رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ يَرْفَعُ مُلْكَهُمْ |
مُلُوكٌ شَبابٌ، كالأسُودِ، وَشِيبُها |
بِهِمْ جَمَعَ الله الصّلاةَ فَأصْبَحَتْ |
قد اجتَمَعتْ بعدَ اختلافٍ شُعوبُها |
وَمَنْ وَرِثَ العُودَينِ وَالخاتَمَ الّذي |
لَهُ المُلكُ وَالأرْضُ الفَضَاءُ رَحيبُها |
وكانَ لَهُمْ حَبلٌ قَدِ استكرَبوا بِهِ |
عَرَاقيَ دَلْوٍ كانَ فاضَ ذَنُوبُها |
على الأرْضِ من يَنهَزْ بها من ملوكِهمْ |
يَفِضْ كالفَراتِ الجَوْنِ عفواً قليبُها |
تُرَدّدُني بَينَ المَدِينَةِ وَالّتي |
إلَيْها قُلُوبُ النّاسِ يَهْوِي مُنيبُها |
هي القَرْيَةُ الأولى التي كُلُّ قَرْيَةٍ |
لهَا وَلَدٌ يَنْمي إلَيْها مُجيبُها |
هُدُوءاً رِكابي لا تَزَالُ نَجيبَة، |
إلى رَجُلٍ مُلْقىً، تَحِنّ سُلُوبُها |
وَلمْ يَلْقَ ما لاقَيْتَ إلاّ صَحَابَتي، |
وَإلاّ رِكَابٌ لا يُرَاحُ لُغُوبُها |
أتَتْكَ بِقَوْمٍ لمْ يَدَعْ سَارِحاً لَهُمْ |
تَتابُعُ أعْوامٍ ألَحّتْ جُدُوبُها |
وَخَوْقَاءِ أرْضٍ مِنْ بَعيِدٍ رَمَتْ بنا |
إليكَ مع الصُّهبِ المهارِي سُهُوبُها |
بِمْتّخذينَ اللّيْلَ فَوْقَ رِحَالِهمْ |
بها جَبَلاً قَد كانَ مَشْياً خَبيبُها |
إلَيْكَ بِأنْضَاءٍ عَلى كُلّ نِضْوَةٍ |
نَجيبَتُها قَدْ أُدْرِجَتْ وَنَجيبُها |
رأيتُ عُرَى الأحقابِ والغُرَضَ التقتْ |
إلى فُلْفُلِ الأَطْبَاءِ مِنها دُؤوبُها |
كَأنّ الخَلايَا فَوْقَ كُلّ ضَرِيرَةٍ |
تُخَطِّمُهُ في دَوْسَرِ المَاءِ نِيبُها |
أقُولُ لأصْحَابي وَقَدْ صَدقَتْهُمُ، |
مِنَ الأنْفُسِ اللاتي جَزِعن كَذوبُها |
عَسَى بيَدَيْ خَيرِ البَرِيّةِ تَنْجَلي |
مِنَ الَّلزَبَاتِ الغُبْرِ عَنّا خُطوبُها |
إذا ذُكّرَتْ نفسي ابنَ مرْوَان صَاحبي |
ومَرْوَانَ فاضَتْ ماءَ عَيني غُرُوبُها |
هُمَا مَنَعاني، إذْ فَرَرْتُ إلَيْهِمَا، |
كَما مَنَعَتْ أرْوَى الهِضَابِ لُهُوبُها |
فما رِمْتُ حتى ماتَ مَنْ كنتُ خائفاً، |
وَطُومن مِن نفسِ الفَرُوقِ وَجيبُها |
وَهَلْ دَعْوَتي من بَعد مرْوَانَ وَابْنِهِ |
لَها أحَدٌ، إذْ فَارَقَاها، يُجِيبُها |
وَكُنتُ إذا ما خِفْتُ أوْ كُنتُ رَاغِباً |
كَفاني مِنْ أيْديهِما لي رَغِيبُها |
بِأخْلاقِ أيْدِي المُطْعَمِينَ إذا الصبَّا |
تَصَبّبَ قُرّاً غَيرَ مَاءٍ صَبِيبُها |
رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ إذْ شُقّتِ العَصَا |
وَهَرّ مِنَ الحَرْبِ العَوَانِ كَليبُها |
شَفَوْا ثائرَ المَظلومِ وَاستَمسكَتْ بِهم |
أكُفُّ رِجالٍ رُدّ قَسْراً شَغُوبُها |
وَرِثْتَ، إلى أخلاقِهِ، عَاجِلَ القِرَى، |
وَضَرْبَ عَرَاقيبِ المتالي شَبُوبُها |
رَأيْتَ بَني مَرْوَانَ ثَبّتَ مُلْكَهُمْ |
مَشُورَةُ حَقٍّ كانَ مِنْها قَرِيبُها |
جَزى الله خَيراً مِنْ خَليفَةِ أُمّةٍ، |
إذا الرّيحُ هَبّتْ بَعد نَوْءٍ جَنوبُها |
كَفَى أُمّةَ الأمّيّ كُلَّ مُلِحّةٍ |
منَ الدّهرِ مَحذورٍ عَلَينا شَصِيبُها |
عَستْ هَذِه الَّلأْواءُ تَطْرُدُ كَرْبَها |
عَلَيْنَا سَماءٌ مِنْ هِشَامٍ تُصيبُهاَ |
كَما كانَ أرْوَى إذْ أتَاهُمْ بِأهْلِهِ |
حُطَيئَةُ عَبْسٍ من قُرَيْعٍ ذَنُوبُها |
فهَبْ لي سَجلاً من سجالك يُرْوِني |
وَأهْلي إذا الأوْرَادُ طالَ لُؤوبُها |
وكَمْ أنعَمْتْ كَفّا هِشامٍ على امرِىءٍ |
لَهُ نِعْمَة خَضْرَاء ما يَسْتَثيبُها |