عيسى المعروف بأبي قريش

قال إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسة قال أخبرني يوحنا بن ماسويه أن أبا قريش كان صيدلانياً يجلس على موضع نحو باب قصر الخليفة، وكان ديناً صالحاً في نفسه، وأن الخيزران جارية المهدي وجهت بمائها مع جارية لها إلى الطبيب، فخرجت الجارية من القصر فأرت أبا قريش الماء فقال لها هذا ماء امرأة حبلى بغلام، فرجعت الجارية بالبشارة، فقالت لها ارجعي إليه واستقصي المسألة عليه، فرجعت فقالت لها ما قلت لك حق، ولكن لي عليك البشرى، فقالت كم تريدين البشرى؟ قال جامة فالوذج وخلعة سنية فقالت لها إن كان هذا حقاً فقد سقت إلى نفسك خير الدنيا ونعيمها، وانصرفت، فلما كان بعد أربعين يوماً أحست الخيزران بالحمل فوجهت ببدرة دراهم وكتمت الخبر عن المهدي، فلما مضت الأيام ولدت موسى أخا هارون الرشيد، فعند ذلك أعلمت المهدي وقالت له إن طبيباً على الباب أخبر بهذا منذ تسعة أشهر، وبلغ الخبر جورجس بن جبرائيل فقال كذب ومخرقة، فغضبت له الخيزران وأمرت فاتخذ بين يديها مائة خوان فالوذج، ووجهت بذلك إليه مع مائة ثوب، وفرس بسرجه ولجامه، وما مضى بعد ذلك إلا قليل حتى حبلت بأخيه هارون الرشيد، فقال جورجس للمهدي جرب أنت هذا الطبيب فوجه إليه بالماء فلما نظر إليه قال هذا ماء ابنتي أم موسى وهي حبلى بغلام آخر، فرجعت الرسالة بذلك إلى المهدي وأثبت اليوم عنده، فلما مضت الأيام ولدت هارون، فوجه المهدي إلى أبي قريش فأحضره وأقيم بين يديه، فلم يزل يطرح عليه الخلع وبدر الدنانير والدراهم حتى علت رأسه، وسير هارون وموسى في حجره، وكناه أبا قريش أي أبا العرب، وقال لجورجس هذا شيء أنا بنفسي جربته، فصار أبو قريش نظير جرجس بن جبرائيل بل أكبر منه، حتى تقدمه في المرتبة، وتوفي المهدي واستخلف هارون الرشيد، وتوفي جرجس وسار ابنه تبع أبي قريش في خدمة الرشيد، ومات أبو قريش وخلف اثنين وعشرين ألف دينار مع نعمة سنية.

المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء



يوحنا بن ماسويه
هارون الرشيد
المهدي