يَقُولُ الأطِبّاءُ المُداوُونَ إذ خَشوا |
عَوَارِضَ مِنْ أدْوَاءِ داءٍ يُصِيبُهَا |
وَظَبْيَةُ دائي، وَالشّفَاءُ لِقَاؤهَا، |
وَهَلْ أنَا مَدْعُوٌّ لِنَفْسِي طَبيبُها |
وَكُومٍ مَهَارِيسِ العَشَاءِ مُرَاحَةٍ |
عَلَيْنَا أتَاهَا بَعْدَ هَدْءٍ خَبيبُها |
محَا كُلَّ مَعرُوفٍ منَ الدّارِ بَعْدَنَا |
دَوَالِحُ رَوْحَاتِ الصَّبَا وَجَنوبُها |
وكائِنْ أتَتْهَا للشَّمَالِ هَدِيّةٌ |
منَ التُّرْبِ من أنْقاءِ وَهْبٍ غرِيبُها |
وَثِقْتُ إذا لاقَتْ بِلالاً مَطِيّتي، |
لهَا بالغِنى إنْ لمْ تُصِبْها شَعُوبُها |
تَمَطّتْ بِرَحْلي وَهْيَ رَهْبٌ رَذِيّةٌ |
إلَيْكَ مِنَ الدَّهْنا أتاكَ خَبيبُها |
فَما يَهتَدي بالعَينِ مِنْ نَاظِرٍ بهَا، |
وَلَكِنّمَا تَهْدِي العُيُونَ قُلُوبُها |
وكانَتْ قَناةُ الدِّينِ عَوْجَاءَ عندنا، |
فَجاءَ بِلالٌ فاستَقامَتْ كُعُوبُها |
فَلَمّا رَأوْا سَيْفَيْ بِلالٍ تَفَرّقَتْ |
شَياطِينُ أقْوَامٍ وَمَاتَتْ ذُنُوبُها |
فَكَمْ مِنْ عَدُوٍّ يا بِلالُ خَسأتَهُ |
فأغْضَتْ لَهُ عَينٌ على مَا يَرِيبُها |
رَأيْتُ بِلالاً يَشْتَرِي بِتِلادِهِ |
مَكَارِمَ أخْلاقٍ عِظَامٍ رَغِيبُها |
وَيَوْمٍ تُرَى جَوْزَاؤهُ قَد كَفَيتَهُ |
بِطَعْنٍ وَضَرْبٍ حينَ ثَابَ عَكوبُها |
أبَتْ لِبِلالٍ عُصْبَةٌ أشْعَرِيّةٌ، |
إذا فَزِعَتْ كانَتْ سَرِيعاً رُكُوبُها |
سَرِيعٌ إلى كَفّيْ بِلالٍ، إذا دَعَا، |
مِنَ اليَمَنِ الشُّبّانُ مِنها وَشِيبُها |
وَما دَعَوةٌ تَدْعو بِلالاً إلى القِرَى |
وَلا الطّعْنِ يَوْمَ الرّوْعِ إلاّ يُجيبُها |
سَرِيعٌ إلى هَذِي وَهَذِي قِيَامُهُ، |
إذا صَدَقَتْ نَفْس الجَبَانِ كَذوبُها |
كَما كان يَستَحيِي أبُوهُ إذا دَعَا |
لَهُ مُستَغيثٌ حِينَ هَرَّ كَليبُها |
يَكُرّ وَرَاءَ المُسْتَغيثِ إذا دَعَا |
بِنَفْسٍ وَقُورٍ لا يُخافُ وَجِيبُها |
من القَوْمِ يَستَحمي إذا حَمِس الوَغى |
لهاماتِ كُلاّحِ الرّجَالِ ضَرُوبُها |
وَجَدْنا لَكُمْ دَلْواً شَديداً رِشاؤها، |
تَضِيمُ دِلاءَ المُسْتَقينَ ذَنُوبُها |