ألا حَبّذا البَيْتُ الّذي أنْتَ هايِبُهْ، |
تَزُورُ بُيُوتاً حَوْلَهُ، وَتُجَانِبُهْ |
تُجانِبُهُ مِنْ غَيرِ هَجْرٍ لأهْلِهِ، |
وَلَكِنّ عَيْناً مِنْ عَدُوٍّ تُرَاقِبُهْ |
أرَى الدّهْرَ، أيّامُ المَشِيبِ أمَرُّهُ |
عَلَيْنا، وأيّامُ الشّبابِ أطَايِبُهْ |
وَفي الشّيْبِ لَذّاتٌ وَقُرّةُ أعْيُنٍ |
وَمِنْ قَبْلِهِ عَيْشٌ تَعَلّلَ جادبُهْ |
إذا نازَلَ الشّيْبُ الشّبابَ فأصْلَتَا |
بسَيْفَيهِما، فالشَّيبُ لا بدّ غالِبُهْ |
فَيَا خَيْرَ مَهْزُومٍ وَيَا شَرّ هَازِمٍ، |
إذا الشّيْبُ رَاقَتْ للشّبَابِ كَتايُبهْ |
وَلَيْسَ شَبابٌ بَعْدَ شَيْبٍ برَاجعٍ |
يَدَ الدّهْرِ حتى يَرْجعَ الدَّرَّ حالِبُهْ |
وَمَنْ يَتَخَمّطْ بالمَظالِمِ قَوْمَهُ، |
وَلَوْ كَرُمَتْ فيهم وَعزّتْ مضَارِبُهْ |
يُخَدَّشْ بأظْفَارِ العَشِيرَةِ خَدُّهُ، |
وَتُجْرَحْ رُكوباً صَفْحتاهُ وَغارِبُهْ |
وإنّ ابنَ عَمّ المَرْءِ عِزّ ابنِ عَمّهِ، |
مَتى ما يَهِجْ لا يَحلُ للقَوْمِ جانبُهْ |
وَرُبّ ابنِ عَمٍّ حاضِرِ الشرّ خَيرُهُ |
مَع النجمِ من حيثُ استقلّتْ كواكبُهْ |
فلا ما نَأى مِنهُ مِنَ الشّرّ نَازِحٌ، |
ولا ما دَنَا مِنْهُ مِنَ الخَيرِ جالِبُهْ |
فَما المَرْءُ مَنْفُوعاً بتَجرِيبِ وَاعظٍ، |
إذا لم تَعِظْهُ نَفسُهُ وَتَجَارِبُهْ |
ولا خَيرَ ما لمْ يَنْفَعِ الغُصْنُ أصْلَهُ؛ |
وَإنْ ماتَ لمْ تَحزَنْ عَليهِ أقارِبُهْ |