أمسى فؤادك ذا شجون مقصدا، جرير

أمسَى فُؤادُكَ ذا شُجُونٍ مُقْصَدَا،

لَوْ أنّ قَلْبَكَ يَسْتَطيعُ تَجَلُّدَا

هَاج الفُؤادُ بذي كَريبٍ دِمنَة ً،

أوْ بالأفاقة ِ منزلٌ منْ مهددا

أفَمَا يَزَالُ يَهِيجُ منْكَ صَبَابَة ً

نُؤيٌ يُحالِفُ خَالِداتٍ رُكدَا

خبرتُ أهلكِ أصعدوا منْ ذي الصفا

سَقْياً لِذَلِكَ مِنْ فَرِيقٍ أصْعَدَا

و عرفتُ بينهمُ فهاجَ صبابة ً

صَوْتُ الحَمَامِ، إذا الهَديلُ تَغَرّدَا

علقتها عرضاً ويلفى سرها

منمى الأنوقِ بيضها أو أبعدا

تشجى خلاخلها خدالٌ فعمة ٌ

و ترى السوارَ تزينهُ والمعضدا

مَنَعَ الزّيَارَة َ وَالحديثَ إلَيْكُمُ

غيرَ أن حربَ دونكمْ فاستأسدا

باعَدْنَ أنّ وِصالَهُنّ خِلابَة ٌ،

و لقدْ جمعنَ معَ البعادِ تحقدا

أنْكَرْنَ عَهْدَكَ بَعْدَمَا عَرّفْنَهُ

وَفقَدنَ ذا القصَبَ الغُدافَ الأسوَدَا

وَإذا الشّيُوخُ تَعَرّضُوا لمَوَدّة ٍ،

قلنَ الترابُ لكلَّ شيخٍ أدردا

تَلْقى َ الفَتَاة ُ مِنَ الشّيُوخِ بَلِيّة ً،

إنَّ البلية َ كلُّ شيخٍ أفندا

و تقولْ عاذلة ٌ رخيٌّ بالها

ما بالُ نومكَ لا يزالُ مسهدا

لوْ تعلمينَ هما داخلا

هماً طوارقهُ منعنَ المرقدا

و كأنَّ ركبكَ والمهاري تفتلي

هاجُوا مِنَ الأدَمَى النّعامَ الأُبّدَا

و العيسُ تنتعلُ الظلالَ كأنها

نبعتْ أخادعها الكحيلَ المعقدا

يعلونَ في صدرٍ ووردٍ باكرٍ

أُمَّ الطّرِيقِ إذا الطّرِيقُ تَبَدّدَا

تَنْفي حَصَى القَذَفَاتِ عَنْ عَادِيّة ٍ

وَتَرى َ مَنَاحِيَهُ تَشُقّ القَرْدَدَا

وَيَلُوحُ في قُبْلِ النّجَادِ إذا انْتَحى َ

نَهْجاً يَضُرّ بِكُلّ رَعْنٍ أقْودَا

يا ابنَ الخَليفَة ِ، يا مُعَاوِيَ، إنّني

أرجو فضولكَ فاتخذ عندي يدا

إنّا لَنَأمُلُ منك سَيبْاً عَاجِلاً

يا ابنَ الخَليفَة ِ ثمّ نَرْجُوكُمْ غَدَا

آبَاؤكَ المُتَخَيَّرُونَ، أُولُو النُّهى َ،

يا ابن الخَضَارِمِ يُترِعُونَ المِرْفَدَا

وَجَدُوا مُعَاوِيَة َ، المُبارَكَ عَزْمُهُ،

صلبَ القناة ِ عن المحارمِ مذودا

لَمّا تَوَجّهَ بِالجُنُودِ، وأدْرَبُوا،

لاقى َ الأيَامِنَ يَتّبِعْنَ الأسْعُدَا

يَلْقى َ العَدُوَّ على الثّغُورِ جِيادُهُ،

أبدأنَ ثمَّ ثنينَ فيها عودا

لا زَالَ مُلْكُكُمُ، وَأنْتُمْ أهْلُهُ،

وَالنّصرُ ما خَلَدَ الجِبالُ مُخَلَّدَا

إنّ امَرَأً كَبَتَ العَدُو، وَيَبْتَني

فينا المحامدَ حقهُ أنْ يحمدا

أخزى الذي سمكَ السماءَ عدوكمْ

وَوَرَى بغَيظِكُمُ الصّدُورَ الحُسّدَا

وَإذا جَرَرْتَ إلى العَدُوّ كَتَائِباً،

رَعَبَتْ مَخافَتُكَ القُلوبَ الصُّدّدَا

أمّا العَدُوّ فَقَدْ أبَحْتَ دِيارَهُمْ

و تركتَ أمنعَ كلَّ حصنٍ مبلدا

فَتَحَ الإلَهُ عَلى يَدَيْكَ برَغْمِهِمْ

وَمَلأتَ أرضَهُمُ حَرِيقاً مُوقَدَا

و لقدْ أبحتَ منَ العقابِ منازلاً

نَرْجُو بِذَلِك أنْ تَنَالَ الفَرْقَدَا

و لقدْ جمعتَ حماية ً وتكرماً

منْ غارَ يعلمهُ ومنْ قدْ أنجدا

لَمّا رَأتْكَ عَلى العُقَابِ مُلُوكُهُمْ

ألقوا سلاحهمُ وخروا سجدا

عاداتُ خيلكَ أنْ يبتنَ عوابساً

بِالدّارِعِينَ، وَلا تَرَاهَا رُوَّدَا

مَا إنْ نَزَلْتَ بِمُشْرِكيِنَ برَبّهِمْ

إلاّ تَرَكْتَ عَظِيمَهُمُ مُسْتَعبَدَا

كانَ ابن سِيسَنَ طاغِياً فَرَدَدْتَهُ

رِخْوَ الأخادِعِ في الكُبُولِ مُقيَّدَا

أبْلى مُعاوِيَة ُ البَلاءَ، وَلم يَزَلْ

مَيْمُونَ مَنْقَبَة ٍ تَرَاهُ مُسَدَّدَا