أبَا حَاتِمٍ! مَا حَاتِمٌ في زَمَانهِ، |
وَلا النّيلُ تَرْمي بالسّفِينِ غَوَارِبُهْ |
بأجوَدَ عندَ الجُودِ مِنكَ، وَلا الّذي |
عَلا بِغُثَاءٍ سُورَ عَانَةَ غَارِبُهْ |
يَدَاكَ يَدٌ يُعْطي الجَزِيلَ فَعَالُها، |
وَأُخْرَى بها تَسْقي دَماً مَن تُحارِبُهْ |
وَلَوْ عُدّ ما أعْطَيتَ من كلّ قَيْنَةٍ، |
وَأجْرَدَ خِنْذِيذٍ طِوَالٍ ذَوَائِبُهْ |
لِيعْلَمَ ما أحْصَاهُ فِيمَنْ أشَعْتَهُ |
جَميعاً إلى يَوْمِ القِيامَةِ حَاسِبُهْ |
وَأنْتَ امْرُؤٌ لا نَايِلُ اليَوْمِ مَانِعٌ |
مِنَ المالِ شَيئاً في غَد أنتَ وَاهبُهْ |
وَمَا عَدّ ذُو فَضْلٍ عَلى أهْلِ نعمةٍ |
كفَضْلكَ عندي حينَ عبّتْ عوَاقبُهْ |
تَداركَني من خالِدٍ بَعدَمَا التَقَتْ |
وَرَاءَ يَدي أنْيَابُهُ وَمَخَالِبُهْ |
وَكمْ أدركَتْ أسبابَ حَبلكَ من رَدٍ |
على زَمَنٍ بَاداكَ وَالموْتُ كارِبُهْ |
مَدَدْتَ لَهُ مِنْها قُوىً حينَ نَالَها |
تَنَفَّسَ في رَوْحٍ وَأسْهَلَ جَانِبُهْ |
وَثَغْرٍ تَحَامَاهُ العَدُوُّ كَأنّهُ |
مِنَ الخَوْفِ ثَأرٌ لا تَنَامُ مَقَانِبُهْ |
وَقَوْم يَهُزّونَ الرّمَاحَ بِمُلْتَقىً، |
أسَاوِرُهُ مَرْهُوبَةٌ وَمَرَازِبُهْ |
تَرَى بِثَنَايَاهُ الطّلايِعَ تَلْتَقي |
على كلّ سامي الطَّرْفِ ضَافٍ سبايبُه |
كَأنّ نَسَا عُرْقُوبِهِ مُتَحَرِّفٌ، |
إذا لاحَهُ المِضْمَارُ وانضَمّ حَالِبُهْ |
لَهُ نَسَبٌ بَينَ العَناجيجِ يَلْتَقي |
إلى كُلّ مَعرُوفٍ من الخيلِ ناسبُهْ |
ركِبتُ لَهُ سَهلَ الأمورِ وَحَزْنَهَا |
بِذي مِرّةٍ حَتى أُذِلّتْ مَرَاكِبُهْ |