إنْ يُظْعِنِ الشّيْبُ الشّبابَ فقد تُرَى
|
لَهُ لِمّةٌ لَمْ يُرْمَ عَنْها غُرَابُهَا
|
لَئنْ أصْبَحَتْ نَفسي تُجيبُ لطال ما
|
أقَرّتْ بعَيْني أنْ يُغِيمَ سَحابُهَا
|
وَأصْبَحتُ مِثْلَ النّسْرِ أصْبَحَ وَاقِعاً
|
وَأفْنَاهُ مِنْ كَرّ اللّيَالي ذَهابُهَا
|
وَمايِرَةِ الأعْضَادِ قَد أجهَضَتْ لها
|
نَتِيجَ خِداجٍ وَهْيَ نَاجٍ هَبابُهَا
|
تَعالَلْتُهَا بالسّوْطِ بَعْدَ التِياثِها،
|
بمُقْوَرّةِ الأعْلام يَطْفُو سَرَابُهَا
|
فقلت لها: زوري بلالاً فإنه
|
إلَيْهِ من الحَاجَاتِ تُنْضى ركابها
|
حَلَفْتُ، وَمَنْ يَأثَمْ فَإنّ يَمينَهُ
|
إذا أثِمَتْ لاقِيهِ مِنْهَا عَذابُها
|
لئِنْ بَلَّ لي أرْضِي بِلالٌ بِدَفْقَةٍ
|
منَ الغَيثِ في يُمنى يدَيهِ انسِكابُها
|
أكُنْ كالّذي صَابَ الحَيا أرْضهُ التي
|
سَقاها وَقَد كانَتْ جَدِيباً جَنَابُها
|
فأصْبَحَ قَدْ رَوّاهُ من كُلّ جانِبٍ
|
لَهُ مَطَرَاتٌ مُسْتَهِلٌّ رَبَابُها
|
فَتىً تَقْصُرُ الفِتْيانُ دُونَ فَعالِهِ،
|
وكانَ بِهِ للحَرْبِ يخبو شهابها
|
هُوَ المشتري بالسيف أفضَلَ ما غلا
|
إذا مارحى الحرب استَدَرّ ضِرَابُها
|
أبَى لِبِلالٍ أنّ كَفّيْهِ فِيهِمَا
|
حَيا الأرْض يسقي كلَّ مَحلٍ حَبابُها
|
هُوَ ابنُ أبي مُوسى الذي كانَ عِنْدَه
|
لحاجَاتِ أصْحابِ الرّسُول كِتابُها
|
رَأيْتُ بِلالاً إذْ جَرَى جاءَ سابِقاً،
|
وَذَلّتْ بِهِ للحَرْبِ قَسْراً صِعابُها
|
بهِ يَطْمَئِنّ الخَائِفُونَ وَغَيْثُهُ
|
بِهِ مِنْ بِلادِ المَحْلِ يَحْيا تُرَابُها
|
أبَيْتَ على النّاهِيكَ إلاّ تَدَفّقاً،
|
كما انهَلّ من نَوْءِ الثّرَيّا سَحابُها
|
رَحَلْتُ مِنَ الدَّهْنَا إلَيْكَ وَبَيْنَنا
|
فَلاةٌ وَأنْيَاهٌ تَعَاوَى ذِئَابُها
|
لألْقَاكَ، وَاللاّقِيكَ يَعْلَمُ أنّهُ
|
سَيَمْلأُ كَفّيْ سَاعِدَيْهِ ثَوَابُها
|
نَمَاكَ أبُو مُوسَى أبُوكَ كَما نَمَى
|
وُعُولاً بِأعْلى صَاحَتَينِ هِضَابُها
|
وكُلُّ يَمَانٍ أنْتَ جُنّتُهُ الّتي
|
بِهَا تُتّقَى لِلْحَرْبِ إذْ فُرّ نَابُها
|
وَأنْتَ امْرُوءٌ تُعْطي يَمينُكَ ما غَلا،
|
وَإنْ عاقَبَتْ كانَتْ شَديداً عِقابُها
|