سِبَابَا
|
ضَبَرْتُ مِنَ المِئينَ وَجَرّبَتْني
|
مَعَدٌّ أُحْرِزُ القُحَمَ الرِّغَابَا
|
بِمُطّلِعِ الرّهَانِ، إذا تَرَاخَى
|
لَهُ أمَدٌ، ألَحّ بِهِ وَثَابَا
|
أمِيرَ المُؤمِنينَ، وَقَدْ بَلَوْنَا
|
أُمُورَكَ كُلَّهَا رُشْداً صَوَابَا
|
تَعَلّمْ إنّمَا الحَجّاجُ سَيْفٌ،
|
تَجُذّ بِهِ الجَمَاجِمَ وَالرّقَابَا
|
هُوَ السّيْفُ الذي نَصَرَ ابنَ أرْوَى
|
بِهِ مَرْوَانُ عُثْمَانَ المُصَابَا
|
إذا ذَكَرَتْ عُيُونُهُمُ ابنَ أرْوَى
|
وَيَوْمَ الدّارِ أسْهَلَتِ انْسِكَابَا
|
عَشِيّةَ يَدْخُلُونَ بِغَيرِ إذْنٍ
|
على مُتَوَكِّلٍ وَفّى، وَطَابَا
|
خَلِيلِ مُحَمّدٍ وَإمَامِ حَقٍّ،
|
وَرَابعِ خَيرِ مَنْ وَطِىءَ التَرَابَا
|
فَلَيْسَ بِزَايِلٍ للحَرْبِ مِنهُمْ
|
شِهَابٌ، يُطْفِئُونَ بِهِ شِهَابَا
|
بِهِ تُبْنى مَكَارِمُهُمْ، وَتُمرَى
|
إذا مَا كانَ دِرّتُها اعْتِصَابَا
|
وَخَاضِبِ لحيَةٍ غَدَرَتْ وَخَانَتْ،
|
جَعَلْتَ لِشَيْبِهَا دَمَهُ خِضَابَا
|
وَمُلْحَمَةٍ شَهِدْتَ لَيَوْمِ بأسٍ،
|
تَزِيدُ المَرْءَ للأجَلِ اقْتِرَابا
|
تَرَى القَلَعِيَّ وَالمَاذِيَّ فِيهَا
|
على الأبْطالِ يَلْتَهِبُ التِهَابَا
|
شَدخْتَ رُؤوسَ فِتيَتها فداخَتْ،
|
وَأبْصَرَ مَنْ تَرَبّصَهَا فَتَابَا
|
رَأيْتُكَ حِينَ تَعْتَرِكُ المَنَايَا،
|
إذا المَرْعُوبُ للغَمَرَاتِ هَابَا
|
وَأذْلَقَهُ النّفَاقُ، وَكَادَ مِنْهُ
|
وَجيبُ القَلبِ يَنْتَزِعُ الحِجَابَا
|
تَهونُ عَلَيكَ نَفسُكَ وَهوَ أدْنى
|
لِنَفْسِكَ، عِندَ خالِقِها، ثَوَابَا
|
فمَنْ يمنُنْ علَيكَ النّصرَ يكذِبْ،
|
سِوى الله الذي رَفَعَ السّحَابَا
|
تَفَرّدَ بِالبَلاءِ عَلَيْكَ رَبٌّ،
|
إذَا نَاداهُ مُخْتَشِعٌ أجَابَا
|
وَلَوْ أنّ الذي كَشّفْتَ عَنْهُمْ
|
مِنَ الفِتَنِ البَلِيّةَ وَالعَذَابَا
|
جَزَوْكَ بها نُفُوسَهُمُ وَزَادُوا
|
لَكَ الأمْوَالَ، ما بَلَغُوا الثّوَابَا
|
فَإني وَالّذِي نَحَرَتْ قُرَيْشٌ
|
لَهُ بمِنىً، وَأضْمَرَتِ الرّكَابَا
|
إلَيْه مُلَبَّدِينَ، وَهُنّ خُوصٌ،
|
لِيَسْتَلِمُوا الأوَاسِيَ وَالحِجَابَا
|
لَقدْ أصْبَحَتُ منكَ عَليّ فَضْلٌ،
|
كَفَضْلِ الغَيْثِ يَنفَعُ مَن أصَابَا
|
وَلَوْ أني بِصينِ اسْتَانَ أهْلي،
|
وَقَدْ أغلَقْتُ من هَجْرَينِ بَابَا
|
عَليّ رَأيْتُ، يا ابنَ أبي عَقيِلٍ،
|
وَرَائي مِنْكَ أظْفَاراً وَنَابَا
|
فَعفْوُكَ، يا ابن يوسفَ، خيرُ عفوٍ،
|
وَأنْتَ أشدُّ مُنْتَقِمٍ عِقَابَا
|
رَأيْتُ النّاسَ قَدْ خافُوكَ حَتى
|
خَشُوا بيديكَ، أوْ فرَقوا، الحِسابَا
|